أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

الرقابة القضائية على الحكم التحكيمي

من اعداد :   طلبة ماستر  المهن القانونية والقضائية بتطوان الفوج الثاني .





   مقــدمـــة :

مع تشعب العلاقات واختلاف مصالحها وأهدافها، ظهرت العديد من المشكلات نتيجة لهذه العلاقات، فكان لابد من استحداث أساليب جديدة لفض هذه المشكلات، بما يتناسب مع هذا التطور السريع وبما يحقق العدالة السريعة التي يتطلبها هذا النوع من المعاملات، ومع عدم مسايرة القوانين الوطنية عن مواكبة هذا التطور السريع، بالإضافة إلى عدم تفهم قضائها للأعراف والعادات التي أصبحت تحكم هذه العلاقات فقد أدى ذلك إلى ظهور ما يسمى بنظام التحكيم كأسلوب من أساليب فض المنازعات بالطرق السلمية بعيدا عن القضاء العادي، وذلك باختيار أطراف النزاع حكما يحكم بينهم فيما تنازعوا فيه فيصير حكمه ملزما لهم باترا لأوجه النزاع. فالتحكيم كما هو معروف نظام مركب ذو طبيعة مزدوجة ، فهو عمل اتفاقي في مصدره ، اذ يستمد المحكم سلطاته من ارادة الأطراف هذا من جانب ، وهو قضائي في وظيفته، فالمحكم على الرغم من أنه ليس بقاض الا أنه يقوم بذات الوظيفة المنوط بالقاضي القيام بها الا وهي امكانية تنفيذه ، وايضا مدى تمتع هذا الحكم بقوة اثبات امام الغير.

وبانتشار نظام التحكيم كأسلوب من أساليب فض المنازعات بالطرق السلمية، ظهرت الحاجة إلى توحيد قواعده الإجرائية والموضوعية، حتى لا يكون هناك تضارب بين الأحكام، ومن هنا ظهرت محاولات الأمم المتحدة لتوحيد هذه القواعد فصدر منها ما يعرف بقواعد “اليونسترال” « UNCITRAL LAW » والقانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي” MODEL LAW ” ، فأقرت معظم الدول تلك القواعد وعملت على تضمينها في قوانينها الوطنية، حتى أصبحت هذه القواعد جزء هاما في شرائعها.

كما ظهر أيضا ما يسمى بالهيئات أو المراكز الدولية للتحكيم، والتي ساعدت كثيرا على التأكيد على هذه القواعد الدولية، وذلك إما بتضمينها في نظامها الداخلي بحيث تطبق على كافة التحكيمات المعروضة عليها، وإما بإضافة بعض المبادئ القانونية والأعراف الدولية المستخلصة من تطبيق هذه القواعد من الناحية العملية، حتى أصبحت تلك القواعد تمثل الشريعة العامة للتحكيم على المستوى الدولي والمحلي.

والمغرب كغيره من الدول يعمل بنظام التحكيم خصوصا في المواد المدنية والتجارية وذلك من خلال توقيعه على اتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري والتي أقرها مجلس وزراء العدل العرب في دورته الخامسة بالقرار رقم 80/ د 5 بتاريخ 14 أبريل 1987، كما أصدر قانونا يحمل رقم 05-08 بتاريخ 6 دجنبر 2007 الذي يقضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية لكي يكون بمثابة قانون منفرد للتحكيم في المغرب يطبق على كافة المنازعات، مهيئا بذلك المجال أمام الأفراد المدنيين والمستثمرين على السواء في الداخل أو الخارج الاستفادة من نصوص هذا القانون، لحل منازعاتهم بطريقة سهلة وسريعة تواكب روح التطور العصري في تنوع أساليب فض المنازعات بالطرق السلمية.

يلعب القضاء دورا مهما في مساعدة التحكيم، فرغم أن هذا الأخير مؤسسة مستقلة عن القضاء لا من حيث الاجراءات المتابعة أمامه، ولا من حيث قدرة المحكم على تسيير الخصومة التحكيمية ، الا أنه  يبقى المحكم قاضيا من نوع خاص يفتقد الى سلطة الاجبار والالزام في مواجهة الاطراف وكذا في مواجهة الأغيار، مما يعني أن تدخل القضاء الذي تستأثر الدولة بتنظيمه أمر حتمي لا بد منه ليس فقط من اجل تشكيل الهيئة التحكيمية ، حالة عدم اتفاق الأطراف على اختيار المحكم ، بل ان قضاء الدولة في تفعيل ومساعدة الهيئة التحكيمية ينسحب على المراحل التحكيمية كلها ، سواء قبل بدء اجراءات التحكيم أو أثناءها أو بعد صدور الحكم التحكيمي ،ولعل من أهمها سلطة القضاء باتخاذ الاجراءات الوقتية والتحفظية ، حيث لا مناص من لجوء الاطراف الى قضاء الدولة لاتخاذ اجراء وقتي أو تحفظي ، على اعتبار انه لا توجد أي جهة دون القضاء لتوفير الحماية الوقتية و كذا تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية .

ونظرا للأهمية التي بات يحتلها نظام التحكيم تتبادر إلى الذهن مجموعة من التساؤلات تشكل في مجموعها، إشكالية الموضوع لعل أهمها ما يلي:

ما حدود تدخل القضاء في عملية التحكيم ككل ؟ و ما هي أوجه الرقابة التي يمارسها على الحكم التحكيمي ؟

 ثم هل استطاع القضاء فعلا تحقيق رقابة فعالة على هذا الحكم ؟

للإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها إرتاينا تقسيم موضوعنا هذا إلى مبحثين وذلك على النحو التالي:

المبحث الأول : تدخل القضاء في تذييل الصعوبات قبل تشكيل الهيئة التحكيمية

المبحث الثاني : رقابة القضاء على تنفيذ الحكم التحكيمي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول : تدخل القضاء في تذييل الصعوبات قبل تشكيل الهيئة التحكيمية

إن التحكيم كمؤسسة اختيارية تقوم على مبدأ سلطان الإرادة في كل مراحلها، يجعلها بشكل أو بأخر خاضعة لإرادة هؤلاء الأطراف مما يتولد عنه أحيانا نشوب نزاعات وخلافات حول تشكيل هيئة التحكيم أو استبدال المحكمين أو تجريحهم، وهنا لا يصح أن يعمل التحكيم نفسه في مثل هذه الأمور وإنما تكون الوصاية للقضاء ليعمل فيها، وعليه فالقضاء يتدخل في مسطرة التحكيم (المطلب الأول) وفي البت في اصدار الاوامر الوقتية والتحفظية وكذا توفير وسائل الاثبات ( المطلب الثاني ).

المطلب الأول :فعالية تدخل القضاء في مسطرة التحكيم

 

تتكون الهيئة التحكيمية حسب الفصل 312 من قانون المسطرة المدنية من محكم منفرد أو مجموعة من المحكمين، واستنادا لمقتضيات هذا الفصل يمكن تعريف الهيئة التحكيمية بأنها هيئة مكونة من شخص أو عدة أشخاص ذاتيين بقصد الفصل في نزاع ناشب بين أطراف اتفاق التحكيم، وهي هيئة مستقلة ومؤقتة تحل بمجرد انتهاء المهمة التي انتدبت لأجلها.فلمسألة اختيار المحكمين أهمية كبيرة لقيام التحكيم وتشكيل الهيئة التحكيمية، ويستند اختيار المحكمين بالدرجة الأولى على إرادة الأفراد مما يترك الباب مراجا لتقارب هذه الإرادات أحيانا حول شخص محكم دون آخر مما يستدعي التدخل لحسم النزاع، بيد أن هذا التدخل يتمحور حول تدخل القضاء في تعيين الهيئة التحكيمية (الفقرة الأولى) وحالة تجريح هذه الهيئة (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : المسطرة القضائية لتعيين الهيئة التحكيمية                    

أولا :اختلاف الأطراف حول اختيار المحكم:

إن المشرع المغربي كغيره من التشريعات بات يأخذ هو الأخر في تشكيل الهيئة التحكيمية بنظام المحكم الفرد أو تعدد المحكمين، ويتعين ذكر أسماء المحكمين في وثيقة التحكيم وهو أمر عند مخالفته يعرض عقد التحكيم للبطلان بنص المادة 317 ق.م.م، ومن ثم فإن تشكيل واختيار الهيئة التحكيمية يخضع لإرادة الأطراف وفقا لمبادئ سلطان الإرادة، إلا أن هذا المبدأ ليس على إطلاقه بل إن المشرع وضع حدودا له تتجلى في حالة اختلاف الأطراف على تعيين المحكم حيث يتم اللجوء لرئيس المحكمة الذي سيذيل الحكم التحكيمي بالقوة التنفيذية من أجل تعيين المحكم(الفصل 5 / 327 من ق.م.م.)، ونشير هنا إلى أن المحكمة التي تعين المحكم ينعقد لها الاختصاص في جميع إجراءات الخصومة التحكيمية [1].

إلا أن مسألة اختيار المحكمين بعد نشوب النزاع، تظل فكرة نسبية جدا بل وتفرغ التحكيم من محتواه القانوني، لأنه وببساطة من النادر أن يتفق الأطراف بعد نشوب النزاع بينهم [2].

وفي نفس السياق دائما فإن المحكمة المختصة بالإشراف على الخصومة التحكيمية هي رئيس المحكمة التجارية أو الابتدائية حسب طبيعة النزاع، والتي تشرف أيضا على تعيين المحكم القضائي بطلب ممن له المصلحة في ذلك بمعنى آخر الشخص الذي يرغب في إجراء مسطرة التحكيم شريطة توفر شروط التقاضي من مصلحة وأهلية وصفة كما يشرط أن تتوفر في المقال جميع الشروط   المتعلقة بالمقال الافتتاحي وفق نص الفصل 32 من ق.م.م. تحت طائلة عدم القبول [3].

هذا بالنسبة للخلاف حول تحديد المحكم الواحد، أما في حالة تعدد هؤلاء المحكمين فإن الأمر يختلف حيث يمكن التمييز في هذا الصدد بين حالة عدم قيام الأطراف بتعيين محكميهم وفي هذه الحالة يجوز للطرف المتضرر اللجوء للمحكمة المختصة لتعيين المحكمين عن الطرف الرافض لتعيين محكمين من جانبه أما الحالة الثانية   فتتمثل في قيام الأطراف بتعيين محكميهم وفي هذه الحالة يقوم هؤلاء   بتعيين المحكم المرجح والمحقق للإجماع بيد أن هذا الأمر بات متجاوزا في ظل انتشار التحكيم المؤسسي الذي تضطلع به المحاكم المتخصصة كالمركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط ومركز التوفيق والتحكيم التجاري بمراكش وغيرها من المراكز الوطنية والدولية الأخرى.

ثانيا : التدخل القضائي لوجود خلاف في الإجراءات التحكيمية:

 قد يثور نزاع بين الأطراف حول تحديد مدة معينة لاختيار المحكم أو اشتراط أن يكون المحكم من جنسية معينة وفي هذه الحالة يتم اللجوء للمحكمة للفصل في النزاع، هذا الأخير غالبا ما يكون نتيجة غموض في الألفاظ التي يستعملها الأطراف بسبب نقص خبرتهم ودرايتهم في هذا الميدان، ومن أجل تجاوز مثل هذه المشاكل عمدت مجموعة من التشريعات إلى هيكلة مجال التحكيم بصفة عامة وتحديد المصطلحات منها المشرع السعودي الذي اشترط عرض اتفاق التحكيم على القضاء قبل العملية التحكيمية، وذلك باعتماد وثيقة التحكيم والمصادقة عليها وصدور قرار قضائي مستقلا يتضمن موضوع النزاع وأسماء الخصوم والمحكمين.

كما يتسع نطاق تدخل القضاء ليشمل الإجراءات والأسس المتعلقة بتعيين المحكمين وكذلك إضطلاع المحكمة مهمة اختيار المحكمين في حالة عدم قيام الغير المعين من الأطراف بهذه المهمة، ونشير هنا إلى أن مجالات تدخل القضاء مرتبطة باختلاف الأطراف حول اختيار المحكمين أو إجراءات هذا الاختيار أما في حالة اتفاقهم فلا مسوغ لتدخل القضاء في الإجراءات التحكيمية [4].

