أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

الصفقات العمومية

  من إعداد : طلبة ماستر المهن القانونية والقضائية والقضائية بتطوان الفوج الثاني. 






مـــقدمــــة:

 

عرف تطور الصفقات العمومية بالمغرب عدة محطات ابتداء من اتفاقيات الجزيرة الخضراء سنة 1906 , ومرورا بمرسوم 19 ماي 1965 .والتي كانت تتجه في معظمها إلى تطوير نظام الصفقات العمومية في اتجاه يرمي إلى توخي الشفافية وضمان المنافسة ,ويمثل مرسوم 14 أكتوبر 1976 ,ومرسوم 30 دجنبر 1998 أهم المحطات التاريخية في عصرنة نظام الصفقات العمومية .

فمرسوم 1976 أدخل عدة متغيرات تتمثل في منح الإدارة سلطات أوسع للاختيار بين مختلف طرق إبرام الصفقات العمومية دون التقيد بمبلغ  مالي كما وسع من الشريحة المالية المخولة للإدارة فيما يخص الأشغال البسيطة المقدمة على سندات الطلب .

وبذلك تم إعطاء الأولوية لطلب العروض والاتفاق المباشر على حساب المناقصة حيث لم يصبح الثمن هو المهم بل الكفاءة والجودة كمعيارين أساسيين .ومع التحولات التقنية الاقتصادية والحاجة الملحة لرفع وثيرة التنمية تم تجاوز هذه التجربة من خلال مرسوم 30 دجنبر 1998 الذي دعا إلى توخي الشفافية في تدبير الصفقات العمومية ,وضمان حرية المنافسة والتحفيز على الجودة في العمل وضبط الأخلاقيات  .

وبعد 10 سنوات من التطبيق ظهرت عدة ثغرات مما دعا إلى استصدار مرسوم 5 فبراير 2007 الذي حث فيه المشرع على استعمال وسائل الطعن واللجوء للمصالحة لتسوية النزاعات المتعلقة بإبرام الصفقات العمومية , وقد عرف هذا المرسوم هو الأخر عدة ثغرات ونواقص استدعت إصلاحات جديدة ترمي إلى التغلب على الإختلالات ,وتبعا لذلك جاء مرسوم 20 مارس 2013 والذي جاء بجملة من المبادئ التي تكرس الحكامة الجيدة في إبرام الصفقات العمومية وتتوخى الاحتكام إلى قواعد النص القانوني من أجل تطوير هذا المجال وجعله في مستوى أفضل خدمة للتنمية وقاطرة الإصلاح على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية.

المبحث الأول : الإطار النظري للصفقات العمومية.

 

يعد موضوع الصفقات العمومية من الموضوعات البالغة الأهمية في مجال القانون الإداري ولاسيما ما يخص إنجاز الأشغال أو الخدمات أو التوريدات في المجالين الاقتصادي  و الاجتماعي [1].

ذلك أنها تكتسي أهمية قصوى لكونها تعد مظهرا من مظاهر امتيازات السلطة العامة,كما أنها تشكل  في حد ذاتها نظاما  يرتبط باستخدام الأموال العامة وتوظيفها تلبية لحاجيات الإدارة , وهي تستهدف من خلال ذلك الحفاظ على الصالح العام للدولة وباقي الأجهزة العامة الأخرى باعتبارها المسؤولة عن تدبير الأموال العمومية ,هذا بالإضافة إلى كونها تعد ركنا أساسيا من أركان التقدم الإقتصادي و الإجتماعي  للدولة الحديثة .ومن هذا المنطلق فقد أولى المشرع المغربي اهتماما لهذا النوع من العقود الإدارية لما لها من أهمية قصوى في بناء وتدعيم اقتصاديات الدولة وقد ترجم هذا الاهتمام بإصدار مجموعة من النصوص القانونية لتنظيم وتسيير الصفقات العمومية.

كما تضمنت هذه النصوص إنشاء هيئات وطنية للاضطلاع بمساطر وطرق إبرام الصفقات العمومية ومستجدات المرسوم الجديد "مرسوم 20 مارس 2013".

وتأسيسا على هذه الاهمية التي تحظى بها الصفقات العمومية  فإننا نرى ضرورة التطرق إلى ماهية الصفقات العمومية (المطلب الأول),بالإضافة إلى كيفية إبرامها (المطلب الثاني).

المطلب الأول : ماهية الصفقات العمومية .

 

نظرا لما تكتسيه الصفقات العمومية  من أهمية بالغة وحساسة ,وجب علينا الوقوف على تعريفها مع تبيان خصائصها وما يميزها عن باقي العقود الإدارية (الفقرة الأولى).تم سنتعرض بعد ذلك إلى أنواعها (الفقرة الثانية).

 

الفقرة الأولى : مفهوم الصفقة العمومية  وما يميزها عن باقي العقود الإدارية.

 

v    أولا :مفهوم الصفقة العمومية:

يقصد "بالصفقة"  لغويا  ضرب اليد على يد أخرى وهكذا يقال صفق على يده ,أي ضرب يده على يده ذلك دلالة على حصول الإتفاق . لهذا أطلقت كلمة  صفقة على التعاقد الذي يهدف إلى إنجاز أشغال أو توريدات  أو خدمات. في حين كلمة "عمومية" هي نعت يطلق على جميع الصفقات التي تكون الأشخاص العمومية طرفا فيها سواء كانت الدولة أو الجماعات المحلية [2].

 إذن فما هو مفهوم الصفقات العمومية انطلاقا من الناحية التشريعية والقضائية وكذلك الفقهية؟.

1-   التعريف  التشريعي :

عرف المشرع المغري من خلال المادة 4 من المرسوم (20 مارس 2013) أن الصفقات : "عقود بعوض تبرم بين صاحب المشروع من جهة , وشخص ذاتي أو اعتباري من جهة أخرى, يدعى  مقاولا أو موردا أو خدماتيا, وتهدف إلى تنفيذ  أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات".

2-   التعريف القضائي  :

فمن المنظور القضائي تعتبر الصفقات العمومية بمثابة عقود إدارية بقوة القانون فهي مظهر من مظاهر امتيازات السلطة كما أنها مرتبطة باستخدام وتوظيف الأموال العامة ,وفي نفس السياق ذهب مجلس الدولة الجزائري في تعريفه للصفقات العمومية في قرار له غير منشور مؤرخ في 17 ديسمبر 2002 قضية رئيس المجلس الشعبي لبلدية ليوة ببسكرة ضد (ق.أ) تحت رقم 6215 فهرس 873 إلى قول :"وحيث انه تعرف الصفقة بأنها عقد يربط الدولة بالخواص حول مقاولة أو إنجاز مشروع أو أداء خدمات..."

غير أنه من خلال هذا القرار ,نجد أن مجلس الدولة الجزائري حصر مفهوم الصفقة العمومية على أنها رباط عقدي يجمع الدولة بأحد الخواص .في حين أن العقد الإداري أو الصفقة العمومية يمكن أن تجمع طرفا أخر غير الدولة , كما أن التعريف أعلاه حصر الصفقة العمومية على أنها عقد يجمع بين الدولة وأحد الخواص ,في حين أن الصفقة العمومية قد تجمع بين هيئة عمومية تتم وفقا للأشكال والإجراءات المحددة قانونا رغم تأكيد التشريع على هذا الجانب .

ولا تفوتنا الإشارة أن التعريف أيضا استعمل مصطلح المقاولة بقوله "حول مقاولة أو إنجاز مشروع ".

وكان حري بمجلس الدولة أن لا يستعمل هذا المصطلح ذو المفهوم المدني ,ويستعمل عوضا عنه عقد الأشغال العامة تماشيا مع تنظيم الصفقات العمومية .وأن يقتصر على ذكر عبارة إنجاز أو تنفيذ أشغال لينصرف لعقد الأشغال العامة وهو عقد إداري ,ولا ينصرف لعقد المقاولة وهو عقد مدني .

3-   التعريف الفقهي :

من التعاريف التي أعطيت للصفقات العمومية من الناحية الفقهية , يمكن أن نصوغ التعريف الذي تقدم به الفقيه أندريه دولوبادير ,الذي جاء فيه"أن الصفقات العمومية هي عقودا إدارية بمقتضاها يلتزم المتعاقد بالقيام بأعمال لفائدة الإدارة مقابل ثمن محدد"[3].

وعرفها بعض الباحثين بأنها "عقود مكتوبة تبرمها الأشخاص العمومية لإنجاز أشغال أو توريدات أو خدمات , وتخضع لنظام القانون الإداري(مع بعض الاستثناء)"[4].

v   ثانيا : تمييز الصفقات العمومية عن باقي العقود الإدارية.

تعتبر الصفقات العمومية بمثابة عقود إدارية بقوة القانون فهي مظهر من مظاهر امتيازات السلطة كما أنها مرتبطة باستخدام وتوظيف الأموال العامة , هذا بالإضافة إلى أن عقود الصفقات العمومية تشكل أداة مهمة  لإنشاء المشاريع الكبرى في الدولة وتسيير المرافق العامة.

من هذا المنطلق وجب علينا أن نميز بين عقد الصفقة العمومية وبين باقي العقود الإدارية.

1-   تمييز الصفقة العمومية عن العقد المدني [5]:

و تختلف الصفقة العمومية عن العقد المدني من عدة زوايا ومن أهمها:

أ- من  حيث مراكز أطراف العلاقة العقدية : أن العقد المدني يحتل أطرافه مرتبة واحدة ولا امتياز لطرف على الطرف الأخر , بينما في العقد الإداري وبالنظر لاحتوائه عضويا على إدارة عامة أو هيئة عمومية وجب الاعتراف لهذا الأخير بامتيازات السلطة العامة بما يمكنها من تحقيق الهدف  من التعاقد.

ب- من حيث إجراءات إبرام العقد : تخضع الإدارة أو الهيئة العمومية لطرف محدد عندما  تبدي رغبتها في التعاقد وتلزم كافل عام بإعلام الجمهور كإعلان مناقصة أو مزايدة , وتخضع  لإجراءات طويلة وثقيلة ومراقبة معقدة.

ج- من حيث الهدف من العملية التعاقدية: الهدف من إبرام العقد المدني هو تحقيق المصلحة الخاصة للأطراف, أما الهدف من إبرام الصفقة العمومية هو تحقيق المصلحة العامة .

د- من حيث الجهة القضائية المختصة بالنظر في النزاع: يعقد الاختصاص في منازعات الصفقات العمومية كأصل عام للقضاء الإداري أو جهة محددة تشريعا, بينما يعقد الاختصاص في منازعات العقود المدنية إلى جهة القضاء العادي.

ه- من حيث سلطة القاضي الفاصل في النزاع: إن سلطة القاضي الإداري أوسع من سلطة القاضي المدني هذا الأخير الذي يسيره الخصوم طبقا لمبدأ القائل "الخصومة ملك الخصوم" , بينما القاضي الإداري يستطيع جبر الإدارة على تقديم قرار.

2-   تمييز الصفقة العمومية عن عقد الامتياز :

 أوردت تشريعات السنوات الأخيرة ذكر عقود الامتياز في مجموعة من النصوص تتوزع عبر قطاعات مختلفة , غير أنها لم تجتمع على تعريفه وتصنيفه , فعرفته المادة 38 من القانون  الفرنسي المؤرخ في 29 يناير 1993 المتعلق بتفويض المرفق العام بأنه عقد يكلف بواسطته شخص معنوي من القانون العام إلى شخص أخر مفوض له عمومي أو خاص تسيير مرفق مرفق عمومي تحث مسؤوليته وتحدد التعويضات أساسا من نتيجة استقلال المرفق العام. ويعرف الاجتهاد القضائي الامتياز على أساس توفر ثلاث   شروط   في  العقد :

وجود المرافق العمومية , وتوكيل سير المرافق لشخص خارج عن المصلحة العمومية ,والتأكد من الأجرة التي يأخذها هذا الغير قصد تسييره المرفق العمومي الناتج ولو جزئيا عن عوائق المرفق .وبذلك يكون موضوع عقد الامتياز بتنفيذ خدمات المرفق العمومي   بحيث أن الصفقة العمومية لا تعدو كونها اشتراك للمتعامل المتعاقد اشتراكا مؤقتا في تنفيذ خدمات أو أداء أشغال أو توريدات أو تموين.

وأن اللجوء إلى أسلوب الامتياز هو أمر اختياري  بمعنى أن للسلطة التي يتبعها المرفق الحرية في أن تأخذ به أو تتركه وعلى العكس من ذلك فالصفقة العمومية يتعين على السلطة الإدارية التقيد بإجراءاتها وتنظيمها القانوني إلزاما.

كما أن إسناد وتسيير المرفق العام عن طريق الامتياز في شكل اتفاقية  تحوي جانب من العقد وجانب من الإجراء التنظيمي , وهذا التزاوج لا نجده في الصفقة العمومية[6].

3-   تمييز الصفقة العمومية عن الاتفاقية:

يميز بين الاتفاقية والصفقة من حيث المبلغ ومن الأطراف المتعاقدة . فلا تعد العقود التي يبرمها الأشخاص العمومية خاضعة برمتها لتنظيم الصفقات العمومية كما يخرج عن دائرة الخضوع لهذا التنظيم العقود التي تبرمها الأشخاص العمومية إذا كان مبلغها ينخفض عن الأسقف المالية المحددة في هذه الحالة حتى وإن لجأت هذه المصالح إلى استعمال شروط وأساليب تنظيم الصفقات العمومية , فإن العقد في هذه الحالة لا يعدو أن يكون اتفاقية بين طرفين ولو كان أحدهما شخصا عموميا خاضعا في الأصل لتنظيم الصفقات العمومية.

وعموما فإن الصفقات العمومية تعتبر عقودا إدارية مسماة , وذلك لأنها تتميز بنظام قانوني خاص بها وأيضا تميزها بتسيير مرفق عمومي , وأهم هذه العقود :

-         عقد  امتياز المرفق العام.

-         عقد الأشغال العامة .

-         عقد التوريد.

الفقرة الثانية : أنواع الصفقات العمومية :

 

تختلف الصفقات العمومية بحسب التنوع في طبيعتها (أولا), أو في طرق تنفيذها (ثانيا), وكذا حسب الأثمان(ثالثا).وعلى هذا المعطى سنتناول كل معطى على حده.

v   أولا  :  أنواع الصفقات العمومية حسب طبيعة أعمالها :

تنقسم الصفقات العمومية حسب طبيعة أعمالها إلى صفقة أشغال وصفقة توريدات وكذا صفقة خدمات,فهذه الصفقات أقرتها المادة 4 من مرسوم 20 مارس 2013 .وعليه سنحاول بيان معنى هذه الصفقات .

1-    صفقة  أشغال : هي عبارة عن عقد الغاية منه تنفيذ أشغال مرتبطة إما بالبناء أو إعادة البناء وإما بالهدم أو الترميم وكذا تجديد بناية أو منشأة ... إضافة إلى الخدمات الثانوية المرتبطة بالأشغال كإنجاز المعالم الطبوغرافية أو الدراسات الزلزالية[7].

 

2-   صفقة التوريدات :

و هي تلك الصفقة التي ترمي إلى اقتناء منتجات أو معدات أو تملكها بقرض إيجاري أو إيجارها أو إيجارها بنية البيع مع وجود خيار الشراء أو بدونه , ويقوم بإبرامه صاحب المشروع والمورد.

وهذا النوع من الصفقات ينقسم بدوره إلى عدة أنواع :

أ‌-      صفقات التوريدات العادية : وهي تلك الصفقة التي تهدف إلى اقتناء صاحب المشروع لمنتجات توجد في السوق والتي لا يمكن تصنيعها بمواصفات تقنية خاصة.