مما سبق نخلص إلى أن تدخل القضاء في تشكيل الهيئة التحكمية يستدعي توافر مجموعة من الضوابط لعل أهمها وجود نزاع بين الخصوم حول اختيار المحكمين وهو ما يعني توفر المصلحة في طلب الأمر من القضاء بالتدخل، أضف إلى ذلك ضرورة صدور قرارات المحكمة على وجه السرعة وهو ما يكرس خصوصية وميزة التحكيم من حيث السرعة في البت في النزاعات علاوة على ذلك فقد ذهبت جل التشريعات إلى إقرار مبدأ عدم قابلية قرار المحكمة باختيار المحكمين للطعن ومنها التشريع المغربي في قانون 08-05 في مادته 327-04 وهو نفس المقتضى الذي أكده المشرع المصري في المادة 17 من القانون رقم 27 لسنة 1994 وكذلك المشرع السعودي وذلك تحقيقا لمبدأ السرعة المتطلبة في التحكيم كمؤسسة بديلة لحل النزاعات .

الفقرة الثانية: تجريح الهيئة التحكيمية  والياته

       لقد رسم القانون للمحكم ما رسمه للقاضي بصدد حماية مظهر الحياد الذي يجب أن يتحلى به، وإذا كان ـ كقاعدة عامةـ يتطلب من القاضي غير ما يتطلب من المحكم لأن الأول يحمي مظهر العدالة باسم الدولة. بينما الآخر يحمي أساسا الحياد في نطاق[5] الخصومة القائمة أمامه وبما أن القاضي والمحكم يشتركان في التمسك بالمبادئ الأساسية للتقاضي, وتأسيسا على ذلك يجب على المحكم الابتعاد عن كل ما يمس بحياده واستقلاله[6] الأمر الذي يحتم علينا التعرض لمعالجة مفهوم التجريح بالنسبة للمحكمين  والياته.

أولا - مفهوم تجريح المحكمين:

لم يتعرض المشرع المغربي لحالات تجريح المحكمين, بل اكتفى بإمكانية تجريحهم لسبب نشأ بعد التعيين مما يعنى استبعاد السبب الذي كان موجودا قبل تعيين المحكم وكان الطرف الذي يتمسك به على علم به [7]. ويتضح  ذلك من خلال الفصل 7-327 من قانون 05/08 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية حيث ينص على أنه: "يتعين على المحكم الذي يعلم بوجود أحد أسباب التجريح في نفسه أن يشعر الأطراف بذلك وفي هذه الحالة لا يجوز له قبول مهمته إلا بعد موافقة الأطراف" إلا أن الفصل 323 من نفس القانون حصر أسباب التجريح في تسع حالات منها:" إذا كانت له ـ المحكم ـ ولزوجه أو لأصوله أو لفروعه مصلحة شخصية مباشرة أو غير مباشرة في النزاع أو كانت قرابة أمصاهرة ..."

فتجريح المحكمين وردت بشأنه عدة تعاريف في أوساط الفقه, فمنها ما يقصد برد المحكم أن يعبر أحد الأطراف خصومة التحكيم عن إرادته طبقا لإجراءات معينة في عدم لامتثال أمام محكم معين في قضية معينة لتوافر أحد الأسباب التي حددها القانون وطبقا للشروط التي رسمها[8].

ذلك أن المشرع المغربي أخذ بإعمال نفس أحكام تجريح القضاة ويتعين تبعا لسكوت المشرع عن بيان أسباب التجريح الاخذ بها , فبالرجوع إلى مسطرة تجريح القضاة حيث نجد أنه إذا تعلق الأمر بقاض محكمة ابتدائية يرفع طلب التجريح إلى محكمة الاستئناف لكن الأسباب المبررة لتدخل محكمة الاستئناف باعتبارها أعلى درجة بالنسبة للقاضي المطلوب تجريحه لا تنطبق على تجريح المحكم، وبالتالي يمكن القول أن المحكمة الابتدائية هي المختصة بدلا عن المحكمة الاستئنافية في تجريح محكم ما [9]

لكن بحدوث القانون الجديد أي القانون 05/08 يكون المشرع قد تلافى بعض النقض الذي كان يشوب أو يعترى مسار التحكيم وما يترتب عن ذلك من تجريح للمحكمين، هذا ويختص رئيس المحكمة بالبت في الصعوبات الناتجة عن تجريح أو عزل المحكمين بأمر رئيسي غير قابل للطعن في إطار مسطرة تواجهية  الفصل 8/327 من قانون 05/08 

ذلك أن الهدف من تدخل القضاء هو تشكيل هيئة التحكيم أو استكمال النقص فيها أو وضع حل للمحكمة التي تتعرض تشكيلها وعندما يقوم القضاء بتعيين الحالات التي يسمح له فيها القانون بذلك. فإنه يجب أن تتوافر في الحكم الذي يعينه الشروط التي يتطلبها القانون والتي اتفق عليها الأطراف [10]

ثانيا : آليات تجريح المحكمين:

       يرى أحد الفقهاء أن طلب المحكم أو تجريحه ليس له شكل خاص وبالتالي يمكن أن يتم عن طريق تقرير أو عريضة دعوى، أو طلب شرط أن يعلن وإذا كانت المحكمة قد انتهت إلى جواز الرد عن طريق الطلب أو التقرير فإنها قد وصلت إلى نتيجة سليمة وإن كانت أسبابها القانونية غير صحيحة [11]بينما يرى جانب آخر من الفقهاء أن الإجراءات الواجبة الإتباع في نظر الخصومة بطلب الرد أو عدم الصلاحية أو في الطعن في الحكم الصادر منها هي الإجراءات العامة والمعتادة لرفع الدعوى معتبرا طلب الرد يقدم بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى [12].

ذلك أن طلب الرد أو التجريح بالنسبة للحكم أو المحكمين يوجب إيقاف إجراءات التحكيم شأنها شأن توقيف الخصومة أمام القاضي المطلوب رده وهو ما فضله أغلب الفقهاء من عدم السير في خصومة التحكيم لحين الفصل في طلب الرد من قبل المحكمة المختصة لعدة اعتبارات منها: 

©    أنه لن يستغرق الفصل في طلب رد المحكمين وقتا طويلا تخشى معه إطالة أمد الفصل في الدعوى.

©    توفير الجهد والمال الذي يبذل في حال الاستمرار في الإجراءات ، والتي قد يصدر حكم التحكيم خلالها ومن تم تلغى من قبل المحكمة المختصة استنادا إلى حكم رد المحكم وهو ما سيحدث أضرارا بالغة لجميع أطراف خصومة التحكيم[13] وقد نحا القضاء المغربي في هذا الصدد المنحى نفسه من خلال قرار صادر من محكمة الاستئناف بالدار البيضاء رقم 1559 / 93 بتاريخ 1 / 08 / 1995حيث اعتبر أن تجريح المحكم يترتب عليه توقف الخصومة إلى حين الفصل في طلب التجريح وأن هذا الوقف يتم دون حاجة لحكم يقضى بذلك, كما يوقف الميعاد المقرر للتحكيم إلى حين البت في طلب التجريح بحكم نهائي، وأن صدور مقرر تحكيمي من هيئة تحكيم شارك فيها محكم تم تجريحه بمقتضى حكم أصبح نهائيا يجعله باطلا لا يمكن تصحيحه بحضور الخصوم أمامه أو الإدلاء بطلبات موضوعية .

      ويبقى دور القضاء أساسيا فيما يصدره من أحكام متعلقة برد أو تجريح المحكم أو المحكمين والتي يمكن حصرها في فرضين:

©    أن تفرض المحكمة طلب الرد بعد أن تتأكد من حياد المحكم واستقلاله وبالتالي يستمر المحكم في أداء مهمته التي لم يتوقف عن أدائها. 

©    أن تقبل المحكمة طلب الرد ويترتب على ذلك اعتبار ما قد تم من إجراءات بما في ذلك حكم المحكمين الذي يعد كان لم يكن، وهذا الأمر يعكس حدود ولاية القضاء على التحكيم فيما يترتب على حكم المحكمة من آثار بعيدة المدى على العملية التحكيمية [14]على اعتبار أن مهمة وهدف القضاء وضع اتفاق التحكيم موضع التنفيذ الفعال هذا من جهة, ومن جهة أخرى فإن تدخل القضاء قد يكون أساسه تحقيق غاية أخرى تتمثل في ضمان فعالية التحكيم كتدخله في إصدار الإجراءات الوقتية والتحفظية والإجراءات الأخرى المتعلقة بفعالية إجراءات التحكيم. 

 المطلب الثاني : صلاحيات القضاء في اصدار الأوامر الوقتية والتحفظية وتوفير وسائل الاثبات

يلعب القضاء دورا مهما في مساعدة التحكيم، فرغم أن هذا الأخير مؤسسة مستقلة عن القضاء لا من حيث الإجراءات المتبعة أمامه، ولا من حيث قدرة المحكم على تسيير الخصومة التحكمية، إلا أنه يبقى المحكم قاضيا من نوع خاص يفتقد إلى سلطة الإجبار والإلزام في مواجهة الأطراف وكذا في مواجهة الأغيار، مما يعني أن تدخل القضاء الذي تستأثر الدولة بتنظيمه أمر حتمي لابد منه، ليس فقط من أجل تشكيل الهيئة التحكمية، حالة عدم اتفاق الأطراف على اختيار المحكم، بل إن قضاء الدولة في تفعيل ومساعدة الهيئة التحكمية ينسحب على المراحل التحكمية كلها، سواء قبل بدء إجراءات التحكيم أو أثنائها أو بعد صدور الحكم التحكمي، ولعل من أهمها سلطة القضاء باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، حيث لا مناص من لجوء الأطراف إلى قضاء الدولة لاتخاذ إجراء وقتي أو تحفظي في المرحلة السابقة لتعيين المحكمين أو بسبب تعذر عقدها ووجدت ظروف استعجال لا تحتمل التأخير، حيث لا توجد أي جهة دون القضاء لتوفير الحماية الوقتية.

لكن رغم كل هذا فيبقى في بعض الحالات لهيئة التحكمية دور فعال باتخاذها للإجراءات الوقتية والتحفظية.

فما هي شروط اختصاص قضاء الدولة وقضاء التحكيم باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في النزاعات المتفق بشأنها على التحكيم؟.

الفقرة الاولى: شروط اختصاص قضاء الدولة في اتخاذ الاجراءات الوقتية والتحفظية

يشترط لانعقاد الاختصاص لقضاء الدولة باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية توفر مجموعة من الشروط ويمكن حصرها في ثلاثة شروط أساسية وهما كالآتي: شرطين من هذه الشروط لا تختلف في مجملها عن الشروط المتطلبة لانعقاد الاختصاص للقاضي في القضاء المستعجل في الأحوال العادية وكما هو منصوص عليها في القانون الداخلي، وهما شرط الاستعجال وشرط عدم المساس بالموضوع.

إضافة إلى هذين الشرطين يمكن إضافة شرط ثالث وهو ألا يكون الأطراف قد اتفقوا مسبقا على أن يكون المحكم هو نفسه من يتخذ هذه الإجراءات.

-أ: شرط الاستعجال: لم يضع المشرع المغربي وعلى غرار باقي التشريعات المقارنة تعريفا لعنصر الاستعجال ولم يحدد ماهيته، وإنما اكتفى الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية بالقول بأنه "يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده بالبت بصفته قاضيا للمستعجلات كلما توفر عنصر الاستعجال…"، دون أن يحدد ضابط أو معيار يوضح شروط قيام هذا الاستعجال أو يضع له معايير ثابتة يستقر عليها الجميع في تحديد معنى الاستعجال بل ترك الأمر لسلطة القاضي المستعجلات التقديرية ولا يشاركه أحد في هذا التقدير بل أكثر من ذلك لا تخضع سلطته التقديرية هاته لرقابة مجلس الأعلى (محكمة النقض) [15]، والواقع أنه لا يخلو الأمر من صعوبات في وضع تعريف دقيق للاستعجال يستقر عليه الجميع، لأن الاستعجال حالة تتغير بتغير ظروف الزمان والمكان المحيطة بالدعوى، وترجع إلى طبيعة الحق المراد المحافظة عليه، وهكذا فإن المشرع المغربي قد أحسن صنعا لتغاضيه عن مسألة تعريف عنصر الاستعجال، حيث الأمر متروكا  للفقه والقضاء، لأن مسائل المستعجلة غير قابلة للتحديد أو الحصر، فالاستعجال حالة مؤقتة غير محددة وليست معيارا واحدا يمكن تطبيقه في كل الأحوال بل ظواهر الاستعجال متعددة، وقد تبرر في حالات ويختلف التبرير في حالات أخرى.

لكن رغم كل هذه الصعوبات لم تقعد رجال الفقه والقضاء في وضع تعريف للاستعجال وتحديد مفهومه القانوني.

ومن تعريفات المقترحة لمفهوم الاستعجال، نجد أنه عرف ب "الخطر الحقيقي المحذق بالحق المراد المحافظة عليه والذي يلزم درءه عنه بسرعة لا تكون عادة في التقاضي العادي ولو قصرت مواعيده[16].

وقد عرفه البعض الآخر من الفقه إلى أن حالة الاستعجال التي تبرر انعقاد الاختصاص لقاضي الأمور الوقتية هي التي يكون فيها من المستحيل الوصول في الوقت المناسب إلى حل المنازعة بإتباع الإجراءات المعتادة[17].

كما عرفه عبد الباسط جميعي بأن الاستعجال هو الخطر المحذق بالحقوق أو المصالح التي يراد المحافظة عليها وهو يتوافر كلما وجدت حالة يترتب على فوات الوقت حصول ضرر فيها يتعذر تداركه وإصلاحه[18].

ويلاحظ من خلال التعريفات السابقة أنها كثيرا ما تركز على عنصر الخطر الذي يحاط بالحق المراد المحافظة عليه وأن هذا الخطر لا يحتمل القواعد العادية والمسطرة المتبعة أمام القضاء الموضوع، وبالتالي تم التفكير في ابتكار وسيلة فعالة وسريعة وهو ما يسمى بالقضاء المستعجل.

وقد أثار بعض الفقه مسألة وقت توفر عنصر الاستعجال لاستفادة من مزايا مسطرة القضاء الاستعجالي، هل وقت رفع الدعوى أو وقت صدور القرار؟

 فذهب جانب من الفقه إلى أن عنصر الاستعجال يجب أن يتحقق وقت رفع الدعوى لا وقت الحكم فيها، بينما ذهب فريق آخر إلى القول بأن العبرة هي الوقت الحكم لا وقت رفع الدعوى، ونادى فريق ثالث بضرورة استمرار عنصر الاستعجال من وقت رفع الدعوى إلى الحكم فيها.

-ب: شرط عدم المساس بجوهر الحق: ويقصد من وراء هذا الشرط أن اختصاص قاضي المستعجلات عند توفر شرط الاستعجال هو إسعاف المتقاضين بحماية مؤقتة للحق ووقايته بدفع الخطر عنه، ولذا فإن مهمة قاضي المستعجلات ليست هي الفصل في أصل الحقوق والالتزامات والاتفاقيات، بل هي إصدار أحكام وقتية عاجلة لدفع الأخطار أو صد العدوان المحذق بالحق في انتظار البت في صحته ومداه وصاحبه[19]، الذي يبقى من اختصاص المحكم احتراما للأثر السالب لشرط التحكيم.

وعبر المشرع المغربي عن فكرة عدم المساس بالموضوع في الفصل 152 من قانون المسطرة المدنية حيث ينص على أنه "لا تبت الأوامر الاستعجالية إلا في الإجراءات الوقتية ولا تمس بما يمكن أن يقضي به في الجوهر". وهكذا فإن فكرة عدم المساس بالموضوع هي التي بموجبها يمنح الاختصاص للقضاء المستعجل حيث يمنع على هذا الأخير النظر في جوهر النزاع الذي يبقى من اختصاص المحكم وحده نظرا لوجود اتفاقا التحكيم شرطا كان أو مشارطة، حيث يمنع على القضاء المستعجل المساس بأصل الحق الذي تدور حوله حقوق والتزامات الأطراف وجودا وعدما فيدخل في ذلك مما يمس بصحتها أو يؤثر في كيانها أو تغيير فيها أو في آثارها القانونية.

وعلى هذا الأساس إذا رفعت الدعوى بطلبات موضوعية فإنها تكون خارجة عن اختصاص القاضي الاستعجالي الذي يشترط لاختصاصه بنظر المسائل المستعجلة طبقا لنص المادة 152 من قانون المسطرة المدنية "لا تبت الأوامر الاستعجالية إلا في الإجراءات الوقتية ولا تمس بما يمكن أن يقضي به في الجوهر".

ولو طلب أحد من أطراف اتفاق التحكيم من القضاء الاستعجالي وضع شيء المتنازع فيه تحت الحراسة القضائية، فعليه أن يبت في هذه النقطة وحدها ومدى توفر شرط الاستعجال ولا يمكن له أن ينظر في دعوى لمن تعود ملكية هذا الشيء الذي يبقى من اختصاص الهيئة التحكمية.

لذلك يتعين على القاضي المختص بالأمر بالحراسة القضائية عند إصداره لهذا الأمر الوقتي، أن يترك الحكم النهائي في الموضوع للمحكم الذي يبت في الجوهر، وأن يترك حقوق الطرفين المتخاصمين كما هي من غير أن ينظر فيها[20].

-ج: عدم اتفاق الأطراف على استبعاد ولاية القضاء في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية.

إذا كان الأصل باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية يعود لقضاء الدولة فإنه في المقابل أعطى القانون لإرادة الأطراف حرية استبعاد هذا الاختصاص المقرر لقضاء الدولة، بشأن هذه الإجراءات ومنحه لقضاء التحكيم وبالتالي فإنه بالإضافة إلى شرطي الاستعجال وعدم المساس بالموضوع ألا يكون أطراف اتفاق التحكيم قد استبعدوا صلاحية المحاكم الوطنية بإصدار القرارات الوقتية والمستعجلة.

لكن الإشكالية المطروحة في هذا الصدد هل يمكن للأطراف اتفاق التحكيم أن يتفقوا على استبعاد ولاية القضاء كليا في اتخاذ القرارات الوقتية والتحفظية؟

إن الإجابة عن هذا السؤال يتوقف على طبيعة الإجراءات الوقتية والتحفظية الملتمس اتخاذه وهل لهما ارتباط بفكرة النظام العام.

 أو يعد من المسائل التي تتطلب فكرة الفعالية والنفاذ والتي تقتضي الاعتراف بالاختصاص باتخاذها من طرف القضاء، كما يقرر جانب آخر من الفقه،على أنه إذا كان الإجراء الملتمس اتخاذه يعد من المسائل المتصلة بفكرة النظام العام أو لا تقدر هيئة التحكيم في حالة تمسكها بإصدار الأمر باتخاذه على كفالة احترام تنفيذه لأنه يتطلب اتخاذ إجراء من إجراءات التنفيذ الجبري وهي إجراءات تحتكر الدولة وقضاؤها القيام به فإنه يتعين القول باختصاص القضاء في هذا الشأن على الرغم من وجود الاتفاق السالب لاختصاص هذا القضاء والمتمثل في اتفاق التحكيم، فاحترام الاتفاق على منح الاختصاص للمحكم على نحو قاصر عليه بشأن اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية مرهون بأن يكون الإجراء الملتمس اتخاذه من قبل القضاء تقدر هيئة التحكيم على إصدار الأمر باتخاذه وكفالة احترام تنفيذه دون حاجة على التدخل من هذا القضاء وبالتالي فإن الاتفاق في هذا الغرض يرتب أثره كاملا، أما الفرضية الاخرى التي تكون  فيها الإجراءات الملتمس اتخاذها لا يقدر سوى القضاء على كفالة احترامها وتنفيذها فإن الاتفاق على إعطاء الاختصاص للمحكم في هذا الغرض لا أثر له ولا قيمة[21].

بالإضافة إلى الشروط السابقة لينعقد الاختصاص للقضاء باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في النزاعات المتفقة بشأنها على التحكيم هناك من يضيف شرط رابع خصوصا عندما يكون النزاع يشتمل على عنصر أجنبي أو في النزاعات التي لها ارتباط بالتحكيم الدولي أو ما يسمى بالمنازعات الخاصة الدولية المتفق بشأنها على التحكيم، وهذا الشرط يتمثل في أن يكون الإجراء الوقتي أو التحفظي المطلوب اتخاذه واجب التنفيذ في إقليم الدولة ومفاد هذا الشرط أنه يجب تمديد الجهة المختصة في إصدار هذه الأوامر المتعلقة بالإجراءات الوقتية والتحفظية عندما يكون النزاع يشتمل على عنصر أجنبي فهل يعود الاختصاص للقضاء الوطني أو إلى مكان انعقاد جلسات التحكيم أو أن اتخاذ هذا الإجراء يجب أن ينعقد الاختصاص للقضاء المستعجل المطلوب اتخاذ واجب التنفيذ في إقليمه؟.

في ظل عدم وجود ضابط قضائي مستقل في تحديد الجهة المختصة في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، هناك من يرى أنه وبما أن غاية القضاء المستعجل هو الحفاظ على الحقوق وحمايتها وأن هذه الحماية لها ارتباط بالسرعة لتنفيذ الإجراء المطلوب اتخاذه، إذ أن التأخير في التنفيذ يضيع دون أدنى شك، الهدف من اللجوء إلى القضاء المستعجل لاتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، وهو أمر مستبعد إذا كان الإجراء العاجل المطلوب اتخاذه واجب التنفيذ في إقليم الدولة الأخرى، مما يعني أن القاضي الوطني لا يكون مختصا إذا كان الإجراء المستعجل المطلوب اتخاذه واجب التنفيذ في الخارج[22].

هكذا ومن خلال ما سبق يمكن القول أنه عندما يكون لأطراف التحكيم نفس الموطن أو محل الإقامة وأن الحق الذي اتخذ الإجراء التحفظي أو الوقتي من أجل حمايته موجود في إقليم دولة القاضي يعني أن الاختصاص ينعقد للقاضي الوطني.

لكنه في حالة العكس أو أن الأطراف ليس لها موطن أو محل إقامة في إقليم دولة القاضي، أو كان المال محل الحماية المستعجلة لا يوجد في إقليم دولة القاضي، فإنه من الصعوبة بمكان تقرير اختصاص المحاكم الوطنية بنظر الإجراءات الوقتية والتحفظية حتى ولو تحقق عنصر الاستعجال وهذا ما ينص عليه المشرع المصري في المادة 34 من قانون المرافعات على " أن تختص محاكم الجمهورية بالأمر بالاجراءات الوقتية والتحفظية التي تنفذ في الجمهورية".

وذهب جانب آخر من الفقه في تحديد لمن يعود الاختصاص باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية بشأن المنازعات الخاصة الدولية المتفق بشأنها على التحكيم إلى القول بأن القضاء المختص بإصدار مثل هذه الإجراءات هو قضاء الدولة التي تعقد على إقليمها هيئة التحكم جلساتها وتتخذ من هذه الدولة مقرا لها،إذ إن محاكم هذه الدولة تعد القاضي الطبيعي بالنسبة لجميع المسائل المتصلة بالتحكيم.[23]

في هذا الصدد، وبما أن جلسات هيئة التحكيم يمكن أن تنعقد في أكثر من دولة فإن الضابط الوحيد الذي يحدد الاختصاص باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية ليس هو مكان انعقاد جلسات هيئة التحكيم بل هو سلطة الدولة في تنفيذ هذا الإجراء على وجه السرعة انسجاما مع الأهداف المتوخاة من القضاء المستعجل والمتمثل أساسا في حماية الحق من الخطر المحدق به إلى غاية الفصل في جوهر هذا الحق وإصدار فيه حكم تحكمي منهيا لهذا النزاع.

الفقرة الثانية: توفير القضاء لوسائل الإثبات

الإثبات هو تكوين اقتناع القاضي أو المحكم   بشأن وجود أو عدم وجود واقعة قانونية متعلقة بالدعوى، والإثبات بمعناه القانوني هو إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون، على وجود واقعة قانونية ترتب آثارها، وتظهر أهمية الإثبات أمام القضاء أو المحكم فإن استطاع صاحب الحق إثباته كان الحكم له [24].

ورغم الصلاحيات التي تتمتع بها الهيئات التحكيمية، والتي تمكنها من الحصول على أدلة الإثبات في موضوع النزاع المطروح عليها، فإنها تصطدم مع عدم تمتع هيئة التحكيم بسلطة الإلزام مما يجعلها دائما في حاجة إلى القضاء للحصول على أدلة الإثبات أثناء سير الخصومة (أولا) وكذلك طلب الهيئة التحكيمية من المحكمة الإنابة القضائية (ثانيا).

أولا: تدخل القضاء للمساهمة في توفير أدلة الإثبات 

سيتم التطرق في هذا العنصر إلى حالتين الأولى تتجلى في استدعاء الشهود والحالة الثانية إجبار الخصم بتقديم مستند تحت يده أو يد غيره.

الحالة الأولى: استدعاء الشهود وسماعهم 

في البداية لا بد من الإشارة إلى أن قانون المسطرة المدنية المغربية لم تتعرض لإجراءات الشهادة في ميدان التحكيم، وهذا على خلاف قانون 05-08 المتعلق بالتحكيم والذي تطرق إلى استدعاء الشهود وسماعهم من خلال الفصلين 10- 327 ، 11-327، 12-327.