ب‌-  صفقات التوريدات الغير عادية : هي عكس الأولى بحيث تهدف إلى اقتناء صاحب  المشروع لمنتجات لا توجد في السوق ويتم تصنيعها بمواصفات تقنية خاصة.

ج-الصفقات بقرض إيجاري : أو الإيجار أو الإيجار بنية البيع سواء بوجود خيار الشراء أو بدونه.

3-   صفقة الخدمات  :

هي تلك الصفقات التي يكون موضوعها هو إنجاز أعمال خدماتية كتلك الصفقات المتعلقة بأعمال الدراسات والإشراف على الأشغال والتي تتضمن عند الاقتضاء التزامات خاصة مرتبطة بمفهوم الملكية الفكرية بالإضافة إلى صفقات الخدمات العادية والتي يكون موضوعها اقتناء صاحب المشروع لخدمات يمكن تقديمها بدون مواصفات تقنية خاصة بصاحب المشروع ثم أيضا تشمل الصفقات المتعلقة بالخصوص بأعمال صيانة التجهيزات  والمعدات وإصلاحها....

v   ثانيا : أنواع الصفقات حسب طريقة التنفيذ :

تختلف وتتنوع طريقة تنفيذ  الصفقات العمومية  حسب  طبيعة  أعمالها .

1-   صفقات إطار :

جاء  في  المرسوم  الجديد  للصفقات  وعلى  الخصوص في المادة 6 يمكن إبرام صفقات تدعى صفقات إطار , عندما يتعذر مسبقا   وبصفة كاملة تحديد كمية ووثيرة تنفيذ أي عمل له صبغة  توقعية ودائمة.

وهذا النوع من الصفقات يسمح للإدارة بأن تتزود  بنوع متجانس من الخدمات أو الحاجيات متكاملة لها طبيعة لكن لا يمكن للإدارة تحديد مجمعها.

فصفقات الإطار إذن هي عبارة عن تلك الصفقات التي تسمح لصاحب المشروع  باللجوء إليها حين يتعذر سلفا وبصفة تامة تحديد كمية ووثيرة  تنفيذ العمل موضوع الصفقة والذي يكتسي صبغة توقعية ودائمة ,فقد أضحت المدة القصوى لهذه الصفقة 3 سنوات ,بعد أن كانت 5 سنوات في المرسوم السابق.

2   صفقات  بأقساط  اشتراطيه :

الصفقات بأقساط اشتراطيه هي تلك الصفقات التي تنص على قسط تابث مغطى بالإعتمادات المتوفرة يكون صاحب الصفقة متأكدا من إنجازه ,ويتوقف تنفيذها على توافر الاعتمادات من جهة وتبليغ أمر أو أوامر بالخدمة تأمر بتنفيذه(ها)  داخل الآجال المحددة في الصفقة[8] .

ولقد بينت المادة 8 من مرسوم 2013 (الذي سبق ذكره أعلاه) كيفية تقسيم أقساط الصفقة وأشكال وشروط إتمامها.

فالصفقات بأقساط اشتراطيه تهم مجموع العمل وتحدد محتوى كل قسط وثمنه وكيفية تنفيذه ,وعند عدم إصدار الأمر بالخدمة المتعلق بقسط أو عدة أقساط اشتراطيه في الآجال المحددة  يمكن لصاحب الصفقة بطلب منه:

-إما  الاستفادة من تعويض عن الانتظار إذا نصت الصفقة على ذلك وضمن الشروط التي تحددها , وإما العدول عن إنجاز القسط أو الأقساط الاشتراطية المعنية .

يبلغ عدول صاحب المشروع عن إنجاز قسط أو أقساط إشتراطية إلى صاحب الصفقة بأمر بالخدمة , في هذه الحالة يمنح لصاحب الصفقة تعويض يدعى "تعويض العدول عن الإنجاز" إذا نصت الصفقة على ذلك وضمن الشروط التي تحدها .

وتقوم الإدارة بإبرام صفقات بأقساط اشتراطية ذلك  عندما يكون العمل المزمع إنجازه قابلا لتقسيمه إلى قسط أو أكثر على أساس أن يشكل كل قسط  من العمل مجموعة متناسقة ومستقلة ووظيفية.

وفي هذه الحالة ينبغي أن تشمل الصفقة مجموع العمل وأن يحدد محتواه وثمنه  ,وكيفيات  كل قسط ,لذلك أطلقت عليها تسميات الصفقة بأقساط اشتراطية[9].

3 -  صفقات  بحصص  منفصلة :

يحدد نوع الصفقة  بحسب طبيعة الأشغال والتوريدات أو الخدمات المطلوبة إنجازها ,فتكون "الصفقة فريدة" إذا كانت الأشغال أوالتوريدات أو الخدمات التي تشكل وحدة متكاملة يجوز للمقاول أو شركة المقاولة إنجازها رغم تنوع مهامها . وذاك نتيجة المزايا الاقتصادية أو المالية أو التقنية التي توفرها كالقيام ببناء أو تجهيز جامعة لما تحتويه من مرافق أساسية وتنشيطية بقاعات للدراسة ومختبرات وقاعات للعرض وملاعب رياضية....

أما  إذا كان في غير الإمكان إنجاز هذا المشروع مثلا في إطار الصفقة الفريدة لأسباب اقتصادية أو مالية أو تقنية  فإنه يجوز تقسيم المشروع إلى حصص فتتبع بشأنه "الصفقة المحصصة".

4-الصفقات القابلة للتجديد:

هذا النوع من الصفقات يتم إبرامه عندما يكون العمل المحتمل إنجازه قابل لتحديد كميته مسبقا وله صبغة دائمة وتكرارية وتوقعية , ومدة هذه الصفقة قد تكون سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات كحد أقصى مع إمكانية التجديد الضمني لنفس المدة غير أنه قد يحدث عدم التوصل إلى اتفاق بين طرفي الصفقة على شروط  المراجعة ومقتضياتها ,هنا جاز لهم فسخ الصفقة .

وفي جميع الحالات يتعين على صاحب المشروع عند نهاية كل سنة مالية القيام بتصفية الصفقات القابلة للتجديد في حدود مبلغ الأعمال المنجزة.

 

v   ثالثا : أنواع الصفقات حسب الأثمان .

يقصد بالثمن في مجال الصفقات العمومية , المبلغ المالي الذي يمنحه صاحب المشروع للمقاول أو المورد أو الخدماتي مقابل ما أنجزه من أشغال أو  توريدات أو خدمات , وتحديد الثمن يخضع لأساليب وصيغ مختلفة الأمر الذي يترتب عنه التنوع والتعدد في الصفقات[10].

1- طبيعة الأثمان  وكيفية  تحديدها:

  تتنوع الصفقات   بتنوع  أثمانها , وهكذا يمكن أن تكون الصفقة بثمن إجمالي أو أحادي أو مركبة :

أ-الصفقة بثمن إجمالي : بالرجوع إلى المادة 8 من مرسوم الصفقات العمومية , يتبن على أن الصفقة بثمن إجمالي  هي الصفقة التي فيها ثمن جزافي مجموع الأعمال موضوع الصفقة ويتم حساب هذا الثمن الجزافي على أساس تفصيل المبلغ الإجمالي[11].

ب-الصفقة بثمن أحادي : هي تلك الصفقة التي تكون فيها الأعمال موزعة على وحدات  مختلفة بناء على بيان تقديري يضعه صاحب المشروع , مع الإشارة بالنسبة لكل وحدة من هذه الوحدات إلى الثمن الأحادي  المقترح[12].

 

ج – صفقة  بأثمان  مركبة : هذا النوع من أثمان الصفقات يجمع بين النوعين السابقين من الأثمان أي الثمن الإجمالي والثمن الأحادي ,وذلك بتضمن الصفقة أعمال يؤدى جزء منها على أساس ثمن إجمالي والجزء الأخر على أساس أثمان أحادية.

د - صفقات بأثمان بنسبة  مئوية : وتدعى عندما يحدد ثمن العمل بواسطة نسبة مئوية تطبق على مبلغ  الأشغال المنجزة فعلا والتي تمت معاينتها بصفة قانونية .

أما إذا ظهرت بعد إبرام صفقات الأشغال أعمالا لم تكن متوقعة أثناء التعاقد وذلك لاعتبارات ذات طبيعة تقنية ,فتلحق تلك الأعمال بالصفقة وتحدد لها أثمان يطلق عليها "نفقات مراقبة" بشرط ألا يتجاوز مبلغها نسبة %20 من المبلغ الإجمالي للصفقة,نظرا للطبيعة الاستثنائية لتلك الأعمال.

مثال: اعتراض مقاول (أثناء الحفر لإقامة مشروع) بكميات كبيرة من المياه الجوفية  تحول دون الوصول إلى الأرض الصلبة لوضع الأساس المتين مع صعوبة مد القنوات والأسلاك الكهربائية والتلفونية وغيرها[13].

2 -صيغة الأثمنة : يمكن أن تكون إما ثابتة أو قابلة للمراجعة أو على سبيل مؤقت .

أ‌-      الصفقة بثمن ثابت : هي الصفقة التي لا يمكن تعديلها خلال أجل تنفيذ الصفقة بسبب  التقلبات الاقتصادية ,التي تطرأ خلال أجل تنفيذ الصفقة .ويستثنى  من هذا القيد ما قد يطرأ على سعر الضريبة على القيمة المضافة بعد التاريخ الأقصى المحدد لتسليم العروض ,فإن صاحب المشروع يعكس هذا التغيير على ثمن التسديد 

ب - الصفقة بثمن قابل للمراجعة : هي تلك الصفقة التي يجوز تغيير ثمنها خلال تنفيذ العمل بسبب التقلبات الاقتصادية , بحيث يمكن لصاحب المشروع أن يقرر قابلية الأثمان للمراجعة بالنسبة لصفقات الدراسات التي يساوي أو يفوق إنجازها 4 أشهر .

ج - الصفقة بثمن مؤقت : تبرم الصفقة بثمن مؤقت عندما يتعين الشروع في تنفيذ العمل في حين أن جميع الشروط الضرورية لتحديد ثمن أصلي نهائي غير مستوفاة بسبب الصيغة الإستعجالية للعمل, وهذه الأخيرة تهم الدفاع عن حوزة التراب أو أمن السكان أو سلامة السير الطرقي أو الملاحة الجوية أو البحرية.

المطلب  الثاني : كيفية إبرام الصفقات العمومية .

 

 يهدف تحقيق الشفافية في اختيار صاحب الصفقة ولضمان المساواة في الوصول إلى الطلبات العمومية ومنعا كذلك لإحتكار بعض المقاولين للصفقات العمومية , لهذا أقر المرسوم الجديد المتعلق بالصفقات العمومية على مجموعة من الطرق والمساطر التي يلزم سلكها قصد إبرام الصفقة العمومية, لذلك سوف نتطرق في هذه المطلب إلى تبيان الطرق التي تبرم من خلالها الصفقات العمومية وكذا مساطرها المتبعة ومن ضمنها :

 

الفقرة الأولى : المساطر العادية لإبرام الصفقات العمومية.

وهي الطريقة الأكثر وضوحا ودقة في تحقيق الشفافية في اختيار صاحب المشروع ,ومساواة المتنافسين في الوصول إلى الطلبات العمومية ,إضافة إلى خلق أكبر قدر من المنافسة ضمانا للشرعية والنزاهة في إطار فعالية النفقة العمومية وتحقيق المصلحة العامة وتتجلى في الصفقات بناء على طلب العروض ثم الصفقات بناء على مباراة.

v   أولا- صفقات بناء على طلب العروض:

تقوم مسطرة طلب العروض في إبرام الصفقات العمومية على أساس مبادرة الإدارة (الدولة والجماعات الترابية ومجموعاتها والمؤسسات العمومية)إلى دعوة المقاولين للتعاقد معها بهدف إشباع الحاجات العامة التي تعتزم تحقيقها,والإدارة هنا تتمتع بسلطة كبيرة في التعاقد مع من تراه مناسبا في نظرها بغض النظر عن الثمن المقترح من قبل المقاول لكون عنصر الثمن يصبح في المرتبة الثانية ,لأن هناك مميزات أخرى يتم اعتمادها في التفضيل بين المقاول والمقاولين الآخرين المتنافسين معه[14].

هذا ويمكن تعريف مسطرة طلب العروض بأنها عبارة عن أسلوب أو وسيلة لفتح المجال أمام أكبر عدد من المتنافسين بهدف تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات دون إلزام الإدارة باختيار متعاقد بعينه[15] ويكون إما مفتوحا أو محدودا ,أو بالانتقاء المسبق .

1-   طلب العروض المفتوح أو المحدود.

أ - طلب العوض ممفتوح:

يكون طلب العروض مفتوحا , عندما يفتح في وجه كل من تتوفر فيه شروط المشاركة في هذه العملية,فيسمح لكل مترشح بالحصول على ملف الإستشارة وبتقديم ترشيحه دون التمييز بين هذا النوع أو ذاك من المترشحين ,وهي المسطرة التي تضمن شفافية أكثر .

وتتم عبر مراحل يمكن بدؤها بالإعلان عن طلب العروض المفتوح بجريدتين على الأقل إحداهما باللغة العربية توزع على الصعيد الوطني كما يمكن موازاة مع ذلك تبليغه إلى علم المتنافسين المحتملين وعند الإقتضاء إلى الهيئات المهنية بواسطة نشرات متخصصة أو أية وسيلة أخرى للإشهار , إضافة إلى إشهاره ضمن البوابة الإلكترونية للصفقات العمومية,ويجب أن يتم هذا الإعلان قبل التاريخ المحدد لاستلام العروض ب(21) يوما كاملة من اليوم الموالي لنشر الإعلان في ثاني جريدة صدرت.

ويمكن تمديد الأجل للإعلان إلى 40  يوما على الأقل بالنسبة:

- لصفقات الأشغال التي يعادل أو يفوق ثمنها التقديري ثلاثة وستون مليون (63.000.000) درهم دون احتساب الرسوم.

-لصفقات التوريدات والخدمات المبرمة لحساب الدولة التي يعادل أو يفوق ثمنها التقدير مليون وستمائة ألف درهم دون احتساب الرسوم .

- لصفقات التوريدات والخدمات المبرمة لحساب المؤسسات العمومية والجهات والعمالات والأقاليم التي يعادل أو يفوق ثمنها التقديري ثمانية ملايين وسبعمائة درهم دون احتساب الرسوم.

ويمكن تغيير الحدود المشار إليها سابقا بموجب قرار للوزير المكلف بالمالية بعد استطلاع رأي لجنة الصفقات[16].

ب - طلب العروض المحدود:

بالنسبة لطلب العروض المحدود فهو يقتصر على أشخاص معينين تختارهم الإدارة مقدما للمشاركة في المنافسة,ولا يمكنها أن تسلك هذا الأسلوب إلا بالنسبة للصفقات التي يقل مبلغها أو يساوي مليون الدرهم,و قد رفع المرسوم الجديد هذا المبلغ إلى مليوني الدرهم والتي لا يمكن تنفيذها إلا من طرف عدد محدد من المقاولين والموردين أو الخدماتيين , اعتبارا لطبيعتها أو لتعاقدها أو لأهمية المعدات التي يتعين استعمالها.

ويتم توجيهه بشكل دورية أو رسالة مضمونة إلى ثلاثة مرشحين على الأقل يكون بإمكانهم الاستجابة على أحسن وجه  للحاجات المراد تحقيقها للإدارة , و ذلك لتحقيق حد أدنى من المنافسة و يجب أن تتضمن هذه الدورية جميع البيانات الخاصة للإشهار  والإعلان عن طريق طلب العروض المفتوح [17]

و يجب أن يتم توجيه الرسالة الدورية المذكورة  بخمسة عشرة يوما على الأقل قبل التاريخ المحدد لجلسة فتح الأظرفة , و يسري هذا الأجل ابتداءا من اليوم الموالي لتاريخ توجيه الرسالة الدورية .