ومن خلال هذه الفصول يتبين لنا بأن المشرع أعطى للهيئة التحكيمية صلاحية القيام بجميع إجراءات التحقيق وذلك بالاستماع إلى الشهود وتعيين الخبراء أو أي إجراء آخر [25].

إلا أن الإشكال المطروح ولم يتطرق إليه المشرع وهو في حالة امتناع الشاهد عن الحضور، أو حضوره وامتناعه عن الشهادة أو عدم إجابته عن الأسئلة التي توجهها إليه هيئة التحكيم، ففي هذه الحالة لا يكون أمام الهيئة سوى اللجوء إلى القضاء لالزام الشهود بالحضور أو توقيع الجزاءات المنصوص عليها في قانون الإثبات في حالة الامتناع عن الحضور والإجابة عن أسئلة الهيئة وهو ما أقره المشرع المصري [26] وأغفله المشرع المغربي.

أما ما يتعلق بسماع الشهود فقد نص الفصل 10-327 من الفقرة الثانية ولا يحول ذلك دون ان تجتمع هيئة التحكيم في أي مكان تراه مناسبا للقيام بإجراءات التحكيم كسماع أطراف النزاع أو الشهود أو الخبراء أو الإطلاع على المستندات أو معاينة بضاعة أو أموال أو إجراء مداولة بين أعضائها أو غير ذلك.

فالمحكم يتمتع بسلطة واسعة في الإثبات فله أيضا الحق في سماع الشهود بناء على طلب الخصوم أو من تلقاء نفسه عملا بالفصول 10-11-12 من قانون 05-08.

وإذا اتفق الأطراف في التحكيم أو اتفاق مستقل على تحديد شهود بشخصيتهم كان المحكم ملزم بذلك ويستطيع المحكم سماع في غيبة الخصوم وإذا كان الأمر كذلك فعليه كتابة محضر بذلك وأن يمكن الخصوم من الإطلاع على موضوعها، إعلانهم بمضمون الشهادة وإلا كان ذلك إخلال بمبدأ المواجهة [27].

الحالة الثانية : إجبار الخصم الغير بتقديم مستند تحت يده

تعتبر المستندات من أهم وسائل الإثبات، نظرا لما تتضمنه من بيانات ومعلومات تعين المحكم على إظهار وجه الحق في النزاع المعروض عليه، ويحق للهيئة التحكيمية المضي قدما في إجراءات التحكيم وإصدار حكمها استنادا على الأدلة المطروحة إذا رأت كفايتها أمامها. شرط ألا يخل ذلك بحقوق الطرفين، خصوصا وقد أعطى قانون رقم 05-08 الصلاحية لهيئة التحكيم بالقيام بجميع إجراءات التحقيق بالاستماع إلى الشهود أو بتعيين خبراء أو...كما وسع من صلاحية هيئة التحكيم بأن خول لها سلطة الأمر على الطرف الذي يملك وسيلة إثبات تحت يده.

إلا أن قانون 05-08 أغفل الحالة التي يمتنع فيها أحد الأطراف من الامتثال إلى أمر هيئة التحكيم ومع ذلك فإن واقع الحال لا يمنع هيئة التحكيم من طلب المساعدة من القضاء التحقيق هذا الأمر باعتبار أن سلطة الأمر الفعلية هي بيد القضاء، وتلك الممنوحة لهيئة التحكيم وفق نص الفصل 327/11 في واقع الأمر ما هي إ لا سلطة معنوية.

ثانيا: الإنابة القضائية

فالإنابة القضائية صورة من صور المساعدة القضائية التي يقدمها القضاء الرسمي لنظام التحكيم أثناء إجراءات مسطرة التحكيم [28]

والمشرع المغربي لم يتعرض الإنابة القضائية في خصومة التحكيم بينما المشرع المصري نص على أنه يختص رئيس المحكمة بالأمر بالإنابة القضائية بناء على طلب التحكيم .

الفقرة الثانية:  البث القضائي في الأمور الخارجة عن اختصاصات هيئة التحكيم

قد تعترض المحكم أثناء مسطرة التحكيم مسألة خارجة عن حدود ولايته، إما لكونها غير قابلة للتحكيم أصلا، وإما لعدم شمولها في اتفاق التحكيم، وفي هذه الحالة يجوز أن يوقف إجراءات الخصومة أمامه حتى يتم الفصل فيها من قبل المحكمة المختصة[29].

ويترتب عن وقف سير الإجراءات سريان الميعاد المحدد لإصدار حكم التحكيم، والتطبيقات في هذه الحالة عديدة أبرزها كأن يعرض خلال مسطرة التحكيم مسائل جنائية كالطعن بالتزوير في ورقة قدمت لهيئة التحكيم أو اتخذت إجراءات جنائية على تزويرها أو عن فعل جنائي آخروهذا ما سنحاول التطرق إليه في هذه الفقرة.

-تدخل القضاء عن طريق الأمر بإجراءات الطعن بالتزوير وتحقيق الخطوط

إذا حدث أثناء مسطرة التحكيم أن طعن أحد الأطراف بتزوير وثيقة ما، أو وقع حادث جنائي أخر، فإن المحكم ملزم بإيقاف البت في النازلة المعروضة عليه لحين بت المحاكم العادية في الدعوى المعروضة عليها بشأنه بصفة نهائية [30].

فالتساؤل المطروح، هل يحق للأطراف منح الهيئة التحكيمية في اتفاق التحكيم السلطة في إجراءات تحقيق الخطوط والإدعاء بالتزوير؟

للإجابة على هذا السؤال لابد من الإشارة إلى صورة الدعوى وهي الدعوى الأصلية، والدعوى الفرعية اللتين قد يتخذهما شكل الدعوى.

 بالنسبة للدعوى الأصلية، فلا مجال لقيامها أمام هيئة التحكيم لأن ولاية هذه الهيئة قاصرة على النظر في النزاع على الحق الموضوعي أما ما يتعلق بالدعوى الفرعية فليس هناك نصفي قانون 08-05 يجيز ذلك وقد كان المشرع المغربي صريحا لسد الباب أمام هيئة التحكيم بالقيام بإجراء من إجراءات تحقيق الدعوى ويتبين هذا من خلال المادة 313 ق.م.م التي تنص في فقرتها الثانية على أنه"...ويوقف المحكمون أشغالهم إذا وقع الطعن بالزور، ولو مدنيا أو طرأت أثناء التحكيم عوارض جنائية إلى أن تبت المحاكم العادية في المسألة العارضة ويوقف الأجل المحدد ولا يسري من جديد إلا من تاريخ البت فيها نهائيا".

إلا أن قانون 05-08 أعطى الصلاحية للمحكمين من خلال الفصل 11-327 لاتخاذ كل إجراءات التحقيق حيث جاء من آخر الفقرة عبارة "أو أي إجراء آخر" فإذا أخذنا هذه العبارة بالمفهوم الواسع فهذا يعني أن واضعي قانون  05-08 لم يقيدوا الهيئة التحكمية فيما يتعلق بإجراءات التحقيق وبالتالي يمكن أن تدخل في إطارها الإجراءات المتعلقة بالزور الفرعي وتحقيق الخطوط، ولم ينص في هذه الفقرة على أن قرارات المحكمين في هذه الحالة تخضع لرقابة القضاء الوطني وتذييلها بالصيغة التنفيذية.

المبحث الثاني : تدخل القضاء في تنفيذ الحكم التحكيمي

بعد التطرق لرقابة القضاء على مسطرة التحكيم قبل صدور الحكم التحكيمي، سنخصص هذا المبحث للرقابة البعدية على مسطرة التحكيم بعد صدور الحكم التحكيمي، وذلك من خلال مطلبين، نتناول في الأول تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية ، بينما نخصص الثاني للتنفيذ الجبري للحكم التحكيمي.

المطلب الأول : تذييل الحكم التحكيمي ومنح الصيغة التنفيذية

إذا كانت القاعدة هي أن يتم تنفيذ حكم التحكيممن قبل الأطراف اختياريا، في حين أن الاستثناء، هو الرفض والمماطلة في تنفيذه، فإنه وفي هذه الحالة يصبح نظام التحكيم مهددا في فعاليته وقيمته القانونية إلى أن يتم اللجوء إلى قضاء الدولة بما له من سلطة عامة – يفتقدها المحكم – لإجبار الطرف الممتنع عن تنفيذ ما رتبه حكم التحكيم في حقه، مما يوضح بجلاء ضرورة تدخل قضاء الدولة للأمر بتنفيذ حكم التحكيم، حتى تتحقق له الفعالية ويؤدي دوره المنشود كطريق لفض المنازعات[31].

ويمارس القضاء بجانب ذلك رقابة ظاهرية وشكلية على الحكم التحكيمي، وهي طبيعية لأنها تشكل اعترافا من هذا القضاء بسلامته من كل العيوب التي قد تفسد عدالته وتنعكس على فعاليتها.وبهذا يعتبر الأمر بالتنفيذ النقطة البارزة لالتقاء قضاء التحكيم بقضاء الدولة[32].

الفقرة الأولى :اكساء حكم التحكيم بالصيغة التنفيذية

بما أن التحكيم قضاء خاص ذو أصل تعاقدي، وحيث أن الحكم التحكيمي يحتاج إلى الصيغة التنفيذيةمن أجل الإجبار على تنفيذهفي حالة انعدام التنفيذ الاختياري، فقد نصت مختلف التشريعات الوطنية[33]، على هذه الحقيقة ونظمت الإجراءات اللازمة لمنح حكم التحكيم الصيغة التنفيذية كما بينت الجهة القضائية المختصة بذلك.

لنتساءل عن موقف العمل القضائي من الإجراءات المتعلقة بدعوى تنفيذ حكم التحكيم (أولا)، وعن موقفه من مسألة الجهة القضائية المختصة بذلك (ثانيا)لنحاول الوقوف على تجليات كل هذه الأمور في العمل القضائي، وبالتالي انعكاسها على فعالية حكم التحكيم الداخلي.

أولا : إجراءات طلب الأمر بالصيغة التنفيذية                      

إن إجراءات الحصول على الأمر بالتنفيذ عادة ما تكون مبسطة وسريعة، الأمر الذي يؤدي إلى تسوية النزاع وانتهائه في أسرع وقت ممكن[34].

وأول ما نشير إليه في هذا الصدد، هو أن القضاء ليس من شأنه أن يتدخل من تلقاء نفسه لإسباغ الصيغة التنفيذية على حكم التحكيم، ولكن يكون ذلك بناء على طلب من المعني بالأمرعلى شكل مقال يرفع إلى رئيس المحكمة المختصة مع ضرورة إرفاق هذا الطلب بالوثائق اللازمة وأولها حكم التحكيم واتفاق التحكيم.

وقد تعامل القضاء مع أجل إيداع حكم التحكيم لأجل التنفيذ بشيء من المرونة، واعتبره بقصد التعجيل في وضع الحكم تحت تصرف الخصوم، أنه لا يترتب أي بطلان على عدم الإيداع أصلا أو الإيداع بعد الميعاد، ، وهو ما قرره العمل القضائي المغربي قديما ، حيث اعتبر أن أجل إيداع أصل الحكم التحكيمي لم يتم تقريره تحت طائلة البطلان، كما اعتبرت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء[35] أن إيداع حكم التحكيم من طرف أحد الخصوم بمقال افتتاحي صحيحا ولا يؤدي إلى البطلان، باعتباره مجرد عدم انتظام هذا الإجراء، وهو اتجاه من شأنه تحصين حكم التحكيم من البطلان الذي يعدمه مجرد أن طلب تذييله بالصيغة التنفيذية جاء متأخرا.

وبخصوص ضرورة إيداع حكم التحكيم وإرفاقه ببعض الوثائق اللازمة، فلأن حكم التحكيم هو الذي توضع عليه الصيغة التنفيذية،واما عن ضرورة إيداع اتفاق التحكيم، مع الترجمة إلى اللغة العربية، فلأجل الإثبات والتسهيل والرقابة.

نخلص إذن إلى أنه، بهذه الإجراءات البسيطة واللازمة ، يستطيع القضاء قبول طلبات إصدار حكم التحكيم بالصيغة التنفيذية، وهو ما يظهر من خلال العديد من الأحكام القضائية الصادرة في هذا الشأن.

فلقد اكدت محكمة إستئناف وجدة هذا الإتجاه في القرار الصادر عنها في ملف عقود مختلفة رقم 428/2005[36]. وهو الأمر ذاته الذي ذهبت إليه محكمة التعقيب التونسية[37] مما ورد في قضاء هذه المحكمة أنه : "لا يعتبر حكم المحكمين نافذا إلا بعد تذييله بإذن من رئيس المحكمة الابتدائية التي صدر بدائرتها أو الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بعد الاطلاع عليه وعلى كتب التحكيم، والتثبيت من عدم وجود ما يمنع تنفيذه قانونا".

كما جاء في قرار آخر صادر عن نفس المحكمة[38] على أنه : "يجب على المحكمين في الخمسة أيام لموالي لصدور الحكم أن يودعوا منه نسخة بكتابة المحكمة المختصة مع كتب التحكيم، ويحرر كاتب المحكمة محضرا في الإيداع ويعلم به الخصوم بمكاتب مضمونة الوصول، مع الإعلان بالبلوغ" والحكم يظهر رغبة القضاء التونسي في الإسراع بتنفيذ حكم التحكيم.

وقد أشارت إلى أهمية إيداع حكم التحكيم محكمة التمييز اللبنانية[39]،حينما أشارت إلى أنه لمنح الصيغة التنفيذية لابد من وجود حكم تحكيمي، إذ يعتبر ذلك تيسيرا على كتاب المحكمة المختصة بوضع الصيغة التنفيذية على حكم التحكيم، فهو علامة سهلة ومنضبطة على صلاحية حكم التحكيم، لوضع الصيغة التنفيذية عليه ونستشهد في هذا المقام بأمر لتذييل حكم تحكيمي بالصيغة التنفيذية صدر بعد نفاذ قانون 05/08 الذي عدل مقتضيات الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية، إذ جاء فيه : "تهدف الطالبة تذييل مقرر تحكيمي صادر عن محكم وطني بالصيغة التنفيذية، وحيت أدلت الطالبة بنسخة للمقرر التحكيمي، وحيث أدلت الطالبة أيضا بنسخة من اتفاقية تعيين عبد اللطيف الجواهري مؤرخة في 20/05/2008، كما أدلت بوصل إيداع أصل المقرر التحكيمي بكتابة الضبط بالمحكمة التجارية بالرباط بتاريخ 26/05/2008"[40].

وكما سبقت الإشارة، فطلب تذييل حكم التحكيم الصيغة التنفيذية يكون من طرف أصحاب الصفة والمصلحة، تحت طائل رفض الطلب. وهو الأمر الذي أعلنت عنه المحكمة التجارية بالرباط[41] بتاريخ 18فبراير2008، إذ جاء في أمر رئيس المحكمة المذكور ما يلي : "وحيث أنه اعتبارا لذلك يتبين أن المحكوم لفائدته هو من له الصفة والمصلحة لتقديم طلب تذييل حكم المحكم بالصيغة التنفيذية، وحيث إن من جهة أخرى، فإن السيد عبد اللطيف الجواهري أصدر المقرر التحكيمي بصفته الشخصية وليس بصفته الممثل القانوني لبنك المغرب الذي لا يعتبر هيئة تحكيمية. وحيث أنه اعتبارا لذلك فإن بنك المغرب لا صفة له لتقديم طلب تذييل مقرر تحكيمي لم يكن طرفا فيه بالصيغة التنفيذية لأجله نصرح بعدم قبول الطلب".

ثانيا : الجهة القضائية المختصة بمنح الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم

الغالب في التشريعات الوطنية أن ينعقد الاختصاص لرئيس المحكمةمن أجل منح الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم حتى يمكن تنفيذه مما يعكس رغبة هذه التشريعات بتنفيذ حكم التحكيم بأكبر ما يمكن من السهولة والسرعة، كما يظهر ذلك من خلال العديد من الأوامر الصادرة من رؤساء المحاكم المختصة، التي توضح الاستجابة السريعة لطلبات إسباغ أحكام التحكيم بالصيغة التنفيذية، مما ينعكس على فعالية التحكيم، وما دام الأمر بهذا الشأن نشير إلى كيفية تعامل القضاء مع مسألة الاختصاص نفسها.

فقد أكد القضاء اختصاص رئيس المحكمة بالأمر بتنفيذ حكم التحكيم، خلال العديد من المناسبات كما عبرت عن ذلك محكمة استئناف البيضاء بتاريخ 21 يونيو 1989[42]، وقد أكدت نفس المحكمة على أن حكم التحكيم لا يصير قابلا للتنفيذ، الا بأمر من رئيس المحكمة الابتدائية بصفته هذه وليس بحكم صادر من محكمة الموضوع، وذلك في قرار صادر في تاريخ    21ماي1988 ، وقبله كذلك في قرار صادر عن المحكمة الابتدائية بالبيضاء[43]التي عبرت على أن رئيس المحكمة الابتدائية هو الذي يعطي الصيغة التنفيذية لحكم المحكمين بأمر بعد إيداع صك التحكيم في كتابة الضبط، كما أن القضاء أكد على أن الاختصاص المحلي لصدور الأمر بالتنفيذ متمثل في المحكمة التي صدر حكم التحكيم في دائرتها، وهو ما جاء في أمر صادر عن رئيس المحكمة التجارية بمراكش، إذ نصت أنه: "حيث تبين من المقرر التحكيمي أنه صدر عن المحكمين في الدائرة القضائية لهذه المحكمة، مما يكون معه الاختصاص لتذييله بالصيغة التنفيذية منعقدا لرئيس هذه المحكمة".

وتوخيا منه لجانب المرونة والسرعة في تنفيذ حكم التحكيم، سمح القضاء لرئيس المحكمة المختصة بإمكانية انتداب نائب عنه ليقوم بمهمة تذييل حكم التحكيم بالصيغة التنفيذية، ولم يجعل من ذلك إخلالا بالاختصاص، كما أكدت على ذلك محكمة استئناف البيضاء بتاريخ 21 يونيو [44]1983، وبنفس الرغبة في المرونة والسرعة، أكد قرار صادر عن المجلس الأعلى[45]أن رئيس المحكمة يصدر أمره بتذييل حكم التحكيم بالصيغة التنفيذية في نطاق السلطة الولائية الممنوحة له في غيبة الأطراف، فهذا الأمر لا علاقة له بحقوق الدفاع.

الفقرة الثانية : سلطة القضاء إزاء طلب تنفيذ حكم التحكيم

نقصد بسلطة القضاء إزاء طلب تنفيذ حكم التحكيم الداخلي، نوع الرقابة التي يمارسها لأجل إصدار أمره بتنفيذه من جهة ، وكذا إمكانية تدخله بعد إصدار أمره المذكور لأجل النظر في طلب استئنافه.

إن مد الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية من طرف القضاء العام في الدولة من أجل تنفيذه، لا يكون متاحا إلا بعد مراقبته مراقبة شكلية خارجية تتمثل في التثبت من عدم وجود ما يمنع تنفيذه، وبالأخص عدم مخالفته للنظام العام.

وليس للقاضي المختص بإصدار الأمر بالتنفيذ، أن يبحث في موضوع النزاع أو يراقب خطأ المحكمين، بل له أن يصدر أمره بالتنفيذ أو برفضه تبعا لما آلت إليه رقابته الخارجية للحكم التحكيمي، ويبقى على المتضرر سلوك الطعن الذي أتاحه له القانون ضد هذا الأمر.

لذلك، سنحاول في هذا المقام رصد الأعمال القضائية التي توضح مدى سلطة القاضي عند الأمر بتنفيذ حكم التحكيم، وكذا تلك التي توضح مدى إمكانية الطعن على هذا الأمر، مبرزين عبر ذلك دور تدخل القضاء خلال هذه المرحلة المهمة، في تحقيق فعالية حكم التحكيم.

لقد عبر الاجتهاد القضائي المغربي عن محدودية الدور الذي يجب أن يلعبه رئيس المحكمة المختصة بإصدار الأمر بتنفيذ حكم التحكيم وذلك في أكثر من مناسبة نمثل لبعضها بما يلي :

من أهم ما جاء بقرار[46] صادر عن الغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى(محكمة النقض)، نص على أنه حظر على القاضي المانح الصيغة التنفيذية، نظر موضوع النزاع وذلك بمناسبة رفضه طلب نقض القرار الاستئنافي المؤيد للأمر بإعطاء الصيغة التنفيذية. وهذا القرار جاء ليؤكد ما سبق أن أشارت إليه المحكمة الابتدائية بالقنيطرة[47]على أنه : "وحيث إن مهمة رئيس المحكمة حسب مقتضيات الفصل 321 ق.م.متنحصر في التأكد من أن حكم المحكمين غير معيب ببطلان يتعلق بالنظام العام…".

ويتبين من هذا الأمر أن ابتدائية القنيطرة حصرت دور رئيس المحكمة في مراقبة النظام العام، وكذا المتطلبات الشكلية بطبيعة الحال فليس له أن يتعدى ذلك للنظر في موضوع النزاع من جديد.

وكذلك محكمة الاستئناف بنفس المدينة[48] التي عبرت على أن : "الأمر التنفيذي الذي يصدر عن رئيس المحكمة طبقا للفصل 322 م.م يقتضي منح الصيغة التنفيذية ولا يبت في جوهر النزاع".

أما عن الإجتهاد القضائي المقارن، فقد أكد القضاء المصري في العديد من المناسبات، على أن النظر في الأمر بالتنفيذ، لا يمكن بأي حال من الأحوال، أن يؤدي إلى مراجعة الحكم التحكيمي من الناحية الموضوعية، وتقدير صحته أو بطلانه، أو ملاءمة ما انتهى إليه، أو سلامة وصحة تفسيره للقانون أو الوقائع .

والقول بغير ذلك يؤدي إلى مصادرة الأساس الذي يقوم عليه نظام التحكيم ويجرده من الحكمة والبواعث التي أوجبت ضرورة تقريره.

وعلى المنوال نفسه دأب الاجتهاد القضائي الفرنسي الذي لم يجعل دور القضاء المختص بإعطاء الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم، مماثلا لدور محكمة الطعن[49].

وبعد التأكد من أن نظر رئيس المحكمة المختصة لا ينفذ إلى جوهر النزاع بمناسبة فحصه لحكم التحكيم تمهيدا للأمر بتنفيذه، وأن دوره في هذا الصدد لا خوف منه لمصادرة اتفاق التحكيم، بل الخوف يكمن في إمكانية انهيار هذا الاتفاق، نتيجة عدم وجود جهة تملك سلطة إجبار الطرف الممتنع عن تنفيذ ما آل إليه.

ولكن السؤال الذي يدقهنا ، يكمن في نوع الفحص الذي يجريه رئيس المحكمة على حكم التحكيم قبل الأمر بتنفيذه؟

إن رئيس المحكمة يراقب فقط الأسباب التي يملك إثارتها من تلقاء نفسه كبطلان اتفاق التحكيم بطلانا ظاهرا، أو عدم قابلية النزاع للتحكيم، أو مخالفة النظام العام أو حقوق الدفاع وكذا تشكيل هيئة التحكيم تشكيلا قانونيا.

أما عن الأسباب الشكلية الأخرى التي قد تجعل من حكم التحكيم غير قابل للتنفيذ فإن للأطراف حق التمسك بها ولكن ليس بطريق الطعن ضد الأمر بالصيغة التنفيذية الصادر عن رئيس المحكمة المختصة بل بطريق دعوى البطلان، هذه الأخيرة التي تعتبر بذاتها طعنا ضد الحكم الصادر بالأمر بالتنفيذ أو رفعا ليد رئيس المحكمة، في حالة لم يصدر هذا الأخير أمره بعد.

مما يعني أن فوات أجل الطعن بالبطلان، من دون إثارته من قبل الطرف طالب المصلحة، يحصن حكم التحكيم، ويجعله غير قابل لأي طعن، لنبين في هذا المقام كيف تعامل الاجتهاد القضائي مع المراقبة الشكلية لحكم التحكيم في إطار الأسباب التي يثيرها رئيس المحكمة المختصة بإصدار الأمر بتنفيذه من تلقاء نفسه.