و يرفق بالرسالة الدورية ملف طلب العروض .

و يمكن أن يكون طلب العروض المحدود :

·       بناء على تخفيض أو زيادة : يوقع المترشحون التزاما بإنجاز الأشغال أو الخدمات أو تسليم التوريدات التي يتم إعداد ثمنها التقديري من قبل صاحب المشروع,مقابل تخفيض أو الزيادة يعبر عنها بنسبة مئوية.

·       بعرض أثمان:

حيث لا يبين ملف طلب العروض للمتنافسين إلا طبيعة أهمية الأشغال أو التوريدات أو الخدمات التي يتولى المتعهد بنفسه تحديد أثمنتها .

وبالرغم من بعض الاختلاف بين الإجراءات الخاصة بكل من طلب العروض المفتوح أو المحدود,فتبقى هناك مقتضيات مشتركة بينهم تتجلى في الدعوة إلى المنافسة ثم فتح الأظرفة في جلسة عمومية ( باستثناء الطلبات التي تخص إدارات الدفاع الوطني فهي تفتح في جلسة مغلقة)إضافة إلى  فحص العروض من طرف لجنة طلب العروض.

ولأجل إبرام الصفقات العمومية وفقا لطريقة طلب العروض المفتوح أو المحدود فلا بد من وجود مجموعة من الضوابط والإجراءات المسطرية المتعلقة بالشروط المرتبطة بصاحب المشروع والشروط المرتبطة بالمتنافسين والشروط المتعلقة بلجنة طلب العروض.

v   طلب العروض بالانتقاء المسبق

يعتمد هذا الأسلوب من طلب العروض على الانتقاء المسبق,عندما تتطلب الأعمال موضوع الصفقة ذلك ,بحكم تعقدها وطبيعتها الخاصة فيمكن القيام بانتقاء للمترشحين في المرحلة الأولى قبل دعوة المقبولين منهم لإيداع عروضهم .

وينشر الإعلان عن طلب العروض بالإنتقاء المسبق وفقا لنفس الشروط المقررة بالنسبة لطلب العروض المفتوح .

وتنقسم الإجراءات بخصوص الصفقة طلب العروض بالإنتقاء المسبق إلى مرحلتين:

                                  ü     مرحلة الإنتقاء المسبق:

إجراءات أولية بشأن قبول المشاركين في هذه الصفقة :

وهي عبارة عن مجموعة من القواعد المسطرية التي تبين اختيار المترشحين المتوفرين على الكفاءات والمؤهلات والتي تمكنهم من حق المشاركة في المرحلة الثانية من أجل التنافس لنيل الصفقة ,وقد نصت المادة 60 من مرسوم 20 مارس 2013 على أن المتنافسين المقبولين خلال هذه المرحلة يلتزمون بعروضهم طيلة 75 يوما تكتسب من تاريخ جلسة فتح الأظرفة .

وإذا تبين أن اللجنة غير قادرة على تحديد اختيارها خلال هذا الأجل يتصل صاحب المشروع قبل انتهاء الأجل بالمتنافسين ويمدد الأجل 75 يوما كحد أقصى ويضل المتنافسين الذين قبلوا بالتمديد هم الملتزمون بالعروض.

                         ü     مرحلة تقييم العروض:

بعد المرحلة الأولى يتم المرور إلى المرحلة الثانية المتجلية في الإجراءات الخاصة بالمقبولين لانتقاء نائل الصفقة.

وينشر إعلان عن طلب العروض وفق نفس الشروط المقررة بالنسبة لطلب العروض المفتوح.

والفرق بين هذه الطريقة وطلب العروض المحدود يتجلى في الحد الأقصى لمبلغ الصفقة.

v              ثانيا - الصفقات بمباراة

هناك حالات كثيرة تجعل الدولة تتخلى عن طريقة طلب العروض كأسلوب لإبرام صفقاتها من أجل تحقيق الكمية ومن أهم هذه الحالات ,نجد الخصوصية التقنية لمشروع معين حيث تضطر الدولة أن تلجأ لأسلوب المباراة لاختيار أحسن المتعهدين لتنفيذ الصفقة وبصفة عامة يطبق هذا الأسلوب عندما تكون طبيعة العمل المطلوب انجازه تقنيا أو إجماليا أو ماليا ,والذي يحتاج إلى أبحاث خاصة[18].

1 - مركزاتها.

تبعا لمقتضيات المادة 63 من مرسوم 20 مارس فإنه :

أ – تتعلق بالمباراة:

- إما بتصور مشروع

- إما بتصور مشروع وإنجاز الدراسة المتعلقة به معا

- إما في أن واحد بتصور مشروع وإنجاز الدراسة المتعلقة به وتتبع ومراقبة إنجازه

- إما بتصور وإنجاز مشروع عندما يتعلق الأمر بصفقة بتصور وإنجاز المنصوص عليها في المادة أعلاه .

ب -تنظيم المباراة على أساس برنامج يعده صاحب المشروع

-تتضمن المباراة دعوة عمومية للمنافسة ويمكن للمتنافسين الذين يرغبون في المشاركة إيداع طلب القبول .ويقتصر إيداع المشاريع على المتنافسين المقبولين من طرف لجنة المباراة إثر جلسة القبول طبقا للشروط المحددة في المادة 71 من المرسوم

- تقوم لجنة المباراة بفحص وترتيب المشاريع التي يقترحها المتنافسون المقبولون

-تتضمن المباراة فتح الأظرفة في جلسة عمومية

2       - خصوصياتها:

بالرغم من وحدة المبادئ التي تطبع كل من الصفقات بطلب عروض أو الصفقات بمباراة فهذه الأخيرة تختلف عن الأولى في أمرين.

- طلب العروض يقام في جميع أنواع الأشغال ,بينما المباراة لا يتم اللجوء إليها إلا في الأشغال التي تتطلب دراسات وأبحاث خاصة .

- يتعلق بكون أسلوب طلب العروض يترتب عليه اختيار عرض وحيد بينما في المباراة يتم اختيار عدة عروض وترتيبها في القائمة حسب الأولوية, تقوم الإدارة باختيار أنسبها من حيث الاستجابة للأشغال المطلوبة في الصفقة.

كما أن المباراة يتم تنظيمها على أساس برنامج يعده صاحب المشروع, ويمكن أن ينص هذا البرنامج على منح جوائز إلى الخمسة مشاريع الأحسن ترتيبا من بين المشاريع المقبولة,ويحدد مبلغ هذه الجوائز .

يتم خصم مبلغ الجائزة الممنوحة لنائل الصفقة من المبالغ المستحقة له برسم هذه الصفقة.ويطبق هذا المقتضى أيضا على نائل الصفقة تصور وإنجاز.ويجب الحرص على  التنصيص على كافة الشروط الشكلية لأن عدم استكمالها لا يؤثر فقط على إثبات الحقوق وإنما يؤثر بالدرجة الأولى على سلامة العقد إلى حد التصريح ببطلانه, وتبدو أهمية وفعالية مسطرة المباراة في كونها تسمح باختيار يوفق بين إيجاد الحلول الابتكارية لتجسيد الصفقات المزمع تنفيذها وبين اختيار المتقدم بأحسن العروض,حيث أن هاته الطريقة تحقق المعادلة الثلاثية: الثمن-الجودة-المدة.

الفقرة الثانية:المساطر الاستثنائية لإبرام الصفقات العمومية.

بالرغم من التوجه العام في إبرام الصفقات نحو طلب العروض والمباراة وهي الطرق التي تمكن من احترام مبادئ حرية الولوج إلى الصفقات العمومية والشفافية في التعامل مع المترشحين وتكريسا للمساواة والعلنية , والمنافسة الشريفة إلا أنه قد تحول ظروف دون الالتجاء إلى إبرام الصفقات بالطرق العادية التي تحترم بشكل صريح جل المبادئ التي تم تكريسها بمرسوم الصفقات العمومية.

وتلجأ إلى صفقات تفاوضية وهي الطريقة التي  تتمتع الإدارة من خلالها بحرية واسعة في اختيار من تتعاقد معه ,مع ضمان نوع من المنافسة إذ حرص المشرع على وجوب استشارة أكثر من متنافس (على الأقل متنافسين) إلا في بعض الحالات.

أولا: مسطرة الصفقات التفاوضية .

حلت طريقة التفاوض محل الصفقات عن طريق الإتفاق المباشر الذي كان معمول به سابقا.

وبمقتضاها يجوز لصاحب المشروع اختيار نائل الصفقة بعد الاستشارة الفعلية مع أحدهم أو عدد منهم, ولقد تم تحديد إطارها بتوضيح السمات العامة للصفقات التفاوضية, في نص المادة 84 من "مرسوم 20 ممارس 2013" . وينبغي أن تقتصر هذه المفاوضات على ثمن البيع ,أجل التنفيذ وتاريخ الانتهاء أو التسليم دون التعرض لموضوع الصفقة ومحتواها لأن التفاصيل بشأنها تأجل دراستها مع نائل الصفقة .
وقد تم حصر الحالات التي يتم فيها اللجوء إلى المسطرة التفاوضية لإبرام صفقات الدولة في نص المادة 86 من مرسوم 20 مارس 2013 .وتستوجب هذه الصفقات من السلطة المعنية إعداد شهادة إدارية تبين الاستثناء الذي يبرر إبرام الصفقة على هذا الشكل,استثناء الأعمال التي لا يمكن أن يعهد بإنجازها اعتبارا لضرورات تقنية أو لصيغتها المعقدة إلا لصاحب أعمال معين , وكذا الأعمال المستعجلة التي يجب الشروع في تنفيذها قبل تحديد جميع شروطها , وقد فرق المشرع بين الحالات التي يمكن اللجوء فيها إلى الصفقات التفاوضية إلى حالات تتطلب الإشهار المسبق وإجراء المنافسة وحالات لا تتطلب إشهار وبدون إجراء منافسة.

1-   حالات اللجوء إلى الصفقات التفاوضية .

لقد حدد المشرع الحالات التي يتم فيها اللجوء إلى المسطرة التفاوضية لإبرام صفقات الدولة وهي قسمان و ذلك بنص المادة 86 من مرسوم 2013 :

أ‌-       الحالات التي تتطلب الاشهار المسبق و اجراء المنافسة

·       الأعمال التي كانت موضوع مسطرة طلب عروض تم إعلانها عديمة الجدوى وفق الشروط المنصوص عليها في المادتين 42 و 61 من مرسوم 20 مارس 2013

وفي هذه الحالة  يجب ألا يطرأ أي تغيير على الشروط الأصلية للصفقة ويجب ألا تزيد المدة الفاصلة بين تاريخ التصريح بعدم جدوى المسطرة وتاريخ نشر الإعلان من الصفقة التفاوضية عن 21 يوما .

·       الأعمال التي يعهد صاحب المشروع بتنفيذها إلى الغير حسب الشروط الواردة في الصفقة الأصلية على إثر تقصير من صاحب الصفقة.

وفي هذه الحالة تتم هذه الطريقة لأجل إتمام موضوع الصفقة الأصلية بنوع من السرعة والفعالية وما يتبين من هاتين الحالتين أن صاحب المشروع لا يتمتع بصلاحيات مطلقة في هذا الشأن بل يتعين عليه قدر الإمكان أن يحترم الإشهار المسبق والمنافسة .

ب - الحالات التي لا تتطلب إشهارا وبدون إجراء منافسة.

وتنحصر الصفقات التفاوضية في هذه الحالة في سبع حالات[19].

·       الأعمال التي لا يمكن أن يعهد بإنجازها إلا لصاحب أعمال معين اعتبارا

لضرورة تقنية أو لصيغتها المعقدة والتي تستلزم خبرة خاصة .

·          الأعمال التي تقتضي ضرورة الدفاع الوطني أو الأمن العام والحفاظ على سريتها ويجب أن تكون هذه الصفقات موضوع ترخيص مسبق من رئيس الحكومة بالنسبة لكل حالة على حدة بناء على تقرير خاص من السلطة المختصة المعينة .

·          الأشياء التي يختص بصنعها حصرا حامل براءة الاختراع .

·          الأعمال التي يجب إنجازها في حالة الاستعجال القصوى والناجمة عن ظروف غير متوقعة بالنسبة لصاحب المشروع وغير ناتجة عن عمل منه والتي لا تتلاءم مع الآجال التي يستلزمها إشهار وإجراء منافسة مسبقة, ويكون موضوع هذه الأعمال على الخصوص مواجهة خصاص أو حدث فاجع.

·          الأعمال المستعجلة التي تهم الدفاع عن حوزة التراب الوطني وأمن السكان وسلامة السير الطرقي والملاحة الجوية أو البحرية .

·          الأعمال المتعلقة بتنظيم الحفلات أو الزيارات الرسمية التي تكتسي صبغة استعجاليه وغير متوقعة وغير متلائمة مع الآجال اللازمة للإشهار وإجراء المنافسة المسبقين.

العمال الإضافية التي يعهد بها إلى مقاول أو مورد أو خدماتي سبق أن أسندت إليه صفقة إذا كان من المفيد بالنظر لأجل التنفيذ أو حسن سير هذا التنفيذ عدم إدخال مقاول أو مورد خدماتي جديد, وعندما يتبن أن هذه الأعمال غير متوقعة وقت إبرام الصفقة الرئيسية تعتبر تكملة لها ولا تتجاوز نسبة 10 في المئة من مبلغها.

2 - أشكال الصفقات التفاوضية .

لقد تولت المادة 87 من نفس المرسوم تحديد شكل إبرام الصفقات العمومية التي تقترب من مسطرة طلب العروض المحدود باعتبار توحدهما في إجراء توجيه صاحب المشروع رسالة أو دورية الاستشارة إلى المرشحين.

وهي تبرم بإحدى الوسائل التالي:

-         بناء على عقد التزام يوقعه الراغب في التعاقد على دفتر الشروط الخاصة.

-         بناء على مراسلة وفقا للأعراف التجارية تحدد شروط إنجاز العمل .

بصفة استثنائية بتبادل الرسائل أو اتفاقية خاصة بالنسبة للأعمال المستعجلة المنصوص عليها في حالة الإستثناء الواردة في الفقرة الخامسة  من البند الثاني من المادة 86 والتي لا يتلاءم إنجازها مع الوثائق المكونة للصفقة ويبين تبادل الرسائل أو الاتفاقيات الخاصة المذكورة على الأقل على طبيعة العمليات وكذا حدود التزامات السوق المتعاقدة من حيث المدة والمبلغ ويحدد لها ثمنا نهائيا أو مؤقتا.

ثانيا : أعمال بناء على سندات طلب .

تعتبر سندات الطلب إلى جانب الصفقات التفاوضية نوعا من الاتفاق المباشر حيث تجري الإدارة في إطاره مفاوضات تخلص في النهاية إلى ترتيبات ترى أنها تحقق فائدة لها مع الطرف المتعاقد وتساومه بنفس الأسلوب الذي يتعامل به الأفراد في نطاق القانون الخاص ولها في ذلك كامل الحرية.

1- تعريفها .

وهو أسلوب استثنائي في تنفيذ أعمال معينة من الصفقات بمقتضاه يمكن لصاحب المشروع القيام بتوريدات يمكن تسليمها في  الحال , وإنجاز أشغال وخدمات في حدود مبلغ 200 ألف درهم في إطار صفقات ذات أهمية محدودة يستلزمها التسيير الإداري ويراعى هذا المبلغ في إطار سنة مالية مع اعتبار كل شخص مؤهل للقيام بالإلتزام بالنفقات وحسب أعمال من نفس النوع بصرف النظر عن سندها المالي . والمراد بالشخص المؤهل للالتزام بنفقات  هو كل من الأمر بالصرف أو الأمر المساعد بالصرف أو أي شخص يعين بقرار مشترك بين الوزير المكلف بالمالية والوزير المعني بالأمر.

لقد نص المرسوم الجديد على أن هذا السقف يمكن رفعه بالنسبة للمؤسسات العمومية إلى 500 ألف درهم.

2- شروطها .

قد ألزم المشرع خضوع الأعمال موضوع سندات الطلب إلى منافسة مسبقة قدر الإمكان وحسب الوسائل اللازمة ما عدا في حالة الاستعجال ,ويلزم صاحب المشروع لهذه الغاية استشارة ثلاثة متنافسين كتابة على الأقل وتقديم ثلاثة بيانات مختلفة للأثمان لتحقيق أدنى قدر من المنافسة, ويجب أن يكون المبلغ  في حدود اعتمادات الأداء المتوفرة برسم السنة المالية ,كما يجب أن تتضمن هذه السندات مواصفات ومحتوى الأعمال المراد تلبيتها إلى جانب أجل التنفيذ أو تاريخ التسليم, كما يجب النص على شروط الضمان اللازمة .

قد جاء في هذا الإطار قرار للمجلس الأعلى "محكمة النقض حاليا" "حيث أنه بالرجوع إلى موضوع الدعوة يتبين أن الأمر يتعلق بأشغال كلف بها المدعي المستأنف عليه بناء على وصل الطلب المستدل والمحكمة لم تبحث عنصر إنجاز الأشغال وتاريخ الإنجاز وأن الرسالة الصادرة عن رئيس الجماعة لا تكفي للإستجابة للطلب,وأنه لا يمكن للأمر بالصرف وهو في النازلة رئيس جماعة محلية أن يلزمها بأية نفقة إلا في حدود القانون والأنظمة المطبقة على الصفقات العمومية وفي إطار الميزانية المصادق عليها بصفة قانونية[20].

ونظرا للطابع الاستثنائي للأعمال موضوع سندات الطلب,لقد أحالت المادة 88 ممن المرسوم على ملحق يحدد قائمة بالأعمال التي يمكن أن تكون موضوع سند طلب .

ويجوز تغيير هذه القائمة بموجب مقرر لرئيس الحكومة بناء على اقتراح من الوزير المكلف بالمالية وبعد استشارة لجنة الصفقات.


 

المطلب الثالث: السلطات المخولة للإدارة وحقوق صاحب الصفقة.

الفقرة الأولى : السلطات المخولة للإدارة

 

أولا : حق المراقبة

هي آلية تستعملها الإدارة للتأكد من مدى مطابقة الأعمال التنفيذية التي يقوم بها المتعاقد مع الإدارة أثناء تنفيذ بنود الصفقة .

وتدخل الإدارة في إطار المراقبة , يمكن أن يكون في إنجاز الأشغال وذلك من خلال مراقبة المواد المستعملة وكذلك التقنية المستخدمة لتنفيذ شروط العقد وإنجاز الأعمال ,كما يمكن للإدارة أن تتدخل من حيث مراقبة المواد الموردة في عقود التوريد وذلك عندما تتعاقد مع مختصين ليتأكدوا من مدى مطابقة وملائمة المواد للمواصفات المتفق عليها في بنود الصفقة.

كما تشمل المراقبة كذلك المواد المستعملة والعتاد والآليات المستخدمة لإنجاز وتنفيذ الصفقة .

والإدارة وهي تمارس حق المراقبة تتدخل بالعديد من الطرق سواء عبر إعطاء التوجيهات الشفهية أو إصدار أوامر مصلحية مكتوبة ومؤرخة ومرقمة ومسجلة.

ثانيا :حق التوجيه

للإدارة أن تجبر المقاول أو المورد على احترام مختلف الشروط المنصوص عليها في بنود الصفقة,كأن تتدخل وتطلب من المقاول إدخال تعديلات أو تغييرات على الأشغال التي ترى أنها معيبة ,أو أن المقاول قام بتغيير أو تعديل من تلقاء نفسه دون احترام القواعد المنصوص عليها في قانون الصفقات العمومية ,فيكون تدخل الإدارة من خلال المطالبة بهدم وإعادة البناء ,وذلك على حساب المقاول الذي أخل بالإلتزامات الملقاة على عاتقه.

ثالثا :تعديل الصفقة.

Œ   حالات التعديل.

1)   التعديل في حجم الأشغال.

قد تتدخل الإدارة بإرادتها المنفردة من خلال تعديل بعض الأرقام المتعلقة بحجم الأشغال المزمع إنجازها إما بالزيادة أو النقصان إلا أن التعديل يجب أن ينصب على  كمية الأشغال وليس على نوعها ,حيث ان التعديلات لا يجب أن تتعدى 10% بالنسبة للزيادة في حجم الأشغال و التقليص لا يجب أن يقل عن 25% حسب كناش الشروط الإدارية ,وبالتالي لا يمكن للمقاول أن يتظلم منها أو ينازع فيها قضائيا.[21]

2)   التعديل في طرق ووسائل التنفيذ.

حتى تصل الإدارة إلى الدقة والعناية المطلوبة يبقى بإمكانها التدخل عندما يبدأ المتعاقد في تنفيذ الصفقة بتوجيهه والتأكيد عليه بضرورة استخدام الأليات والتكنولوجيا المتطورة من أجل الحصول على نتائج مرضية.

3)   حدود سلطة التعديل

                       ü            مشروعية التعديل

يجب أن يكون التعديل مشروعا بصدوره عن الإدارة المختصة ووفق الشروط والشكليات المقررة كما يجب أن تكون الأسباب الدافعة هي تحقيق المصلحة العامة وليس مصلحة جانبية تتعلق بشخص أو فئة.

                       ü            عدم تجاوز إمكانات المقاول.

رغم ما تتمتع به الإدارة من سلط في مواجهة المقاول إلا أنه لا يمكن لها أن تفرض عليه من شأنها تغيير وضعية المقاول المادية والبشرية ,لأن الأصل هي المحافظة على فعالية المقاولة وتشجيعها وليس إرهاقها وإضعافها ,لذلك فإن التعديل لا ينبغي أن يتجاوز النسب المضمنة في كناس الشروك العامة,وإلا كان من حق المقاول أن يطلب فسخ العقد والمطالبة بالتعويض.

رابعا - توقيع الجزاء على المقاول.

تتمتع الإدارة بسلطات وامتيازات واسعة في مجال تنفيذ الصفقات العمومية بمعنى إذا ما أخل المتعاقد بالتزاماته بشأن الصفقة أو تأخر في تسليم الأعمال أو تعاقد من الباطن دون استشارة وموافقة الإدارة المعنية ...يمكن للإدارة المعنية أن توقع جزاءات رغم عدم التنصيص عليها في بنود العقد الخاص بالصفقة ,ودون الحاجة للجوء إلى القضاء ,ويجد هذا المبدأ أساسه في الفقه والقضاء ضمانا لحسن سير المرافق العمومية من جهة وتحقيق المصلحة العامة المنوطة بالإدارة العمومية من جهة أخرى.

Œ   الجزاءات العقدية وغير العقدية.

قصد إزالة اللبس فإننا سنتطرق لخصائص الجزاءات قبل التطرق للجزاءات سواء العقدية أو الغير عقدية .

1)خصائص الجزاءات.

خصائص الجزاءات  التي توقعها الإدارة على المقاول هي:

·       حق الإدارة في توقيع الجزاء بنفسها ,وذلك دون الحاجة إلى استصدار حكم قضائي .

·       سلطة الإدارة في توقيع الجزاءات التابتة ولو لم ينص عليها العقد بمعنى أن هذا الامتياز الذي تتمتع به الإدارة يعتبر من النظام العام لا تستطيع التخلي عنه مسبقا أو الاتفاق على ما يخالف حكمه.[22]

·       ضرورة إعدار المقاول قبل اتخاذ الجزاء من أجل إعطائه فرصة لتداركه التقصير المنسوب إليه.

خضوع الإدارة لرقابة القضاء وهذه الرقابة هي التي حددت في شكل التوفيق ما بين المصلحة العامة (أي الإدارة) والمصلحة الخاصة (المقاول) دونما إهدارلإحداهما على الأخرى.

2) الجزاءات العقدية والغير عقدية .

فالأولى تنبع من العقد نفسه أي يكون منصوص عليها في بنود الصفقة العمومية.

أما الجزاءات الغير تعاقدية هي التي بموجبها يمكن للإدارة توقيع الجزاءات على المتعاقد حتى ولو لم ينص عليها العقد,وهذا الأمر تفرضه ضرورة الحفاظ على الصالح العام ,وضرورة سير المرفق العام بانتظام.

   أنواع الجزاءات الأخرى .

هناك جزاءات مالية وغير مالية:

1)   الجزاءات المالية .

يشمل هذا النوع من الجزاءات كلا من الغرامات والتعويضات.

الغرامة: هي بمثابة جزاء جزافي توقعه الإدارة دون أن تكون ملزمة إتبات أن ضررا ما قد أصابها أو خسارة قد لحقتها وهي تقع بصفة عامة إذا نفذ المقاول أو المورد التزامات بشكل معين لا ينسجم مع المواصفات والكميات والتصاميم وكذلك الغش والإهمال في تنفيذ الأشغال.

التعويض: يقدر وفقا للضرر الحقيقي الذي لحق بالإدارة ,وهو على خلاف الغرامة لا حاجة للنص عليه في العقد ,كما يمكن مصادرة الضمان المؤقت للمتعاقد ,وهذا الأخير يعتبر شرطا إجرائيا متفق عليه في الصفقة من إخلال المتعاقد بالتزاماته بل إنه يحق للإدارة أن تطالب المقاول تكملة ما يزيد عن مبلغ الثمن الذي لا يفي بالتعويضات اللازمة .

2)   الجزاءات الغير مالية.

هذه الجزاءات قد تكون ضاغطة أو الفسخ:

 أ)  الجزاءات الضاغطة:بموجب هذا الجزاء تحل الإدارة بنفسها أو توكل مقاولا عنها لفترة مؤقتة محل المقاول المتعاقد المخل بالتزاماته لإنجاز الأشغال ,ويتم اللجوء إلى هذا الجزاء في ثلاث حالات :

·       إدا قدم بيانات غير صحيحة في التصريح بالشرف الذي يدعم التعهدات والعروض المودعة من طرفه.

·       إدا أخل بشرط من شروط العقد أو امتنع عن الامتثال للأوامر المصلحية.

عدم احترام أجل ومدة التنفيذ المتفق عليها في الوثائق التعاقدية ,كالتأخير في بدء الأشغال العمومية  أو عدم الامتثال للجداول الزمنية المتفق عليها.

ب) فسخ الصفقة: يفسخ العقد في حالة خطأ المتعاقد الجسيم أو إذا كان الفسخ يحقق المصلحة العامة ,والحالات التي يفسخ فيها العقد هي :

إدا استعمل المتعاقد  الغش أو التدليس في تعامله مع الجهة الإدارية أو أعسر.

ويجوز للإدارة في هذه الحالات الرجوع على المتعاقد ومصادرة التأمين أو الضمانة ,دون حاجة إلى الذهاب إلى القضاء.

غير أن حق الإدارة في فرض جزاءاتها خاضع لرقابة القاضي الإداري وذلك للنظر في تلك الجزاءات من حيث مشروعيتها ومدى تناسبها مع درجة إخلال المتعاقد بالتزاماته .

وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية في حكمها عدد 264 بتاريخ 5-5-2003 والذي جاء فيه"وحيث إنه من الثابت أيضا أن الإدارة حين تستعمل تلك السلطة تستعملها تحث رقابة القضاء ,وللقاضي الإداري بناء على طلب المتعاقد أن يتحرى الأسباب الحقيقية التي دفعت الإدارة إلى إنهاء العقد , ويصبح القرار الصادر بالإنهاء غير مشروع إذا قام الإنهاء على سبب غير سليم أو إذا استهدفت الإدارة مصلحة غير المصلحة العامة ...وحيث إن الفسخ في نزالة الحالة وكما سلف بيانه قد جاء على شكل جزاء لخطأ المقاولة صاحبة المشروع والذي انتهت فيه المحكمة إلى إلغائه بعدما تبث لها عدم مشروعيته وهو ما يعطي للمتعاقد الحق في تعويض كامل يغطي جميع ما لحق المتعاقد من خسارة , وما فاته من كسب ويدخل في تقدير تعويض الأضرار المعنوية"[23].

الفقرة الثانية : حقوق المتعاقد مع الإدارة :

أو صاحب الصفقة بحيث يكون مسعاه  بطبيعة الحال هو تحقيق الربح خصوصا وأن الغالب أنه يكون شخصا من  أشخاص القانون الخاص,فحقوق صاحب الصفقة تتجلى في مجموعة من الحقوق:

Œ     الحصول على المقابل النقدي:

 إن الغاية التي دفعت بالمتعاقد مع الإدارة إلى التعاقد هو تحقيق الربح طبعا ,لذلك فإن الحق الأول والأساسي الذي يحظى باهتمامه هو الحصول على المقابل المتفق عليه في العقد وهذا ما يسمى بثمن الصفقة .

فثمن الصفقة يمكن الحصول عليه في غالب الأحيان بعد إنجاز العمل المتفق عليه ,ويمكن كذلك الأمر بالصرف أن يأمر  بدفع جزء من المبلغ المتفق عليه مع بداية المشروع خصوصا إذا كان المشروع يتطلب الكثير من النفقات .

ولإثبات تسليم الأعمال موضوع الصفقة فإنه يلجأ لجميع الوسائل القانونية والتي تتنوع بتنوع طبيعة العمل المطلوب تسليمه ,وفي هذا النطاق أعدت المحكمة الإدارية في حكمها رقم 1873 بتاريخ 22-12- 2005 والذي جاء فيه "بأن ثبوت تسليم الأدوات الموردة استنادا إلى سند الطلب يجعل الدين ثابتا[24] .

Œ     حق الاستفادة من التعويض:

ويستفيد صاحب الصفقة من هذا الحق في عدة حالات منها:

-                    حالة الاستفادة من أعمال إضافية  وإن كانت هذه الأعمال لا يشملها موضوع الصفقة إلا أن ضرورتها تتبين إما أثناء أو بعد إنجاز الأعمال ,وتتم بطلب من صاحب المشروع أو بمبادرة من صاحب الصفقة ويمكن أن يتحرر في هذا النطاق إما عقد ملحق بالعقد الأصلي أو يكتفي بشأنها بإصدار أمر بالخدمة أو يمكن صدور عقد جديد ,فهذا النوع من الأعمال غالبا ما نجده في عقود الأشغال العمومية .

فهل يمكن إعمال قاعدة الإثراء بلا سبب؟

في حالة إذا تبتت هذه الأعمال الإضافية وسواء تم الطعن في قانونيتها أو لم يطعن فيها ,فإن وجود التعويض يكون ساري المفعول تطبيقا للقاعدة السالفة الذكر .

وسندنا في ذلك مجموعة من الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية ومن ذلك مثلا ما قضت به محكمة الدار البيضاء في حكمها رقم 924 بتاريخ 11-12-2006 [25].على أحقية المقاول في حصوله على المقابل المالي إذا ثبت أن الأشغال الإضافية التي قام بها كانت بناء على طلب الإدارة وغير منصوص عليها في عقد الصفقة واقتضتها ضرورة تنفيذ المشروع على الوجه الأتم وأن فائدة نتجت للإدارة منها.