وذلك لأننا نقر بأن هذه الرقابة هي بذاتها ليست عائقا أمام تنفيذ حكم التحكيم، فعلى العكس أنها تهدف إلى تدعيم مفعوله، مادامت أنها رقابة في صالح الحفاظ على النظام العام في الدولة، وفي صالح صيانة المبادئ الأساسية للتقاضي فإنها بلا شك سوف ترفع من جودة عدالة نظام التحكيم وتنعكس على سمعته كنظام خاص للتقاضي، ولكن ما يثير الجدل هو كيفية تعامل القضاء مع أسباب هذه الرقابة الشكلية؟

 يتجه الاجتهاد القضائي الحديث، نحو التضييق من الرقابة القضائية بمناسبة النظر في طلب الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم ويظهر ذلك من خلال العديد من الأوامر الصادرة عن الاجتهاد القضائي المغربي والمقارن ونمثل لذلك بما يلي :

فقد اتجه القضاء المغربي نحو التضييق من الرقابة الشكلية لأحكام التحكيم قبل الأمر بتنفيذها، كما يتبين من الأمر الصادر بتذييل حكم تحكيمي بالصيغة التنفيذية الصادر عن نائب رئيس المحكمة التجارية بالرباط[50] بتاريخ 03 يونيو2008، حينما أشار على أنه: "وحيث أن المقرر التحكيمي صدر بناء على اتفاق تحكيمي وأن المحكم التزم بمقتضياته كما أن ما تم التحكيم بشأنه غير مخالف للنظام العام المغربي، مما يكون معه المطلب مبرر ويتعين الاستجابة إليه".

اما في مصر، فهناك العديد من القضايا التي يلجأ فيها أحد الأطراف إلى القضاء المصري، بعد أن يكون قد صدر حكم التحكيم لصالحه من أجل إسباغه بالصيغة التنفيذية، فلا يرد إلا لاعتبار المساس بالنظام العام في مصر.

والقضاء هو سند التحكيم، ورقابته اللازمة لحفظ حقوق الأطراف أنفسهم صونا لحرمة النظام العام الوطني والدولي[51]، لذا فإن غرضه الوحيد هو تنفيذ أحكام التحكيم وبت الروح فيها، إلا إذا كانت لا تستحق ذلك، وهذا ما تفسره ندرة رفض الأمر بالتنفيذ ومنع الطعن بالاستئناف ضد الأمر الصادر بالتنفيذ وتقريره بالنسبة للأمر الصادر برفض التنفيذ.

المطلب الثاني : التنفيذ المعجل للحكم التحكيمي

خول المشرع للهيئة التحكيمية أن تشمل الحكم التحكيمي بالنفاذ المعجل مما يجعله قابلا للتنفيذ الجبري بمجرد تذييله بالصيغة التنفيية .

ومن الواضح أن الطعن بالبطلان لا يؤدي الى ايقاف تنفيذ  الحكم التحكيمي المذيل بالتنفيذ المعجل، بل لا بد من الركون الى مسطرة ايقاف التنفيذ وفقا للضوابط القانونية للفصل 147 من قانون المسطرة المدنية .

الفقرة الأولى : شمول الحكم التحكيمي بالتنفيذ المعجل

الأصل ان يقع تنفيذ الحكم التحكيمي اختيارا. ولا يجبر المحكوم عليه على التنفيذ الجبري الا في حالة رفض التنفيذ اختيارا. ويخضع الحكم التحكيمي لقواعد التنفيذ الجبري للدولة بعد تنزيله.

والقاعدة المقررة تشريعيا، أن لا يصبح الحكم التحكيمي سندا تنفيذيا الا بعد تذييله بالصيغة التنفيذية ، لأن أجل الطعن بالبطلان فيه والطعن داخل الأجل موقفان للتنفيذ طبقا لفصل 36-327 من ق. م.م.

ويمنع الطعن بالبطلان رئيس محكمة الأمر بتذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية وتخليه عن النظر على اعتبار أن هذا الطعن موقف للتنفيذ بقوة القانون. ولا يتصور التذييل من طرف رئيس المحكمة في هذه الحالة، لان التنفيذ سيباشر على أساس القرار الاستئنافي في حالة رفض دعوى بطلان الحكم التحكيمي.

ومكن المشرع المغربي الهيئة التحكيمية من تعجيل التنفيذ قبل أوانه عن طريق شمول الحكم التحكيمي بالتنفيذ المعجل اعمالا للقواعد العامة المطبقة على الأحكام عموما، ولما قرره في الفصل 26-327 من ق. م.م.

ولا يحكم بالتنفيذ المعجل الا بناء على طلب من الأطراف أو كليهما ما لم يقع منع هذه المكنة من طرف المشرع بنص صريح أو يسمح به نظام التحكيم في اطار التحكيم المؤسساتي .

ويمكن أن يقترن التنفيذ المعجل المحكوم به بوجوب ايداع ضمانة عينية أو شخصية . ولم يقع تنظيم الحالة التي يقع فيها رفض التنفيذ المعجل من طرف المحكم ، اذ أن القانون الفرنسي مكن الطرف الذي لم يستجب لطلبه أن يتقدم به الى السيد رئيس الأول لمحكمة الاستئناف بصفته قاضيا للمستعجلات في اطار مسطرة حضورية.

وما الحكم القانوني لوكان الحكم التحكيمي مشمولا بالتنفيذ المعجل بارادة الهيئة التحكيمية، هل لا بد من المرور من مسطرة التذييل بالصيغة التنفيذية أم أن الحكم التحكيمي في ذاته سند تنفيذي يخول الركون الى قواعد التنفيذ الجبري قبل سماع الأمر بتذييله ؟

1-   في حالة اعتبار الحكم التحكيمي المشمول بالتنفيذ المعجل سندا تنفيذا ، يحق للمستفيد منه أن يفتح الملف التنفيذي بكتابة الضبط بعد تبليغه، ولمباشرة اجراءات التنفيذ.

ويجب والحالة هاته عن المطلوب في التنفيذ، أن يمارس الطعن بالبطلان في الحكم التحكيمي أمام محكمة الاستئناف التي تبقى محكمة الطعن، والتي سيرفع اليها طلب وفق التنفيذ بطلب مستقل في اطار مقتضيات الفصل 147 من ق.م.م.

ولا نجد لهذا الاجراء بالرغم من وجاهته من مؤيد قانوني صريح ويصعب من الناحية العملية ممارسته في غياب النص الصريح بذلك .

2- في حالة عدم اعتبار الحكم التحكيمي سندا تنفيذيا ، يجب الرجوع الى رئيس المحكمة من أجل تذييل الحكم التحكيمي بالتنفيذ المعجل بالصيغة التنفيذية . و هل الطعن بالبطلان في الحكم التحكيمي أمام محكمة الاستئناف و قبل بت الرئيس في طلب التصديق، يجبر هذا الاخير على رفع اليد و التخلي بمجرد الاستظهار بالطعن بالبطلان أمامه ، أم سيواصل مسطرة التذييل إلى نهايتها ؟ و نميل إلى القول ، انعقاد الاختصاص لرئيس المحكمة بالتذييل بالصيغة التنفيذية متى كان الحكم التحكيمي مشمولا بالتنفيذ المعجل من طرف الهيئة التحكيمية. و لا يحول الطعن بالبطلان داخل الأجل في المقرر التحكيمي من غل يد الرئيس عن التذييل بالصيغة التنفيذية و لا سماع الامر بالتخلي و رفع اليد. و يطرح التساؤل في حالة تذييل الحكم التحكيمي المشمول بالتنفيذ المعجل بالصيغة التنفيذية ، فهل ستلحق مسطرة وقف التنفيذ ، الحكم التحكيمي المشمول بالتنفيذ المعجل أم أمر الرئيس بالتذييل بالصيغة التنفيذية القابل للطعن بالاستئناف ؟  لا يؤدي الطعن في الأمر بالتذييل بالصيغة التنفيذية إلى تعطيل القوة التنفيذية للحكم التحكيمي المشمول بالتنفيذ المعجل بإرادة الهيئة التحكيمية . جاء في قرار لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء ما يلي : "و حيث ان الدين الصادر به الامر بالحجر ثابت بمقتضى مقررين تحكيمين لهما حجيتهما و ان ما تمسكت به الطالبة من ان الطعن في الامر القاضي بالتذييل بالصيغة التنفيذية يجرد الحكم التحكيمي من قوة إثبات ويصبح غير مؤسس ما دام الطعن في الامر القاضي بالتذييل بالصيغة التنفيذية لا يؤثر على حجية الحكم التحكيمي مشمولا بالتنفيذ المعجل او لم يصدر بصورة نهائية[52]".

و خارج الحالات التي يكون فيها الحكم التحكيمي مشمولا بالتنفيذ المعجل بقوة القانون كما لو تعلق الأمر بالإجراءات التحفظية ، فإن التنفيذ المعجل لا يباشر إلا إذا صرح به الحكم التحكيمي صراحة و قضى به.

الفقرة الأولى : وقف تنفيذ القوة التنفيذية للحكم التحكيمي

لا يترتب عن ممارسة الطعن بالبطلان في المقرر التحكيمي الوقت التلقائي إلا إذا كان هذا الأخير غير مشمول بالتنفيذ المعجل من طرف الهيئة التحكيمية . و في حالة الحكم التحكيمي المشمول بالتنفيذ المعجل ، فإن ممارسة الطعن بالبطلان أمام محكمة الاستئناف ينقل الاختصاص إلى هذه الأخيرة أن تنظر في طلب وقت تنفيذ الحكم التحكيمي المشمول بالتنفيذ المعجل المأمور به من طرف المحكمة التحكيمية .

و يتعين تقديم طلب وقف التنفيذ في مواجهة الحكم التحكيمي لا الامر القاضي بتذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية . جاء في قرار لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء مايلي :"حيث إن الطلب يرمي إلى إيقاف تنفيذ الامر القاضي بالتذييل بالصيغة التنفيذية الحكم التحكيمي الصادر عن هيئة التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية . حيث إن الطلب أعلاه جاء معيبا شكلا لأنه ينصب على الأمر القاضي بالتذييل في حين ان الحكم المشمول بالنفاذ المعجل هو القرار التحكيمي . حيث إن طلب إيقاف التنفيذ على الحالة المعروض عليها أعلاه يكون مستوجبا للتصريح بعدم قبوله"[53].

ويقبل تنفيذ الحكم التحكيمي للصعوبة في التنفيذ أمام رئيس محكمة الدرجة الأولى في اطار الفصل 21 من قانون احداث المحاكم التجارية ، والفصلين 149  و436 من قانون المسطرة المدنية حسب ما ذهب اليه جانب من القضاء المغربي .

" وحيت انه بالرجوع الى وثائق النازلة يتبين ان النزاع لا يتعلق بايقاف تنفيذ حكم مشمول بالنفاذ المعجل المقدم في اطار الفصل 147 من ق.م.م كما ذهب الى ذلك الأمر المستأنف ، وانما يتعلق بايقاف تنفيذ حكم محكمين أصبح حائز لقوة الشيئ المقضي به  بعد تذييله بالصيغة التنفيذية من طرف رئيس المحكمة التجارية الرباط بتاريخ 04/010/2004 في الملف المختلف رقم 3732/2004/1 علما ان المشرع سن مقتضيات خاصة لوقف تنفيذ الأحكام النهائية بمقتضى الفصل 149 و 236 من قانون المسطرة المدنية  ومنح الاختصاص للبث فيها لرئيس المحكمة ، مما يفيد أن ما ذهب اليه المستأنف من عدم اختصاص رئيس المحكمة غير مبني على أساس سليم[54].

ويقاسم رئيس محكمة الدرجة الأولى القضاء الاستعجالي بخصوص الصعوبة الوقتية في تنفيذ الحكم التحكيمي الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف ان كان النزاع معروض أمام محكمته سواء بالطعن بالتماس اعادة النظر أو بالاستئناف [55].

جاء في قرار لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء ما يلي :

" حيث انه خلافا لما تمسكت به الطاعنة ما دام أن الأمر يتعلق بطلب تأجيل اجراءات التنفيذ المقرر بموجب المقرر التحكيمي وملحقه الصادر بتاريخ 27/05/2013 والذي فتح له الملف التنفيذي عدد 11048/2010 وما دام النزاع بخصوص  المقرر التحكيمي المذكور معروضا على محكمة الاستئناف كما هو ثابت من خلال طي الاستدعاء وأن الملف يروج تحت رقم 5313/2010 فان طلب تأجيل تنفيذ المقرر المذكور من اختصاص الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف التجارية كما جاء في تعليل الامر المستانف ".[56]

ويجب أن تبنى الصعوبات على وقائع  جديدة عن صدور السند القاضي بتذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيية .

جاء في قرار الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء ما يلي :

" وحيث ان الصعوبة في التنفيذ ينبغي أن تؤسس على وقائع طرأت بعد الحكم أما الوقائع التي كانت قائمة وقت النظر في الطلب فتندرج  ضمن الدفوع .