-         حالة تضرر صاحب الصفقة من التصرفات الغير قانونية لصاحب المشروع:

ففي هذه الحالة أو هذه التصرفات في غالب الأحيان تنتج عن إهمال أو تقصير في عدم أخد الحيطة مما يترتب عنها تعويضا مناسبا للمتضرر منها .

وذلك مثلا حالة إصدار أوامر الوقف عن تنفيذ الأعمال وذلك بإرادة الإدارة ,تم حالة التأخير عن سداد مستحقات صاحب الصفقة ففي جميع الحالات يترتب عنها حدوث أضرار مادية للمتعاقد مع الإدارة الشيء الذي يجب معها تعويضها بحسب درجة الضرر.

Ž     إعادة التوازن المالي للمشروع:

إن صاحب الصفقة يكون له الحق في الحصول على تعويض كلي أو جزئي كخسائر لا مسؤولية له فيها بل تكون بفعل عوامل خارج عن إرادته ومنها مثلا التي تنظمها كل من نظرية فعل الأمير أو الظروف الطارئة أو الصعوبات المالية الغير متوقعة.

أ) نظرية فعل الأمير:

يلجأ إلى تفعيل وتطبيق هذه النظرية على كل عمل صدر عن سلطة عامة دون خطأ من جانبها فيلحق ضررا بالمتعاقد معها في إطار العقد الإداري طبعا الشيء الذي يجعل الإدارة ملتزمة بتعويض المتعاقد معها في كل ضرر تلحق به بالطريقة التي تعيد معها التوازن المالي للعقد.

وفعل الأمير ينتج عنه مجموعة من النتائج لعل أهمها يكمن في التزام الإدارة بالتعويض المقاول بتعويضات ملائمة للضرر الذي لحقه والربح الذي فاته وذلك بهدف الإبقاء على التوازن المالي للعقد وإعطاء الثقة للمقاولين حتى لا ينفروا من التعاقد مع الإدارة مستقبلا.

كما أن فعل الأمير لا يعفي المقاول من التزاماته بحيث يبقي هذا الأمير  مستثمرا في إنجاز الأشغال المتفق عليها دون التوقف.[26]

ب) نظرية الظروف الطارئة والصعوبات الغير متوقعة:

إن أساس هذه النظرية هو الحفاظ على التوازن المالي للعقد , فقد يحصل أثناء تنفيذ العقد ظروف غير متوقعة خارجة عن إرادة الطرفين فإنه والحالة هذه لا ينبغي ترك توازن العقد يختل فإما يفسخ العقد وهذه حالة في حالة استحالة التنفيذ وإما أن تقوم الإدارة بمساعدة مقاول على تجاوز محنته يشترط لتطبيق هذه النظرية أن يكون الظرف طارئ كما قلنا خارجا عن إرادة المتعاقدين تم أن يكون غير متوقع ويشترط كذلك في ظرف طارئ أن يؤدي إلى قلب اقتصاديات العقد رأسا عل عقب,إضافة إلى اشتراط أن يكون الظرف الطارئ عارضا وليس دائما,وأن يحصل بعد إبرام العقد وقبل إتمام تنفيذه ,ويترتب عن هذه النظرية أن المقاول يبقى مستمرا في تنفيذ التزامه وله الحق في الحصول على المساعدة من الإدارة يواجه بها الظروف الطارئة الغير متوقعة,كما أن هذه النظرية تتم بصفة مؤقة.

أما الصعوبات المالية الغير متوقعة التي قد تواجه المقاول فإنه والحالة هذه من حق المقاول أن يطالب بتعويض عما لحقه من أضرار بسبب هذه الصعوبات في مقابل أن يستمر في أداء الأعمال والأشغال من غير توقف. فهذه  النظرية تجد تطبيقها وأشكالها في صفقات  الأشغال العمومية الأكثر من غيرها لأن طبيعة الصعوبات تجعلها نادرة في العقود الأخرى ولتعويض المقاول في هذه الحالة يجب توفر شروطها :

أن تكون الصعوبات ذات طبيعة مادية تم أن تكون هذه الصعوبات بفعل أحد المتعاقدين أو نتيجة خطئهما وأن لا تكون الصعوبات متوقعة أثناء إبرام العقد.

المبحث الثاني: دور القضاء الإداري والمعيقات التي تواجهه في مجال الصفقات العمومية.

 

يتجلى دور القضاء الإداري في مجال الصفقات العمومية , بالعمل على التوفيق ما بين المصلحتين العامة والخاصة دونما إهدار لأحدهما ,ولا يذهب إلى حد الشطط أو التطرف للتضحية بإحدى المصلحتين  لحساب الأخرى .ولا شك أن عملية التوفيق هذه هي التي

خولت للقضاء الإداري ولاسيما  في هذا النوع من المنازعات القدرة على إبداع الكثير من النظريات القانونية واستنباط الكثير من الحلول التوفيقية بتأصيل أحكام القانون الإداري تأصيلا يربط بين شتاتها ربطا محكما متكيفا مع البيئة التي يوجد فيها .لاسيما أن القضاء الإداري ليس  مجرد قضاء عادي يقضي بين الأفراد ,ولكنه يقضي بين الجماعة العمومية وبين الفرد ,والعلاقة بين هذه الجماعة والفرد تتطور وتختلف باختلاف الظروف وباختلاف الفلسفات الاجتماعية التي تعتنقها الدولة[27].

بيد أن القضاء الإداري في إطار الرقابة التي يباشرها على الصفقات العمومية تواجهه عدة عراقيل شأنه شأن عدة مرافق حيوية داخل الدولة ,وتتخذ هذه العراقيل عدة أبعاد مما يستلزم صدوره تدخل المشرع للحد من هذه العراقيل والإكراهات .

ومن هذا المنطلق سنتناول دور القضاء الإداري من خلال رقابته على الصفقات العمومية (المطلب الأول) ثم سنعمل على إبراز المعيقات والعراقيل التي تواجه القضاء الإداري بخصوص رقابة الصفقات العمومية , مع التطرق إلى بعض الحلول التي يمكن اللجوء إليها عند وقوع النزاع(المطلب الثاني).

المطلب  الأول : رقابة القضاء الإداري على الصفقات العمومية .

 

لقد أصبحت منازعات الصفقة العمومية من اختصاص المحاكم الإدارية (القانون 41-90) واستئنافا أمام محاكم الاستئناف الإدارية (القانون80-03)  وطعنا أمام المجلس الأعلى (محكمة النقض حسب القانون 11-58) ما لم تنص خلاف ذاك نصوص خاصة.وبإحداث المشرع المغربي للمحاكم الإدارية يكون قد نهج نظام القضاء الإداري المتخصص والمستقل عن القضاء العادي,لأن في التخصص الدقة في الأداء وفي الاستقلال حرية أكبر في تثبيت دعائم القانون وهذا يمنح مكانة سامية في نفوس الأفراد , ويشيع الإحساس بالعدل ويزيد الاطمئنان والاستقرار ولاسيما وأن المتعاملين مع الإدارة إذا لم تكن لهم ضمانات لحماية حقوقهم سوف لن يقبل التعامل معها , وفي ذلك تأثير سلبي على المصالح العامة [28].

الفقرة الأولى: رقابة المحاكم الإدارية على الصفقات العمومية .

 

قصد الوقوف على رقابة المحاكم الإدارية على الصفقات الإدارية سنحاول التطرق في هذه الفقرة إلى شقين أساسيين بهذا الخصوص ,سنخصص الشق الأول للإجراءات ثم سنتطرق في الشق الثاني للاختصاصات.

أولا : الإجراءات المتبعة أمام المحاكم الإدارية في طعون الصفقات العمومية.

إن الإجراءات المتبعة في طعون الصفقات العمومية هي نفس الإجراءات المتبعة على مختلف الطعون المسموح برفعها قانونا أمام هذه المحاكم , وهذه الإجراءات هي على نوعين,إجراءات متعلقة بمقال الدعوى وأخرى متعلقة بجلسات المحكمة الإدارية [29].

1-   الإجراءات المتعلقة بمقال الدعوى:

كما هو معلوم فان جميع القضايا المعروضة على أنظار المحاكم الإدارية تتخذ شكل مقال مكتوب موقع عليه من قبل محام مسجل بجدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب,على أن يتضمن هذا المقال مجموعة من البيانات المنصوص عليها في الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية ,إضافة إلى تسجيل هذا المقال بكتابة ضبط المحكمة الإدارية و بعد ذلك يقوم رئيس المحكمة عندما يتم تسجيل المقال بتعيين قاضي مقرر ومفوض ملكي ,الأول يبث في النزاع والثاني يوكل له مهمة الدفاع عن الحق والقانون ,وذلك في نطاق التأكد من مدى احترام الإجراءات القانونية.

أ-شرط الكتابة في مقال الدعوى :

كما أسلفنا الذكر فإن مقال الدعوى يشترط فيه أن يقدم كتابيا وموقع عليه من طرف محامي مسجل في هيئة المحامين بالمغرب.

ولعل السبب في جعل المسطرة كتابية أمام المحاكم الإدارية يرجع إلى كون المنازعات الإدارية تحتاج إلى الإلمام بالشكليات القانونية , إضافة إلى كونها تحتاج إلى الدقة والانسجام الذي لا يجد سنده في  المسطرة الشفوية.

وعليه فإن كانت الكتابة تعتبر شرطا إلزاميا بمقال الدعوى بقوة القانون فهل هذا ينطبق على عقد الصفقة العمومية موضوع الطعن القضائي؟

انطلاقا من مطلع المادة 13 من مرسوم 20 مارس 2013 يتبن لنا بالملموس على أن شرط الكتابة مطلوب هو الأخر في عقد الصفقة ,وإن كان شرط الكتابة لا ينفي صفة الصفقة ,بل يؤدي إلى صعوبة في إثبات مسؤولية طرفي العاقد.

وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية بمراكش  في حكمها عدد 106 بتاريخ 30-04-2003 بأنها "تعد عقودا إدارية تلك التي تبرمها وزارة الأوقاف في إطار المرفق الذي تضطلع  بسيره وتنظم في إطار رحلات الحج للمواطنين المغاربة , ويرجع بالتالي اختصاص البث في النزاعات الناشئة عن هذه العقود للمحاكم الإدارية ...كما وأنه في غياب عقد مكتوب بين الطرفين يتعذر القول بالتزام وزارة الأوقاف إلى جانب الحجاج في الديار السعودية وتوفير السكن لهم طيلة فترة الحج وتحملها مسؤولية ما قد يتعرض إليه الحجاج من أضرار ناتجة عن حوادث تحصل لهم بالديار السعودية "[30]

ب - استفاء المقال للمعلومات القانونية:

بالرجوع إلى الفصل 32 من قانون المسطرة  المدنية نجده  ينص على مجموعة من البيانات التي ينبغي أن تتوفر في المقال ومن ضمنها إدراج  الأسماء  العائلية والشخصية وصفة أو مهنة وموطن أو محل إقامة  المدعي   والمدعى عليه.

وكذا عند الاقتضاء إسم وصفة وموطن وكيل المدعي , وإذا كان أحد الأطراف شركة يتعين ذكر اسمها ونوعها  ومركزها ,ويبين فيه بإيجاز الوقائع والوسائل المثارة التي استند عليها الطالب في رفع دعواه مع ضرورة إرفاقه لطلبه ما ينوي استعماله عند الاقتضاء دون أن تكون نسخ المقالات المرفوعة مساوية لعدد الخصوم.

 هذا وتظل للقاضي صلاحية مطالبة صاحب المقال بأن يحدد البيانات الغير التامة أو التي وقع إغفالها في مقاله وذلك داخل أجل يحدده القاضي تحت طائلة عدم قبول الطلب.

وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية بمكناس في حكمها رقم 184-2004-13 الصادر بتاريخ 20-05-2004 . [31]".الذي يتعلق بنزاع بين مقاول ممول وجماعة قروية بشأن تجهيزات المكاتب  وأدوات  إصلاح السيارات وأجزائها ...بحيث ادعى المقاول تزويده لهذه الجماعة بالوسائل المشار إليها أعلاه ,والتي كلفته 190,000,000 درهم حسب الفاتورات المرفقة وتبعا لذلك يلتمس من المحكمة الحكم له بالدين المترتب في ذمة الجماعة المحدد إليه المبلغ المشار إليه سلفا مع النفاذ المعجل وتحميلها الصائر,إلا أن الجماعة المعنية بناء على مذكرتها الجوابية نفت أن تكون قد تزودت بأية بضاعة من المدعي لأن هذا النوع من التصرفات خاضع لمرسوم الصفقات العمومية ,وعلى أن المدعي لا يتوفر على عقدة لتزويد الجماعة ...وحيث أنه وبعد دراسة هذه الوثائق اتضح من جهة أولى على أن البعض منها لا يتوفر على الشروط القانونية بالمفهوم الإداري ولا حتى بالمفهوم التجاري , إذ أنها مجرد أوراق عادية غير حاملة لأي رقم تسلسلي أو أي بيانات الوثيقة الإدارية , وبالتالي فليست لها أي حجية قانونية ومن جهة ثانية فإن وصلات الطلب الأخرى المؤرخة والموقعة لا تعتبر إثبات المديونية طبقا للقانون. ما دامت لا تفيد حصول تسلم الإدارة للأدوات  والأشياء المذكورة في المقال,وحيث إنه لكل الاعتبارات السابق ذكرها يتعين عدم قبول الطلب لعدم ثبوت مديونية الجماعة المدعى عليها,وتبعا لذلك قضت المحكمة بعدم قبول الطلب مع جعل صائر الدعوى على خاسرها."

ج- تسجيل المقال بكتابة ضبط المحكمة الإدارية:

بعد تضمين مقال الدعوى بالبيانات السابق ذكرها يجب تسجيله لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة بحيث يتولى كاتب الضبط تسليم وصل بإيداع المقال للمدعي ويتكون هذا المقال من نسخة منه يوضع  عليها  خاتم كتابة الضبط وكذا  تاريخ الإيداع مع بيان الوثائق المرفقة.

د – إسناد مقال الدعوى إلى قاضي مقرر ومفوض ملكي للدفاع عن الحق والقانون  :

بعد تسجيل مقال الدعوى لدى كتابة ضبط  المحكمة الإدارية, يتولى رئيس المحكمة إحالة الملف على قاضي مقرر يقوم هو بتعيينه وتكليفه بالنظر والبث في الدعوى , ثم يقوم بعد ذلك بتعيين مفوض ملكي (يكون من قضاة المحكمة طبعا) قصد الدفاع عن الحق والقانون وتقديم استشارات.

ه – إجراءات التحقيق :

بعدما تقدم المدعي بمقال الدعوى وضمنها البيانات السابق التطرق لها وقيامه بتسجيلها لدى كتابة ضبط المحكمة الإدارية وتعيين القاضي المقرر والمفوض الملكي من قبل رئيس المحكمة, يتخذ القاضي المقرر الإجراءات لجعل القضية جاهزة للحكم ويأمر بتقديم المستندات التي يرى ضرورتها للتحقيق في الدعوى ويستمع للأطراف ويجري معاينات وخبرات وذلك دون المساس بما يمكن للمحكمة الإدارية أن تأمر به بعد ذلك من إجراءات في جلسة علنية أو في غرفة المشورة.

ومن الواجب على القاضي المقرر مراعاة وضعية المتقاضي الذي  يوجد في وضعية غير متكافئة مع الإدارة وبالتالي جعل عبئ الإثبات يقع على عاتق الإدارة وإلزامها بتقديم الأسباب التي استندت عليها أثناء اتخاذ القرار المطعون فيه .

و – الاستعانة بأهل الخبرة :

قصد الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة فإنه يحق للمحكمة أن تستعين بمن تشاء من الخبراء وذلك مصداقا لقوله تعالى"فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"[32].

ومن أمثلة ذلك, ما توصلت إليه المحكمة الإدارية بالرباط في حكمها رقم 640 الصادر بتاريخ 27-04-2006 ,والذي على إثره اضطرت المحكمة إلى إصدار حكم تمهيدي عدد 832 بتاريخ 07-07-2005 لإجراء خبرة وعينت بمقتضاه الخبير المختص...وبناء على الخبرة المنجزة ...وبناء على مذكرة المستنتجات المدلى  بها من المدعية ... وبعد استيفاء القضية لكل عناصرها... قضت المحكمة بقبول الطلب شكلا والحكم على صاحب المشروع بأداء مبلغ  67.893.555 درهم مع فوائد التأخير ابتداء من 25-01-2004 والنفاذ المعجل في حدود مبلغ  400.000.00, درهم , وبتحميله المصاريف في حدود القدر المحكوم به"[33].

كما أنه يمكن الطعن في تقرير الخبرة بإجراء خبرة  مضادة , كما  جاء في حكم المحكمة الإدارية بالرباط رقم 1372 بتاريخ 6-10-2005 "والذي تبعا له استجابة المحكمة للطلب بتعيين خبير أخر مع تكليفه بمهمة محددة . [34]"

وعلى العموم فإن الخبرة تعد من الأمور التي كثيرا ما أثبتت نجاعتها  خاصة عندما يتعلق الأمر بأمور فنية أو علمية يصعب على القاضي الإلمام بها على اعتباره أنه رجل قانون, وبالتالي يتم اللجوء إليها بقصد إزالة اللبس وتوضيح الصورة للقاضي  بحيث يتخذ بذلك الحكم الصائب.

2-الإجراءات المتعلقة بجلسات المحكمة.

كما هو الشأن بالنسبة لجلسات مختلف المحاكم العادية والتي  تصدر أحكامها بصفة علنية باعتبار مبدأ العلنية من المبادئ الأساسية للقضاء,الشيء الذي ينطبق كذلك على جلسات المحاكم الإدارية فهي أيضا تقدم أحكامها بصفة علنية وهي تتشكل من 3 قضاة يساعدهم كاتب الضبط , ويتولى رئاسة الجلسة رئيس المحكمة الإدارية , أو قاض تعينه للقيام بذلك الجمعية العمومية السنوية لقضاة المحكمة الإدارية, وإلى جانب هذه التشكيلة يحضر المفوض الملكي لهذه الجلسات للدفاع عن الحق والقانون , وهذا الأخير يعرض أرائه سواء الشفوية أو المكتوبة على هيئة الحكم بكل استقلالية,سواء فيما يتعلق بظروف الوقائع أو القواعد القانونية المطبقة عليها ويعبر عن ذلك في كل قضية بالجلسة العامة , ويمكن للأطراف أخذ نسخة من مستنتجات المفوض الملكي قصد الإطلاع , بالإضافة إلى أنه لا يشارك في إصدار الحكم.

وبصفة عامة تطبق أمام المحاكم الإدارية القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم  ينص على خلاف ذلك في قوانين أخرى.[35] "

ثانيا  :  اختصاص المحاكم الإدارية في منازعات الصفقات العمومية.

إن إشكالية تحديد مجال المنازعات الإدارية تعتبر أهم الإشكالات التي تطرح أمام القضاء , ذلك أن تحديد طبيعة النزاع والقاضي المختص بالبث فيه هما من أصعب المسائل التي يعرفها النظام القضائي , ولقد حدد القانون المحدث للمحاكم الإدارية رقم 41.90  بتاريخ 10 سبتمبر 1993 , نوعين من الاختصاصات تمارسها هذه المحاكم وفق الضوابط القانونية لها, وهما الاختصاص النوعي والاختصاص المحلي. 

ويدخل موضوع الصفقات العمومية في اختصاص هذه المحاكم لتمارس هذه الأخيرة اختصاصاتها وصلاحياتها بالبث في منازعات هذه الصفقة.

1 : الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية.

حدد المشرع المغربي اختصاصات المحاكم الإدارية على سبيل الحصر في المادة 80 من القانون رقم 41.90 , والتي يتضح منها أن الاختصاص النوعي لهذه المحاكم محصور في النزاعات الواردة بها , ولا يمكنها أن تبث في غير ما ورد في هذه المادة. [36].

وتأسيسا على المادة 8 من القانون رقم 41.90 فإنها تنص على ما يلي:"تختص المحاكم الإدارية مع مراعاة أحكام المادتين 9 و11 من هذا القانون بالبث ابتدائيا في طلبات إلغاء قرارات السلطة الإدارية بسبب تجاوز السلطة , وفي المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية..."

وبما أن الصفقات العمومية هي عقود إدارية , فهي تدخل في الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية,

كما أنه استنادا إلى نص المادة 13 من مرسوم 20 مارس 2013 المتعلقة بتحديد شروط  وأشكال إبرام صفقات الدولة التي تقضي بما يلي:" تستثنى من مجال تطبيق هذا المرسوم الاتفاقات أو العقود التي يتعين على الدولة إبرامها وفقا للأشكال وحسب قواعد القانون العادي وكذا عقود الامتياز المرفق العام...".

وبمفهوم المخالفة يتبين لنا أن الصفقة العمومية تخضع  للقانون  العام , وتحديدا تنطبق عليها قواعد القانون الإداري.

وبناء على ما تقدم , فإن النزاعات المرتبطة بالصفقات العمومية هي من اختصاص المحاكم الإدارية باعتبار هذه الصفقات عقود إدارية والاختصاص النوعي لهذه المحاكم يعد من النظام العام لا يجوز مخالفته, وهذا ما أكدته المحكمة التجارية بالرباط بموجب الأمر الاستعجالي  عدد 131 بتاريخ 2-3-2001 "[37].الذي جاء فيه :"وحيث تبين من الإطلاع على كافة المستندات المدلى بها صحة ما تمسك به المدعي من أن أصل الحق  المتنازع بشأنه يتعلق بصفقة عمومية أبرم بخصوصها عقد إداري , وأن المحكمة المختصة مستقبلا بالنظر في موضوع هذه المنازعة هي المحكمة الإدارية وليست المحكمة التجارية...فإنه لا يسعنا استنادا لذلك , وبالبناء على كل ما تقدم إلا القضاء للمدعي بطلبه.[38]"

2 : الاختصاص المحلي للمحاكم الإدارية:

فيما يخص الاختصاص المحلي فإن القانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية أحال على قواعد الاختصاص المحلي المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية , وذلك بموجب المادة 10 منه والذي يقر على " تطبق أمام المحاكم الإدارية قواعد الاختصاص المحلي المنصوص عليها في الفصل 27 وما يليه إلى الفصل 30 من قانون المسطرة المدنية ما لم ينص على خلاف ذلك في هذا القانون أو في نصوص خاصة أخرى".

وتبقى المحكمة الإدارية بالرباط مختصة وحدها في النزاعات  المتعلقة  بالوضعية  للأشخاص المعينين بظهير شريف أو مرسوم  ,كذلك بالنزاعات الراجعة إلى اختصاص المحاكم الإدارية والتي تنشأ خارج دوائر اختصاص جميع هذه المحاكم مثل الحالات التي يحصل فيها النزاع خارج التراب الوطني (م11  ق 41.90 )[39].

أما بالنسبة  لاجتهاد  القضاء  الإداري بشأن تحديد الاختصاص المحلي للمحاكم الإدارية في دعاوى الصفقات العمومية , فيمكن الاستدلال بحكم المحكمة الإدارية بالرباط تحت عدد 463 بتاريخ 15-03-2005 الذي جاء فيه :

"حيث  دفع الوكيل الملكي للمملكة بعدم اختصاص هذه المحكمة محليا للبث في الطلب بعلة أن الفصل 28 من قانون المسطرة المدنية ينص على أن دعوى الأشغال العمومية تقام أمام محكمة المكان الذي نفذت فيه تلك الأشغال,وأن موضع الأشغال هي إفران , مما تكون معه المحكمة المختصة للنظر في هذه الدعوى هي المحكمة الإدارية بمكناس....وحيث لم ينازع الطرف المدعى عليه في أن العقد المذكور وقع في مدينة   الرباط  , لدى تبقى هذه المحكمة هي المختصة محليا للبث في الطلب , ويتعين لذلك استبعاد الدفع المثار .

وتبعا لذلك قضت المحكمة الإدارية بالرباط باختصاصها المحلي بالنظر لمكان توقيع الصفقة العمومية وباعتبار هذه الأخيرة عقدا إداريا .[40] "

3: تنازع الاختصاص.

بالرجوع إلى المواد من 12 إلى 19 من القانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية لسنة 1993 نجده قد بين  الضوابط  الواجب نهجها في الحالة التي تثار فيها مسألة  التنازع في الاختصاص .

و التنازع  في  الاختصاص  قد يتعلق بالاختصاص النوعي أو المحلي.

أ- تنازع الاختصاص النوعي :

بعد إحداث المحاكم  الإدارية , أصبحت هي المختصة بالمناعات الإدارية وبقيت المحاكم الابتدائية مختصة بالمنازعات الخاصة .

لكن في الممارسة العملية يصعب تحديد مجال اختصاص كل جهة , وتعيين المحكمة التي يمكن التقاضي أمامها.

فالتنازع في هذه الحالة يكون بين جهتين قضائيتين مختلفتين, وهما القضاء الإداري والقضاء العادي, وأهم صوره هي:[41]

-التنازع الإيجابي : ويقصد به تمسك كل من المحاكم العادية والمحاكم الإدارية بالنظر في نفس المنازعة , وادعاء كل من الجهتين أنها المختصة للنظر فيه[42] باعتبارها صاحبة الاختصاص.

-التنازع السلبي : ويكون كذلك عندما تعلن كل من الجهتين القضائيتين عدم اختصاصها للنظر في دعوى مرفوعة إليها من أحد الأفراد في نزاع معين مع الإدارة وهذا ما يسمى "بإنكار العدالة " وجود قضية بدون قاضي .

هذا ويعتبر تنازع الاختصاص النوعي من النظام العام وتترتب عنه مجموعة من النتائج الآتية :

- يمكن  إثارته  في أي مرحلة من مراحل الدعوى.

- يجوز للقاضي إثارته من تلقاء نفسه.

- لا يمكن الاتفاق على مخالفة قواعد الاختصاص...

ب- تنازع الاختصاص المحلي:

إذا كان الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية من النظام العام على النحو الوارد أعلاه ,فإن الاختصاص المحلي على خلاف ذلك يمكن للأطراف الاتفاق على مخالفته ويجب إثارته قبل كل دفع أو دفاع , ولا يجوز للمحكمة إثارته من تلقاء نفسها , وذلك إعمالا بمقتضيات الفصل 16 من ق.م.م, و المحال على فقراته الأربع بموجب المادة 14 من القانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية[43].

وهذا النوع من التنازع يظهر عند وجود خلاف حول النطاق الترابي للاختصاص المحلي للمحاكم الإدارية , ومحكمة الرباط الإدارية, ومحكمة النقض ,بشأن الطلبات والدفوعات الإدارية , ويجب على من يثير الدفع أن يبين المحكمة التي ترفع إليها القضية وإلا كان الطلب غير مقبول .

و إذا قبل الدفع , يتم رفع الملف إلى المحكمة المختصة التي تكون الإحالة عليها بقوة القانون وبدون صائر. [44]  

ثالثا- صلاحيات المحاكم الإدارية في رقابة مشروعية الصفقات العمومية.

إن صلاحيات المحاكم الإدارية في رقابة مشروعية الصفقات العمومية تتم بإحدى الوسيلتين التاليتين: القضاء الشامل وقضاء الإلغاء.

   1- القضاء الشامل:

إن دور القاضي الإداري في دعاوى القضاء الشامل ذو طبيعة معقدة, نظرا لمميزات الطلب الذي يقدمه له  المدعي , فالقاضي هنا يبدأ أولا بالبحث عما إذا كانت هناك فعلا حقوق للمدعي على الإدارة ثم بعد ذلك يحدد القاضي مضمون هذه الحقوق ويحكم على الإدارة بضرورة تحقيقها لفائدة المدعي , فالقاضي هنا لا يكتفي بإلغاء القرارات التي اتخذتها الإدارة بل يعدلها وقد يعوضها بقرارات أخرى لأن السلطات الواسعة التي يتمتع بها القاضي هي التي أعطت لهذا النوع من الدعاوى اسم القضاء الشامل.[45] "

لأجل ذلك, فإن القضاء الشامل هو الأصل فيما يتعلق بالمنازعات التي تترتب عن العقود الإدارية.

ودعوى القضاء الشامل في مجال الصفقات العمومية تتعدد صورها حسبما تستهدف , ومن تم فقد تتخذ أحد الصور التالية:

أ- دعوى بطلان عقد الصفقة : تثار هذه الدعوى عندما يلحق عقد الصفقة عيب في التكوين , ففي هذه الحالة ليس للمتعاقد الذي يريد أن يتوصل إلى إلغاء العقد سوى سبيل القضاء الشامل لأن القاعدة المسلم بها تقوم على أن دعوى الإلغاء لا توجه ضد العقود الإدارية,ودعوى بطلان العقد لا يمكن للغير الأجنبي أن يرفعها بطبيعة الحال ,وبالتالي فإنه لا يملك سوى الطعن بالإلغاء على اعتبار أن العقد لا يثير أي قوة ملزمة في مواجهته.

ب- دعوى الحصول على مبالغ مالية : تقام هذه الدعوى على خلاف دعوى بطلان عقد الصفقة إما من الإدارة في شكل طلب تعويض عن الأضرار التي تسبب فيها الطرف المتعاقد معها عند إخلاله بالتزاماته كعدم تنفيذ العقد داخل المدة المتفق عليها أو بغير الشكل أو الصورة التي التزم بها في العقد , كما أن هذه الدعوى يمكن تقديمها من طرف المتعاقد مع الإدارة كمطالبته بالأجر المتفق عليه في عقود التوظيف أو ثمن البضائع الموردة أو الخدمة المطلوبة أو الأشغال المتعاقد على تنفيذها , وفي هذا صدر حكم عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء[46]بين مقاولة البشير بلخلفي وبلدية أبي الجعد الذي جاء فيه ما يلي"وحيث أن للعقد الإداري بغض النظر عن التفوق القانوني الذي تتمتع به السلطة الإدارية خلال إبرامه يرتب التزامات متبادلة بين الطرفين ...وحيث إنه بمقتضى الفصل الأول  من ظهير 1 يونيو 1948 فإن الإدارة ملزمة بتمكين المقاول من الفوائد القانونية في حالة التأخير في تصفية المبالغ المستحقة عن الصفقات العمومية ,الأمر الذي يكون معه طلب الفوائد القانونية مؤسسا قانونا ويتعين الاستجابة إليه..."

ج- دعوى لأجل فسخ الصفقة: ذلك أن المتعاقد له أن يطالب بفسخ العقد في حدود معينة , ودعواه في هذا الصدد تندرج في نطاق القضاء الشامل أيضا و هذا الفسخ القضائي يمكن أن يكون بسبب القوة القاهرة أو كجراء الإخلال بالالتزامات التعاقدية أو كموازن للسلطات الإدارية.

و- الأمور المستعجلة في منازعات الصفقات العمومية: بما أن اختصاص القضاء الشامل يهم جميع متعلقات عقد الصفقة أو تنفيذه أو إنهائه , فإنه أيضا يمتد ليشمل الطلبات المستعجلة المتصلة لمنازعته التعاقدية.