وحيث يستشف من ظاهر الوثائق المدلى بها من الطرفين ومن مقال الطالبة أن ما تتمسك به من اكتشاف وثائق كانت محتكرة لدى الطرف الاخر غير جدي اذ سبقت مناقشة الرسائل الاكترونية المتبادلة بين الطرفين من طرف هيئة الحكم وأن هذه الأخيرة أرسلت جميع الوثائق المدلى بها من طرف المطلوبة الى الطالبة التي اطلعت عليها حسبما يستفاد من مذكرة دفاعها  الأستاذ ...الموجهة الى الهيئة التحكيمية "[57]

و تكمن العبرة في تنفيذ الحكم التحكيمي بمنطوقه وليس بترجمته ، و بالتالي لا موجب للدفع بوجود صعوبة في تنفيذ الحكم التحكيمي . جاء في قرار لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء ما يلي :

" حيث تمسك المستأنف في معرض استئنافه بوجود صعوبة واقعية تتمثل في الترجمة غير الدقيقة للفقرة الرابعة من قرار التحكيم ،و قانونية تتلجى في استعماله نقل ملكية اسهم شركة مافيك نظرا لتصفيتها قضائيا تعترضان تنفيذ المقرر التحكيمي الصادر بتاريخ 2004/01/29 . و حيث انه يبدو من مظاهر وثائق الملف ان المقرر التحكيمي المذكور حصل على الصيغة التنفيذية بمقتضى الامر الصادر بتاريخ 2004/03/01 تحت عدد 04/1/2380 و المؤيد استئنافيا حسب القرار عدد 829 و تاريخ 2005/05/12 . و حيث ان الاصل في التنفيذ ان ينصرف إلى منطوق المقرر في اصله و ليس لترجمته "[58]

و قد يقع الطعن في الاستئناف في الامر القاضي بتذييل الحكم التحكيمي المشمول بالصيغة التنفيذية أمام محكمة الاستئناف و المسموح به في ظل المقتضيات المنسوخة ، فإن من شأن هذا الطعن أمام محكمة الاستئناف أن ينقل الاختصاص للرئيس الاول بصفته قاضيا للأمور المستعجلة للنظر في دعوى الصعوبة الوقتية في تنفيذ الحكم التحكيمي المشمول بالتنفيذ المعجل . جاء في قرار للرئيس الاول لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء ما يلي : و حيث إن القرارين الصادرين عن هذه المحكمة بتاريخ 2010/12/30 في الملف رقم 2010 /5316 بتاريخ 2011/01/20 في الملف رقم 2010/5517 يتعلقان بإيقاف تنفيذ أمر قضى بتذييل مقرر تحكيمي بالصيغة التنفيذية و بإيقاف التنفيذ المعجل المشمول به المقرر المذكور و لا يتعلقان بالصعوبة في التنفيذ مما يكون معه تمسك المطلوبة بمقتضيات الفصل 367 من قانون المسطرة المدنية في غير محله . و حيث إن المطلوبة تباشر إجراءات تنفيذ مقرر تحكيمي مشمول بالتنفيذ المعجل و مذيل بالصيغة التنفيذية قضى لها في مواجهة الطالبة و شركة أخرى بأداء مبالغ مالية و إن المفوض القضائي عمد إلى حجز جميع التجهيزات الموجودة بمقر الطالبة و المتكون منخمسة طوابق و أن المحجوز هو عبارة عن جميع الحواسب و الات النسخ و المكاتب و موائد الاجتماعات و أجهزة الهاتف و آرائك الاستقبال و طابعات و أجهزة الفاكس و خزائن و ذللك حسب محضر الحجز التنفيذي المحرر في ملف التنفيذ رقم  2010/11048

 وحيث إن الطالبة تقدمت بدعوى من أجل بيع أصلها التجاري بكافة عناصره و ذلك حسب نسخة مقال الدعوى المرفقة بالطلبو حيث إن بيع جميع تجهيزات المحل الذي تمارس فيه الطالبة نشاطها يضر بباقي عناصر الاصل التجاري للطالبة المثقل بعدة تقييدات لفائدة البنك المغربي للتجارة الخارجية و الشركة العامة المغربية للابناك منا يكون معه طلب تأجيل بيع المنقولات المحجوزة إلى حين البت في دعوى بيع الاصل التجاري و جيها و لا تأثير لبيع المنقولات المحجوزة إلى حين البت في دعوى بيع الاصل التجاري و جيها و لا تأثير لما تتمسك به المطلوب من أن الاصل المطلوب بيعه تتعلق به حقوق شركة أخرى و أن بيع الشعار ضمن عناصر الاصل التجاري غير ممكن ما دام القرار التحكيمي قد منع على الطالبة استعمال شعار المطلوبة ، على طلب تأجيل البيع ما دامت محكمة الموضوع هي الموكول إليها الفصل في ذلك[59].

 

 

 

?    خــاتـمــة :

 وختاما يمكن القول أن القانون الجديد رقم 05/08  بالرغم من أنه قد جاء مستجيبا لمجموعة من النواقص التي كانت تعتري التشريع الملغى، ومن بينها التمييز بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي، وهذه من أهم الإيجابيات التي جاء بها القانون الجديد، إلا أن هذا لا يمنع من القول بأنه بدوره لا يخلو من بعض العراقيل والصعوبات التي تعيق مساطر التحكيم بالمغرب وأهم هذه العراقيل التي تبقى عائقا بين طموحات المستثمرين الأجانب بالمغرب ومؤسسة التحكيم كوسيلة فعالة لتسويه منازعاتهم، وهي بسط الدولة لرقابتها على مجريات التحكيم، هذا دون شأن العائق التشريعي الذي تسجد في إدراج قانون 05-08 كملحق في قانون المسطرة المدنية عوض تخصيص مدونة مستقلة وخاصة للتحكيم، مما يدل على استمرار تحكم القضاء الرسمي في التحكيم والدليل على ذلك هو الإحالة بشأن مسطرة التحكيم على بنود المسطرة المدنية التي تتسم إجراءاتها بالتعقيد ولهذا وللخروج من هذه المعوقات وهذا العجز التشريعي وفي ظل الحديث عن إصلاح قضائي يبقى الأمل معلقا على المهتمين بالقطاع خاصة التجاري, والفاعلين الاقتصاديين والسياسيين للدفع قدما هذه المؤسسة (أي مؤسسة التحكيم). وذلك بالأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل من التحكيم الداخلي والدولي وتوسيع نطاق تطبيق مسطرة التحكيم من حيث الأشخاص ثم الاستفادة من تجارب بعض الدول الرائدة في مجال التحكيم المحلي و الدولي.

 

 

 

 


 

لائـحــة الــمـراجـع

أولا : المراجع باللغة العربية

I– المؤلفات :

&  أحمد أبو الوفاء: التحكيم الاختياري والإجباري ، الطبعة 5 الإسكندرية سنة 2000 .

&  أحمد أبو الوفاء: التحكيم في القوانين العربية منشاة المعارف الاسكندرية  طبعة 1996.

&  أحمد عبد المنعم: حدود الرقابة القضائية على التحكيم الداخلي في منازعات العقود   طبعة.2002.

&  أزوكار عمر، التحكيم التجاري الداخلي والدولي- قراءة في التشريع والقضاء- الطبعة الأولى 1436 ه- 2015 م.

&  إدريس العلاوي العبدلاوي، القانون القضائي الخاص، الجزء الأول.

&   حفيظة السيد الحداد:  مدى اختصاص القضاء الوطني باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في المنازعات الخاصة الدولية ، مطبعة الانتصار، 1996،.

&  رضا السيد عبد الحميد، مسائل في التحكيم، الكتاب الأول تدخل القضاء في التحكيم بالمساعدة والرقابة، دار النهضة العربية،طبعة 2003.

&  زكرياء العماري الوسائل البديلة لتسوية المنازعات الطبعة الاولى 2013 مطبعة المعارف الجديدة الرباط.

&  عبد الباسط جميعي، المرافعات في قانون المرافعات الجديد، دار الفكر العربي، طبعة 1973.

&  عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، الطبعة الثانية،2004.

&  عبد العزيز حضري، المسطرة المدنية مطبعة الجسور طبعة 2008.

&  ليلى بنجلون التحكيم التجاري في القانون المغربي مطبعة النجاح طبعة 2008 .

&  مروان كركبي: تدخل القضاء في المحاكمة التحكيمية الملتقي القضائي للتحكيم، المركز اللبناني للتحكيم، مطبعة صادر 2005.

&  محمد لفروجي، التاجر والأعمال التجارية، الطبعة الثانية النجاح الجديدة الدار البيضاء طبعة.

&  نجيب أحمد عبد الله تابت الحنبلي: التحكيم في القوانين العربية،  نشر المكتب الجامعي الحديث طبعة .2006.

&  هشام خالد ، جدوى اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي، توزيع منشأة المعارف،طبعة 2005.

II– الرسائل والأطروحات :

&  محمدالنظاري : رقابة القضاء على التحكيم في التشريع المغربي دراسة مقارنة : رسالة لنيل دبلوم الماستر تخصص القضاء والتحكيم ، كلية الحقوق جامعة محمد الاول ، وجدة سنة 2006/2007

&  عبد الكريم المداني : سلطة المحكم في اتخاذ الاجراءات الوقتية والتحفظية ،دراسة مقارنة : رسالة لنيل دبلوم الماستر تخصص القضاء والتحكيم  كلية الحقوق جامعة محمد الاول وجدة .

III - المجلات:

&  مجلة الإشعاع، عدد 27 غشت 2003.

&  دفاتر المجلس الأعلى العدد 7/2005.

&  مجلة المحاكم المغربية عدد 75.

ثانيا: المراجع الالكترونية

& www.droitcivil.over-blog.com 

   تم الإطلاع بتاريخ 21/11/2016 على الساعة18h 10.

ثالثا:المراجع باللغة الفرنسية:

& PHILIPPE BERTIN : « le rôle du juge dans l’exécution de la sentence arbitrale, Rev. arb, 1983e.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفهرس :

?مقــدمـــة :.........................................................................................................2

المبحث الأول : تدخل القضاء في تذييل الصعوبات قبل تشكيل الهيئة التحكيمية......................5

المطلب الأول :فعالية تدخل القضاء في مسطرة التحكيم.................................................5

الفقرة الأولى : المسطرة القضائية لتعيين الهيئة التحكيمية...............................................5

أولا :اختلاف الأطراف حول اختيار المحكم:............................................................5

ثانيا : التدخل القضائي لوجود خلاف في الإجراءات التحكيمية:.......................................7

الفقرة الثانية: تجريح الهيئة التحكيمية  والياته............................................................8

1- مفهوم تجريح المحكمين:............................................................................8

الفقرة الثانية: آليات تجريح المحكمين:....................................................................9

المطلب الثاني : صلاحيات القضاء في اصدار الأوامر الوقتية والتحفظية وتوفير وسائل الاثبات..11

الفقرة الاولى: شروط اختصاص قضاء الدولة في اتخاذ الاجراءات الوقتية والتحفظية..............12

الفقرة الثانية: توفير القضاء لوسائل الإثبات.............................................................18

أولا: تدخل القضاء للمساهمة في توفير أدلة الإثبات....................................................19

ثانيا: الإنابة القضائية......................................................................................20

الفقرة الثانية:  البث القضائي في الأمور الخارجة عن اختصاصات هيئة التحكيم...................21

المبحث الثاني : تدخل القضاء في تنفيذ الحكم التحكيمي...............................................22

المطلب الأول : تذييل الحكم التحكيمي ومنح الصيغة التنفيذية.........................................22

الفقرة الأولى :اكساء حكم التحكيم بالصيغة التنفيذية....................................................23

أولا : إجراءات طلب الأمر بالصيغة التنفيذية..........................................................24

ثانيا : الجهة القضائية المختصة بمنح الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم.................................26

الفقرة الثانية : سلطة القضاء إزاء طلب تنفيذ حكم التحكيم............................................28

أولا : المراقبة الشكلية لحكم التحكيم شرط للأمر بتنفيذه...............................................28

المطلب الثاني : التنفيذ المعجل للحكم التحكيمي.........................................................32

الفقرة الأولى : شمول الحكم التحكيمي بالتنفيذ المعجل.................................................32

الفقرة الأولى : وقف تنفيذ القوة التنفيذية للحكم التحكيمي..............................................34

?خــاتـمــة :..............................................................................................39

لائـحــة الــمـراجـع.......................................................................................40

الفهرس :....................................................................................................43

 



- - رضا السيد عبد الحميد، مسائل في التحكيم-دار النهضة العربية الطبعة 1989   بيروت ص: 31.[1]

[2]- - محمد لفروجي، التاجر والأعمال التجارية، الطبعة الثانية النجاح الجديدة-الدار البيضاء-1999 ، ص: 382

- عبد العزيز حضري، المسطرة المدنية مطبعة الجسور  طبعة 2008، ص: 170.[3]

 - رضا السيد عبد الحميد، مرجع سابق ، ص: 39.[4]

-  أحمد أبو الوفاء: التحكيم في القوانين العربية  منشاة المعارف الاسكندرية طبعة 1996، ص: 44.[5]

[6]  -  محمد بدران: المشاكل الخاصة باختيار المحكمين وردهم مجلة التحكيم العربي الصادرة عن الامانة العامة للاتحاد العربي للتحكيم  الدولي العدد الثالث  ، 2000 ص: 55.