 2-قضاء الإلغاء :

وهو القضاء الذي يخول للقاضي سلطة الحكم بإلغاء قرار إداري معين دون الحق في توجيه أوامر إلى الإدارة للقيام بعمل أو الامتناع عن القيام به ,وتهدف دعوى الإلغاء إلى احترام مبدأ الشرعية حيث يحق للأفراد الطعن في القرارات إذا كانت غير مشروعة .

ومن أجل إخضاع الأعمال المرتبطة بالصفقات العمومية إلى مراقبة قاضي الإلغاء ابتدع الاجتهاد القضائي إلى نظرية القرارات الإدارية المنفصلة وهي القرارات التي تستهدف التمهيد لإبرام العقد أو السماح بإبرامه أو الحيلولة دون إبرامه وهذه القرارات تصنف إلى 3 أصناف وهي :

أ‌-         القرارات السابقة على تكوين العقد: وهي تلك القرارات التحضيرية التي تستهدف التمهيد لإبرام الصفقة مثل القرارات المتخذة من طرف الإدارة في مرحلة دراسة ملفات المتنافسين كتلك التي تقضي بإبعاد أو إقصاء بعض المرشحين من المشاركة في المنافسة بشكل تعسفي.

 ب- القرارات المصاحبة لعمليات التعاقد : وهي القرارات التي تتم المصادقة على العقد المبرم من طرف الإدارة كأن يصدر قرار برفض المصادقة على عقد الصفقة أو تكون المصادقة مخالفة للشكليات التي فرضها القانون, والمصادقة هي إفصاح الإدارة عن نية إتمام التعاقد , حيث أن العقد الغير مصادق عليه لا يعد سوى مشروع للتعاقد ليست له أية أثار قانونية اتجاه الإدارة , وعلى هذا الأساس قضت المحكمة الإدارية بوجدة  بإلغاء قرار لوزير الفلاحة صادق بمقتضاه على صفقة عمومية  بالرغم من مخالفتها للقواعد القانونية المطبقة في هذا المجال . [47]"

ج-القرارات المتخذة في مرحلة  تنفيذ العقد أو إنهائه: حيث يمكن الطعن بالإلغاء بسبب التجاوز في استعمال السلطة ضد التدابير التي تتخذها الإدارة بوصفها سلطة إدارية وليس بوصفها طرفا متعاقدا , حيث توقع على المتعاقد المقصر مثلا بعض الجزاءات بنفسها دون اللجوء  إلى القضاء , ومن أبرز أنواع هذه القرارات  قرار إقصاء المرشح الذي رست عليه الصفقة, حيث يمكن إلغاء هذا القرار إذا لم تحترم الإدارة صاحبة المشروع الشروط المنصوص عليها في مرسوم 20 مارس 2013 وهذا ما أقرته  المحكمة الإدارية بأكادير , إذ اعتبرت أن قرار لجنة العروض غير قانوني ولا واقعي بإقصاء الوكالة من الصفقة. [48]"

الفقرة الثانية: دور واختصاصات محاكم الاستئناف الإدارية ومحكمة النقض في الصفقات العمومية.

تستفيد الصفقات العمومية من استئناف طعون منازعاتها أمام محكمة الاستئناف الإدارية كدرجة ثانية للتقاضي (أولا). وأمام محكمة النقض كذلك كمحكمة قانون وأعلى هيئة قضائية في المملكة (ثانيا).

أولا: اختصاصات محكمة الاستئناف الإدارية في الصفقات العمومية.

بموجب المادة 5 من قانون 80.03 تختص محاكم الاستئناف الإدارية في النظر في استئناف أحكام المحاكم الإدارية  والأوامر الصادرة من رؤسائها ما عدا إذا كانت هناك مقتضيات مخالفة .

أما فيما يخص النزاعات الاستعجالية المعروضة عليها فقد أوكلت إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف الإدارية أو نائبه باعتباره قاضي المستعجلات ,وحتى نقف على اختصاصات هذه المحكمة سنتطرق في بادئ الأمر إلى إجراءات الطعن بالاستئناف ثم بعد ذلك إلى صلاحياتها بالنظر لمشروعية الصفقات العمومية.

1:إجراءات الطعن بالاستئناف .

وفق مقتضيات المسطرة المدنية المنصوص عليها في الفصول من 134 إلى 141 فإنه يتم استئناف الأحكام بشأن الصفقات العمومية عن المحاكم الإدارية في أجل 30 يوما من تاريخ تبليغ الحكم , أما فيما يخص استئناف الأوامر الصادرة عن رؤساء المحاكم الإدارية فإنها تخضع لنفس الآجال المنصوص عليها في الفصلين 148 و153 من قانون المسطرة المدنية ويتم تقديم المقال الاستئنافي عن طريق مقال مكتوب موقع عليه من قبل محام وذلك إلى كتابة ضبط المحكمة الإدارية , وهذا المقال يتعين أن يرفق مع مستنداته داخل أجل 15 يوما من تاريخ إيداعه بكتابة ضبط المحكمة, ومما تجدر الإشارة إليه أن القرارات الغيابية الصادرة عن محكمة الاستئناف لا تقبل التعرض وذلك بصريح المادة 14 من القانون 80.03 لسنة 2006 والغاية من هذا المنع تكمن في تحقيق السرعة في تطبيق المساطر وهو حافز للمتقاضين للتتبع الجدي للقضايا المرفوعة أمام هذه المحاكم, وعلى العموم فإنه يتعين تطبيق القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية والقانون 41.90 أمام محاكم الاستئناف الإدارية ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

2- صلاحيات محاكم الاستئناف الإدارية بالنظر في مشروعية الصفقات العمومية.

بموجب المادة 80.03 فإن صلاحيات محاكم الاستئناف الإدارية فيما يخص قضايا الصفقات العمومية تدخل في مجال اختصاصها العام.

وتبعا لذلك , فإن  قضايا الصفقات العمومية ,سواء تعلق الأمر بالقضايا العادية أو القضايا الاستعجالية  الصادرة عن المحاكم الإدارية ,يكون الطعن بشأنها أمام محاكم  الاستئناف الإدارية مع مراعاة المقتضيات الخاصة باختصاصها المكاني والنوعي. [49]"

أ‌-      بعض المقتضيات الأولية في الطعن بالاستئناف في قضايا الصفقات العمومية.

-         الاختصاص المكاني والنوعي:

إذا كان الاختصاص المكاني لا يثير أي إشكال في قضايا الصفقات العمومية أمام محاكم الاستئناف الإدارية فإن الاختصاص النوعي يعرف بعض الإشكالات وذلك  عندما يكون هناك تداخل في معطيات القضايا , فيكون الدفع بعدم الاختصاص النوعي بحكم مستقل وأن الاستئناف بهذا الشأن يكون أمام محكمة النقض وهذا ما عملت على تطبيقه محاكم الاستئناف الإدارية في مختلف أحكامها ونذكر منها ما جاء في إحدى قرارات محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط في هذا الشأن نذكر القرار عدد444 بتاريخ 2007-06-27 الذي جاء فيه"حيث يعيب المستأنف الحكم المستأنف لخرقه قواعد الاختصاص لما اعتبر أن طلب المدعي يدخل ضمن اختصاص المحكمة,كما يعيبه بخرق المادة 13 من القانون رقم41.90 المحدث بموجبه المحاكم الإدارية, وحيث سبق المجلس الأعلى(بموجب قرار عدد 55 بتاريخ 2007-10-17 في الملف رقم 3099\04 \ا01\06 ) أن بث في الاختصاص المذكور باعتبار أن موضوع الطعن يدخل ضمن عقود التوريد التي تعتبر عقود إدارية يختص القضاء الإداري بالبث فيها, مما لا يمكن معه إعادة مناقشة هذا الدفع من جديد ويبقى السبب المثار بهذا الصدد غير جدير بالاعتبار "[50].

- دعوى القضاء الشامل:

يدخل الطعن بالاستئناف في قضايا الصفقات العمومية ضمن دعوى القضاء الشامل وليس دعوى الإلغاء, وهو ما قضت به محكمة الاستئناف الإدارية في إحدى قراراتها عدد 638 بتاريخ 2007\09\ 26 "وحيث أن القرارات التي تستند إلى أحكام العقد يكون الطعن فيها أمام القضاء الشامل ليس قضاء الإلغاء,باعتبار أن هذا الأخير جزاء لمخالفة المشروعية , بينما الالتزامات المترتبة في العقود الإدارية هي التزامات شخصية مما يكون معه طلب الإلغاء غير مقبول بوجود دعوى موازية باعتبار أن القرار موضوع الطعن متصل بعقد إداري, وأن المحكمة سارت في هذا المنحى كون حكمها صائبا وواجب التأييد"[51].

- اقتصار الطعن بالاستئناف على مرة واحدة بشأن نفس الموضوع :

يتم الاستفادة من الطعن بالاستئناف مرة واحدة إذا تعلق الأمر بنفس الموضوع وهذا ما أكدته محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط في قرارها عدد 955 بتاريخ 2007\ 12\ 19 "وحيث يتبين للمحكمة أن الدولة المغربية في شخص السيد الوزير الأول ومن معها سبق لها أن استأنفت نفس الحكم ...قضى بإلغاء الحكم المستأنف إرجاع الملف إلى المحكمة الإدارية بالرباط للبث فيه من جديد طبقا للقانون. وحيث ان الطعن بالاستئناف لا يمارس إلا مرة واحدة مما يكون معه الطرف المستأنف قد استنفذ حقه في الطعن ويكون الاستئناف الحالي غير مقبول[52].

-التنازل عن دعوى الطعن بالاستئناف:

إذا رأى المدعي لسبب من أسباب التنازل في دعواه التي رفعها أمام المحكمة الاسثئنافية بشأن صفقة من الصفقات العمومية فإنه يكون ملزما باحترام إجراءات شكلية للحصول على منطوق حكم بتنازله والتأكد من أن هذا التنازل لا يمس الحقوق المكتسبة للغير .

ب- موضوع الطعن بالاستئناف في قضايا الصفقات العمومية :

يشمل الطعن بالاستئناف في قضايا الصفقات العمومية جميع مراحل إبرام الصفقة ومراحل تنفيذها إلى غاية التسليم النهائي لأعمال الصفقة الشيء الذي يترتب عنه نتائج إيجابية وأخرى سلبية متعلقة بأطراف الصفقة فيما يخص حقوقهم  .

-الطعن بالاستئناف في إجراءات إبرام الصفقة :

إن الطعن بالاستئناف له إجراءات كثيرة ومتنوعة فيما يتعلق بقضايا الصفقات العمومية ونذكر منها:

ü تخطي الإدارة للمتقدم بأكثر من طلب للعروض:

إذا حصل ولم تحترم الإدارة القاعدة المسطرية التي تسند الصفقة للمترشح الذي اقترح أكبر مبلغ دون سبب موضوعي أو اضطراري تبرره المصلحة العامة وأسندت الصفقة إلى غيره من المترشحين , هنا يحق للمتضرر اللجوء إلى القضاء للحصول عليها مع  إمكانية المطالبة بالتعويض المناسب (مع تقرير الخبرة).

ü صدور أمر بالخدمة في غياب المصادقة على الصفقة:

إن اكتمال إجراءات الصفقة كقاعدة عامة يتم بالمصادقة عليها من طرف السلطات المختصة وفق إجراءات  محددة ,بحيث لا يجوز إصدار أمر بتنفيذ الصفقة إلا بعد تبليغ هذه المصادقة , باستثناء الحالات الاستعجالية , ولكن إذا تبث صدور هذا الأمر في الحالات العادية دون مصادقة السلطات المختصة وأنجزت الأشغال فإن المقاول يستخلص تعويضاته عن ما أنجزه في إطار قواعد المسؤولية الإدارية, لأن الخطأ في إبرام الصفقة لا يمكن أن يتحمله المقاول في حالة إنجاز محضر تسليمه النهائي للأشغال يكون له الحق في إرجاع ضمانه وحصوله على فوائد التأخير في الأداء إذا تبث تماطل الإدارة  في تمكينه من مستحقاته"[53].

ü الطعن بالاستئناف في الالتزامات الخاصة بتنفيذ الصفقة:

- مسؤولية المقاول عن فعله السلبي في حالة عدم استجابته للتنفيذ بوجود قوة قاهرة.

في حالة استحالة التنفيذ بوجود قوة قاهرة فإن مسؤولية المقاول بخصوص التزاماته بالاستمرار في تنفيذ بنود العقد لا تنتفي ويبقى تحت طائلة المساءلة عن فعله السلبي هذا,إضافة كذلك إلى أن المرض الذي يصيبه لا يؤدي إلى إعفائه من التزاماته بل الأكثر من ذلك لا يشكل القوة القاهرة التي تجعل تنفيذ الصفقات العمومية مستحيلا لدرجة الاستحالة المطلقة ما دام أنه بالإمكان للمقاول المريض أن يوكل شخص أخر للاستمرار في تنفيذ بنود الصفقة.

-استحقاق المقاولة للتعويض في حالة مواجهتها لصعوبات مادية غير متوقعة :

قد  يحدث و تعترض المقاولة بعض الصعوبات المادية الغير متوقعة من أجل ضمان استمرار إنجاز الأشغال,في هذه الحالة جاز للمقاولة أن تطالب بالتعويض وذلك على أساس إعادة التوازن المالي للعقد من أجل أن تتمكن من التغلب على هذه الصعوبات والتعويض هنا يكون بنسبة محددة  يبينها تقرير الخبرة المعتمدة.

-عدم إمكانية تغيير المواد موضوع التوريد:

هذا الشرط يعد جوهريا في إبرام الصفقة موضوع  التنفيذ . غير أنه إذا حصلت قوة قاهرة جعلت تنفيذ موضوع الصفقة بمواصفاته الدقيقة  ووفق مقتضيات الصفقة وبنود دفاتره مستحيلة ترتب عن ذلك فسخ الصفقة واستثناء يمكن الإبقاء على الصفقة مع مراجعة بعض بنودها إذا لم يكن للتغيير أثار سلبية على موضوعها "[54].

ثانيا-اختصاصات محكمة النقض في منازعات قضايا الصفقات العمومية:

بالرجوع إلى الفصل 353 من قانون المسطرة المدنية فإن محكمة النقض تبث ما لم يصدر نص صريح بخلاف ذلك في مجموعة من القضايا.

وفي المجال الإداري فإن المشرع أوكل بموجب الفصل 362 من ق.م.م إلى الغرفة الإدارية حق النظر في:

-الطعون بالنقض ضد الأحكام القضائية الصادرة في القضايا التي يكون أحد الأطراف فيها شخصا عموميا.

-الطعون الموجهة ضد مقررات السلطات الإدارية للشطط في استعمال السلطة.

وفي هذا الصدد يتضح أن قضايا الصفقات العمومية التي تعرض على محكمة النقض يجب أن تتعلق بإحدى أنواع الطعون التي أشرنا إليها أعلاه و إلا كان مصيرها عدم القبول.

وبالإضافة إلى ما تم ذكره فإنه يجب أن تكون طلبات نقض الأحكام المعروضة عن محكمة النقض مبنية على أحد الأسباب التي تطرق إليها مشرع قانون المسطرة المدنية في الفصل 359 وهي:

1-خرق قاعدة مسطرية أضرت بأحد أطراف الصفقة العمومية.