[7]  - محمدالنظاري الرقابة القضائية على التحكيم في التشريعي اليمني والمغربي، دراسة مقاربة:رسالةلنيل دبلوم الماسترجامعة محمد الأول، وجدة سنة 2006/2007

[8]  - أحمد عبد المنعم: حدود الرقابة القضائية على التحكيم الداخلي في منازعات العقود  دار النهضة العربية  طبعة.2002، ص: 160.

[9]- ليلى بنجلون التحكيم التجاري في القانون المغربي  مطبعة النجاح طبعة 2008 صفحة 413

 - رضا السيد عبد الحميد: مرجع سابق،ص : 42[10]

 - عزمي عبد الفتاح: إجراءات رد المحكم، مجلة الحقوق الكويتية العدد الرابع، الطبعة الثانية 1994، ص: 525.[11]

 - أحمد أبو الوفاء: التحكيم الاختياري والإجباري ، الطبعة 5 الإسكندرية 2000، ص: 167.[12]

[13]  - يب أحمد عبد الله تابت الحنبلي: التحكيم في القوانين العربية،  نشر المكتب الجامعي الجديث طبعة.2006، ص: 282

14- حفيظة السيد الحداد: الإجراءات الوقتية والتحفظية والمنازعات الخاصة الدولية ، مطبعة الانتصار، 1996، ص: 3.

 - قرار عدد 248 صادر بتاريخ 27-05-1970 عن قضاء مجلس الأعلى أوردهعبد العزيز حضري ،[15]

مرجع سابق، ص:57

-  محمد علي راتب، قضاء الأمور المستعجلة، الطبعة السادسة، ص:30.[16]

[17]- - حفيظة السيد الحداد، مرجع سابق ص 184

[18]- عبد الباسط جميعي، المرافعات في قانون المرافعات الجديد، دار الفكر العربي، طبعة 1973، ص:128-129.

[19] - عبد العزيز حضري،مرجع سابق، ص:58.

[20] - – إدريس العلاوي العبدلاوي، القانون القضائي الخاص، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ، الجزء الأول، ص:37

[21] - معتز نابغ كنعان، دراسة في أحكام القرارات المستعجلة والوقتية في القرارات المعروضة على التحكيم وفق أحكام التحكيم، قانون التحكيم الأردني رقم 31 لسنة 2001 منشور في الموقع الالكتروني الأتي:

www.droitcivil.over-blog.com    تم الإطلاع بتاريخ 21/11/2016 على الساعة18h 10

[22] - حفيظة السيد الحداد، مرجع سابق ، ص:314

[23] -  حفيظة السيد الحداد ،.مرجع سابق: 215.

[24] - .نجيب أحمد عبد الله ثابت الجبلي: مرجع سابق ، ص: 271.

[25] - الفقرة الأولى من الفصل 11-327 من قانون المسطرة المدنية المعدل 08-05.

[26] - المادة 37 من قانون التحكيم المصري

[27] - نجيب أحمد عبد الله ثابت الجبلي، مرجع سابق، ص: 378.

[28] - مروان كركبي: تدخل القضاء في المحاكمة التحكيمية الملتقي القضائي للتحكيم، المركز اللبناني للتحكيم، مطبعة صادر 2005، ص: 41.

[29] - أحمد أبو الوفا، التحكيم الاختياري والإجباري مرجع سابق، ص: 253.

[30] - ليلى بنجلون، التحكيم التجاري في القانون المغربي مرجع سابق، ص: 415.

[31] - رضا السيد عبد الحميد، مسائل في التحكيم، الكتاب الأول تدخل القضاء في التحكيم بالمساعدة والرقابة، دار النهضة العربية، 2003، ص 4.

[32]- زكرياء العماري الوسائل البديلة لتسوية المنازعات مطبعة الجديدة  الطبعة الاولى 2013 صفحة 104

[33] - المادة 56 من قانون التحكيم المصري : "يختص رئيس المحكمة المشار إليه في المادة 9 من هذا القانون أو من ينتذبه من قضاتها لإصدار الأمر بتنفيذ حكم المحكمين ويقدم طلب تنفيذ الحكم مرفقا بما يلي : أصل الحكم أو صورة موقعة منه – صورة من اتفاق التحكيم – ترجمة مصادقة عليها من جهة معتمدة إلى اللغة العربية بحكم التحكيم إذا لم يكن صادرا بها – صور من المحضر الدال على إيداع الحكم وفقا للمادة 47 من هذا القانون.

ونص المادة 1477 من قانون المسطرة المدنية الفرنسية، ويستحسن أن نورده بصيغته الأصلية :

« Le sentence arbitral n’est susceptible d’exécution forcé qu’en vertu d’une décision exequatur émanant du tribunal de grande instance dans le ressort duquel la sentence a été rendue.

A cet effet, la minute de la sentence accompagnée d’un exemplaire de la convention d’arbitrage et déposée par l’un des arbitres au par la partie la plus diligente au secrétariat de la juridiction ».

وأنظر الفصل 31 – 327 من ق.م.م الذي نص على أنه : "لا ينفذ الحكم التحكيمي جبريا إلا بمقتضى أمر بتخويل الصيغة التنفيذية يصدره رئيس المحكمة الصادر الحكم في دائرتها.

يودع أصل الحكم التحكيمي مصحوبا بنسخة من اتفاق التحكيم مع ترجمتها إلى اللغة العربية لدى كتابة ضبط المحكمة من لدن احد المحكمين أو الطرف الأكثر استعجالا داخل أجل 7 أيام كاملة التالية لتاريخ صدوره.

إذا تعلق التحكيم باستئناف حكم، وجب إيداع الحكم التحكيمي لدى كتابة ضبط محكمة الاستئناف وفقا لمقتضيات الفقرة السابقة.

ويصدر الأمر بتخويل الصيغة التنفيذية عن الرئيس الأول لهذه المحكمة"

والفصل 32/327 الذي ينص على أنه : "توضع الصيغة التنفيذية على أصل الحكم التحكيمي"

[34] - هشام خالد ، جدوى اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي، توزيع منشأة المعارف،طبعة 2005، ص 86.

[35] - قرار محكمة استئناف الدار البيضاء 21 يونيو 1983 أشير إلى ذلك : عند فريد الحاتمي،التحكيم في القانون المغربي بين الماضي الحاضر والمستقبل  ، ص 53.

[36] - ملف عقود مختلفة رقم 428/5 صادر عن محكمة الاستئناف بوجدة، منشور بمجلة الحقوق المغربية ، العدد 4، السنة الثانية دجنبر 2007، ص 155.

[37] - تعقيب تونسي عدد 13637 بتاريخ 16/11/1985 القروي م.م.م.ت ص 158 ط. 1990. مشار إليه في كتاب : عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، الطبعة الثانية،2004، ص 71.

[38] - تعقيب تونسي رقم 14734 بتاريخ 05/05/1986 القروي م.م.م.تص 1588، 159. ط 90، أورده : عبد الكريم الطالب، مرجع سابق ، ص 71.

[39] - تمييز غرفة خامسة قرار رقم 24/2002، تاريخ 23/04/2002، المجلة، عدد 23 ص 28 رقم 1، أورده :احمد عبد المنعم ، مرجع سابق،  ص 122.

[40] - ملف رقم 2094/1/2008 أمر رقم 2134 صدر بتاريخ 03/06/2008 الصادر بالمحكمة التجارية بالرباط منشوربالمجلة المغربية للقانون ص122

[41] - ملف رقم 580/1/2008 أمر رقم 596 صدر بتاريخ 18/02/2008 صادر عن المحكمة التجارية بالرباط  منشور بالمجلة الغربية للقانون ص 203

[42] - – محكمة استئناف البيضاء 21 يونيو 1983، المجلة المغربية للقانون، 1988/17، ص 117.

[43] - أمر 2013/150 صادر في القضية الاستعجالية عدد 1252/85 عن رئيس المحكمة الابتدائية بالبيضاء، منشور بمجلة، رابطة القضاة عدد 16/17، ص 133، مشار إليه : ضمن مرصد الاجتهاد القضائي في مادة التحكيم بمجلة القصر، عدد 2، ماي 2002، ص 103.

[44] - – محكمة استئناف البيضاء 21 يونيو 1983، ملف تجاري عدد 1083، المجلة المغربية للقانون 1988/17، ص 117،

 - – قرار المجلس الأعلى الغرفة المدنية قرار عدد 1965 بتاريخ 717/1992 منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 75.[45]

[46] - القرار عدد 1766 الصادر بتاريخ 7/7/02 في ملف عدد 1277/8 أشار إليه :منشوربسلسلة دفاتر المجلس الأعلى العدد 7/2005 ص 205.

[47] - – أمر مبني على طلب رقم 1858 صادر بتاريخ 30/08/93 عن نائب رئيس المحكمة الابتدائية بالقنيطرة، منشور بمجلة الإشعاع، عدد 27 غشت 2003 ص 270.

[48] - محكمة الاستئناف بالقنيطرة ملف مدني عدد 3169/93 صادر بتاريخ 10/10/1995 مشار إليه ضمن مرصد الاجتهاد القضائي في مادة التحكيم بمجلة القصر، العدد 2، ماي 2002، ص 106.

[49] - 285 PHILIPPE BERTIN : « le rôle du juge dans l’exécution de la sentence arbitrale, Rev. arb, 1983, P.283, spe, P.

[50] - – أمر رقم 2134 ملف رقم 2094/1/2008 صدر بتاريخ 03/06/2008 صادر عن المحكمة التجارية بالرباط منشور بمجلة القضاء والقانون عدد158 ص 80

انظر في نفس الإتجاه القرار 1766 الصادر في 07/07/1992 في الملف المدني 1277/88 منشور بمجلة القضاء والقانون، عدد 144، ص 155.

[51]– أنظر أحمد الورفلي، القضاء في الدول المغاربية والتحكيم التجاري الدولي بين الرقابة والمساعدة، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،عدد 1،سنة 2003، ص 85.

[52]- - قرار الرئيس الأول لمحكمة الاستأناف التجارية بالدار البيضاء رقم : 2285/2011 صدر بتاريخ : موافق 23 ماي 2011 رقم الملف.

1190/2011/01 اورده عمر أزوكار "التحكيم التجاري الداخلي والدولي بالمغرب "طبعة 2015 ص 211

[53]- قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء رقم 5627 /2010 بتاريخ  30/12/2010 رقم الملف 5316/2010/2 اورده

عمر ازوكار مرجع سابق ص 212

[54]- قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 631/2005 صدر بتاريخ 24 فبرابر 2005 رقم 146/2005/4 اورده عمر أزوكار مرجع سابق ص 212

[55]- جاء في قرار الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء ما يلي :" حيث ان القرار الاستئنافي المؤيد للأمر الابتدائي القاضي

 بتذييل المقررات التحكيمية المطلوبة ايقاف تنفيذها مطعون فيه باعادة النظر أمام هذه المحكمة حسب نسخة طلب اعادة النظر مما يكون معه النزاع معروضا على هذه المحكمة ويكون رئيسها الأول مختصا بالنظر في الطلب بوصفه قاضيا للمستعجلات اعتمادا على الفقرة الثانية من المادة 21 من القانون المحدث للمحاكم التجارية " قرار الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 3536/ 2013 صدر بتاريخ 28 /06/2013  ملف رقم 2727/2013/1 أورده عمر ازوكار مرجع سابق ص 213

[56]- قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 2212 /2011 صدر بتاريخ 17 ماي 2011 رقم 1789/2011/4 أوردع عمر ازوكار مرجع سابق ص 213

[57]- قرار الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 3563/2013 صدر بتاريخ 28/06/2013 ملف رقم 2727/3/22013/1 أورده عمر ازوكار مرجع سابق ص 213

 - قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء رقم 3765 ملف عدد 6/2/1767  أورده عمر أزوكار مرجع سابق ص 214[58]

[59]- - قرار الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف التجارية  رقم 2672/11/20 صادر بتاريخ 03/06/2011 ملف رقم 2584/11/1 أورده عمر ازوكار مرجع سابق ص 215

 

المدونة القانونية الشاملة
المدونة القانونية الشاملة