في حالة خرق قاعدة مسطرية أضرت بأحد الأطراف في إطار عقد الصفقة فإن محكمة النقض في هذه الحالة تتدخل من أجل إلغاء الحكم وإرجاع الملف إلى المحكمة المختصة بغية البث فيه طبقا للقانون. وهذا ما قضت به الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في القرار 291 بتاريخ 28\ 03\ 2007 "حيث أنه بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 796 من ق.ل.ع نجدها تنص على أنه يلزم رفع الدعوى خلال 30 يوما التالية ليوم ظهور الواقعة الموجبة للضمان حسب مقالها بتاريخ 31 \01 \2000 بدليل رسالتها التي وجهتها المستأنفة ولم ترفع  دعواها إلا بتاريخ2002\05\14,أي خارج أجل الشهر المحدد في الفصل المذكور, مما عرضت به دعواها لعدم القبول, والمحكمة لما قبلت الدعوى رغم العيب الشكلي المذكور لم تجعل لقضائها أساسا فكان حكمها واجب الإلغاء. [55]"

الشيء الذي جعل محكمة النقض تلغي الحكم المستأنف.

2-عيب عدم الإختصاص:

إذا شاب عيب من عيوب أحد العناصر التالية و المتمثلة في العنصر الشخصي- بأن يكون الشخص له الحق في إبرام الصفقة و أن يكون إما مدعيا أو مدعى عليه- أو عنصر موضوعي- والذي يتجلى في طبيعة الأعمال موضوع الصفقات العمومية وأيضا المحكمة المختصة بالنظر في النزاع- أو عنصر مكاني- بتحديد النطاق الترابي لإختصاص المحكمة- فإن محكمة النقض بناءا على العناصر أعلاه تقضي بإلغاء الحكم المطعون فيه و إرجاع الملف إلى المحكمة المختصة لإعادة النظر فيه وتطبيق أحكام القانون بشأنه وذلك عندما يتبين لها تخلف أحد هذه العناصر.

3-الشطط في استعمال السلطة :

في حالة تعسف الإدارة اتجاه المتعاقد معها سواء أكان هذا التصرف إيجابيا أو سلبيا من طرفها فإن محكمة النقض تقضي برفع هذا التصرف وذلك قصد تنفيذ الالتزام من الطرفين لإثبات عيب الانحراف في السلطة رغم صعوبته فإن القضاء الإداري يلجأ إلى وسائل منها الإثبات من نص القرار المطعون فيه والإثبات عن طريق المراسلات والمناقشات المتعلقة بالقرار كما اعتبر القضاء الإداري أن الظروف التي فيها القرار يمكن أن تكشف عن عيب الانحراف في السلطة ,فقد أكد مجلس الدولة الفرنسي أن المحاولات المتكررة من جانب الإدارة لاستبعاد أحد المتقدمين بغطاء في المناقصة يكشف عن انحراف السلطة"[56].

4-عدم ارتكاز الحكم على أساس قانوني أو انعدام التعليل:

إذا تبث للمجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا)عدم ارتكاز الطعن المرفوع أمامها على أساس قانوني أو انعدام تعليلها فإنه يقضي بإلغائها وإحالتها على المحكمة المختصة لإعادة النظر فيها من جديد ,أما إذا تبث له العكس وكان الحكم المطعون فيه صحيح فإنه يقضي  بقبولها أو تأييدها.

وفي هذا السياق ورد قرار المجلس الأعلى سابقا (محكمة النقض حاليا)قرار عدد 37 بتاريخ 27\ 02\2008 والذي جاء فيه:"وحيث أنه بالرجوع إلى تعليلات الحكم المستأنف يتبين أنه لم يناقش الدفع ولم يبحثه بالرغم من تحققه من حيث المدة تاريخ الأمر بالبدء 7-6-1999 والأمر بالتوقف 28\ 03\ 2000 والأمر بالاستئناف 20\ 03\2001 والاستلام المؤقت بتاريخ 28-11-2001 الأمر الذي يستوجب بحث أسباب التأخير ومن يتحمل مسؤوليته وهو أمر لم تناقشه المحكمة وما اعتمدته المحكمة للحكم بالمبالغ المستحقة غير كاف ,الأمر الذي يستلزم  التحقيق في النازلة – وحيث أن القضية غير جاهزة قضت محكمة النقض بإلغاء الحكم وإرجاع الملف إلى المحكمة الإدارية بالرباط لتبث فيه طبقا للقانون.

وبالنسبة للأحكام التي لا تقبل الطعن بالتعرض والاستئناف يمكن أن تكون موضوع إعادة النظر لدى محكمة النقض ممن كان طرفا في الدعوى أو ممن استدعي بصفة قانونية للمشاركة فيها لأن الطعن بإعادة النظر لا يستفيد منه المعني بالأمر إلا مرة واحدة"[57].

وعليه  فإن سبب القرار الإداري يجب أن يكون دقيقا لا صوريا أو وهميا وقانونيا تتوفر فيه الشروط التي يتطلبها القانون, وتتمثل رقابة القضاء الإداري على سبب القرار الإداري في الحالات التالية:

-الرقابة على وجود الوقائع

-الرقابة على تكييف الوقائع

-الرقابة على ملاءمة القرار للواقع.[58] "  

 

 

 المطلب الثاني : معيقات القضاء الإداري في مجال الصفقات العمومية

 

إن مجال الصفقات العمومية يعاني من عدة عوائق على غرار باقي النزعات الإدارية المرفوعة إلى المحاكم الإدارية، غير أن حدة التأثير تختلف خصوصا وأن مجال الصفقات العمومية يشكل مجالا حساسا لارتباطه بالمصالح الخاصة والمصالح العامة في آن واحد، وترتبط أيضا بتنفيذ السياسة العامة للدولة مما يجعل تأثير هذه العوائق يتخذ أبعادا أخرى سياسية واقتصادية وكذلك تنموية، وبالتالي فإن الضرورة تقتضي الاجتهاد من أجل التقليص من حجم الأضرار المترتبة عن ذلك، وتعد إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية (الفقرة الأولى) من أعوص هذه المشاكل إلى جانب باقي العراقيل اللوجستيكية (الفقرة الثانية) التي يعرفها القضاء الإداري.

الفقرة الأولى: إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية

 

تمثل إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية إحدى أعقد المشاكل التي تواجه القضاء الإداري، والتي تثير تساؤلات كبيرة عن مدى رغبة الدولة في وضع تنظيم قضائي يحمي الحقوق والحريات، فما هي هذه الإشكالية؟"أولا" وما مدى تأثيرها على مجال الصفقات العمومية؟ "ثانيا"

   أولا : التعريف بإشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية

إن إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية تطرح مشكلة العلاقة بين مؤسسات الدولة في إطار فصل السلط ومدى احترام القانون من طرف مختلف الفاعلين داخل الدولة.

ويعتبر التنفيذ الجبري أو الإكراه على التنفيذ، إحدى الامتيازات التي تتوفر عليها السلطة العمومية، فأطراف النزاع يوجدون في وضعية غير متساوية ، ذلك أنه في حالة رفض القاضي الدعوى المرفوعة ضد الإدارة فإن عملها يدخل حيز النفاد ويحوز صفة الشرعية، أما في حالة الحكم لصالح الطاعن، فإنه يكون ملزما بالإعتماد على حسن نية الإدارة من أجل التنفيذ، لأنه لا يمكن إكراه الإدارة على تنفيذ الأحكام، لعدم إمكانية تطبيق الفصل 433 من قانون المسطرة المدنية المتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية استنادا إلى منع استعمال القوة العمومية ضد الإدارة، إضافة إلى كون الفصل 25 من ق .م.م يحظر على المحاكم أن تأتي بكل ما من شأنه أن يعرقل نشاط الإدارة العمومية حتى لا يقع خرق مبدأ فصل السلط، وحتى لا تشكل قرارات القضاء تدخلا سافرا في شؤون الإدارة، غير أن الإجتهاد القضائي قد ابتدع عدة وسائل لحمل الإدارة على التنفيذ نذكر منها : الغرامة التهديدية، الحجز لدى الغير والتنفيذ التلقائي، وإن كانت الأحكام قليلة بهذا الشأن خاصة وأن الإدارة لا تعدم الوسائل والمبررات من أجل عدم الامتثال لتنفيذ الأحكام من ذلك تذرعا بانعدام الاعتمادات المالية أو ادعاء الحفاظ على الأمن...

وفي هذا السياق تندرج قضية مقاومة حيدا ضد بلدية العرائش الممتنعة عن تنفيذ القرار الصادرعن المجلس الأعلى[59]، والقاضي بتأييد الحكم المستأنف الذي ينص على أداء المدعي عليه المجلس البلدي للعرائش لفائدة المدعية مبلغ 221.772.11 درهما عن قيمة الأشغال المنجزة وتعويضا عن التأخير بمبلغ 690.88.00 درهم مع تحميل المدعى عليه الصائر بحسب نسبة القدر المحكوم به ورفض الطلب في ما عدا ذلك، وقد صرح رئيس المجلس البلدي السيد حسيسن لمأمور التنفيذ بأن المجلس لا يتوفر على ميزانية لتنفيذ الحكم وبالتالي لا يمكنه ذلك.

لكن أحيانا نجد القاضي الإداري يتصدى بجرأة للامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية ونسوق في هذا الصدد المثال التالي:

ـ الحكم الصادر بالغرامة التهديدية في قضية ورثة عبد القادر العشيري[60] ضد وزارة التربية الوطنية الممتنعة عن تنفيذ الأمر الاستعجالي[61]، الصادر ضدها بتاريخ 20/12/1995والذي اعتبره الأستاذ أمال المشرافي، يشكل سابقة قضائية وبادرة أقدمت عليها المحكمة الإدارية قائلا : "فالمحكمة الإدارية هي التي واجهت مقاومة تنفيذ حكمها، واقترحت لتجاوز هذا الرفض حلا فريدا من نوعه، لم يجرأ المجلس الأعلى على استعماله على امتداد 40 سنة".

وانطلاقا من الأهمية التي يكتسبها تنفيذ الأحكام القضائية داخل دواليب الدولة عملت

الحكومة المغربية خصوصا في ضل حكومة عبد الرحمان اليوسفي على اتخاد جملة من التدابير تتمثل أساسا في إصدار مجموعة من المناشير، تحث الإدارة وتهيب بالعاملين في أسلاكها على ضرورة تنفيذ الأحكام القضائية، من بينها منشور الوزير الأول بتاريخ 17 مارس 1993 عدد 80/د والمنشور 37/98 الصادر بتاريخ 21 غشت 1998، كما أن الحكومة أنشأت لجنة يترأسها الوزير الأول تهتم بدراسة ملفات التنفيذ العالقة، وتتداول في مسألة تنفيذ الأحكام القضائية بصفة عامة.

ومن هنا يمكن التساؤل حول حصيلة عمل هذه اللجنة. هل فعلا ساهمت هذه الأخيرة في حمل مختلف الإدارات على تنفيذ الأحكام القضائية؟ والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد مفاده، ما مصير هذه اللجنة بعد رحيل حكومة عبد الرحمان اليوسفي؟

كانت هناك دورية للوزير الاول على عهد عباس الفاسي ثم جاء القانون 45-08 لحل المشكل

ثانيا : تأثير عدم تنفيذ الأحكام القضائية على الصفقات العمومية

إن عدم تنفيذ الأحكام القضائية له تداعيات عدة سياسية، واجتماعية، واقتصادية ولعل هذه الأخيرة تختزل كل السلبيات المطروحة على الصعيدين السياسي والإجتماعي لارتباطهما المباشر بمجال الصفقات العمومية، وفي هذا الصدد فإن المتعاقد باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية مع الإدارة التي تملك سلطات واسعة وامتيازات مما يجعل المتعاقد يلجأ إلى القضاء بحثا عن العدالة والإنصاف، لكن أمام تعقد المساطير وارتفاع كلفة الدعوى الإدارية تجعل المتعاقد يتردد في خوض تجربة القضاء، بل الأكثر من ذلك فإن بعضهم يفرون من اللجوء إلى القضاء لمعرفتهم بصعوبة تنفيذ الأحكام الصادرة عنه .

إن هذا الأمر يخلف إحساسا عند المتعاقد بعدم جدوى الدعوى القضائية مما يجعله يبحث عن طرق أخرى للحصول على حقه، يستعمل من خلالها وسائل غير مشروعة إما عبر سلك قنوات الزبونية والمحسوبية والرشوة وغيرها من الأمراض التي تنخر الجسد الإداري والتي ينبغي محاربتها، وإما عبر محاولته التخفيف من خسائره ـ في بعض الحالات التي يكون مستحقا فيها التعويض ـ عن طريق الغش في جودة السلع والخدمات المقدمة وكذا الكفاءات التي ينبغي عليه الاستعانة بها في المشروع، وهو ما ينعكس سلبا على مردودية العمل ويحول دون تحقيق الأهداف، كما أن عدم تنفيذ الأحكام يؤدي إلى تعطيل عدد من المشاريع القائمة، ويجعل النزاع مستمرا مما يؤثر على الخدمات المقدمة للمواطن، وبالتالي يضر بالتنمية. وبذلك يساهم عدم التنفيذ في تعميق المشاكل التي يعرفها نظام الصفقات العمومية بالمغرب، والمتمثلة في عدة مظاهر سلبية تحول دون جودة هذا النظام وشفافيته.

إن عدم تنفيذ الأحكام يحقر من سلطة القضاء ويعطي لمبدأ فصل السلط معنى عبثيا، إذ يظهر بجلاء مدى تعاظم دور السلطة التنفيذية بالمقارنة مع باقي السلط، سواء السلطة التشريعية التي أوجدت النصوص القانونية والمطبقة أمام القضاء أو السلطة القضائية التي تبدو عاجزة عن إلزام الإدارة بتنفيذ أحكامها، بل إن عدم امتثال الإدارة لتنفيذ الأحكام القضائية يعد عصيانا لأوامر الملك باعتباره أعلى سلطة داخل الدولة وأن الأحكام القضائية تصدر بإسمه، والمفارقة الغريبة في الأمر أن الموظفون الساميون يعينون من طرف جلالة الملك والوزراء هم وزراء جلالة الملك، ومع هذا يجرؤون على مخالفة أوامر جلالته.

يعتبر عدم تنفيذ الأحكام القضائية مؤشرا على تخلف الدولة وعدم احترامها للقانون، والنظام العام، وتمت نماذج لدول راقية تمسكت بالعدالة في أصعب الفترات التاريخية التي مرت بها مما يجعلها محط ثقة واطمئنان بالنسبة لمواطنها.

هنا نستحضر ذلك النموذج الرائع الذي سجله التاريخ بمداد الفخر لرئيس الوزراء البريطاني تشرشل عندما قال "لابد من تنفيذ الحكم فإنه من الأهون أن يكتب في التاريخ أن انجلترا قد هزمت في الحرب، من أن يكتب فيها أنها امتنعت عن تنفيذ حكم قضائي" وذلك جاء على إثر إصدار أحد قضاة أمره بمنع إقلاع الطائرات الحربية من المطار المجاور للمحكمة أثناء انعقاد الجلسات مما تسببه في الإخلال بالنظام.

وعليه فإن عدم تنفيذ الأحكام القضائية لا يساعد على توفير مناخ ملائم من أجل الاستمرار مما يجعل المستثمرون يلتجئون إلى البلدان التي توفر تسهيلات وضمانات بالنسبة للمستثمرين.

إن عدم الثقة في قدرة القضاء يحذو بالعديد من الدول والشركات عند تعاقدها مع بعض أشخاص القانون العام الوطنية من خلال بعض الاتفاقات والمعاهدات إلى تضمينها  شرط التحكيم والذي غالبا ما يكون لدى مؤسسات تحكيم دولية، نظرا لما توفره من سرعة في البت، بالرغم من بعض الصعوبات التي قد تعتري تنفيذ القرار التحكيمي.

وفي هذا الصدد نتساءل، ألم يحن الوقت بعد لفرض جزاءات على الإدارة الممتنعة عن التنفيذ بعد كل هذه السنوات من عمل المحاكم الإدارية؟

وصفوة القول يظهر أن إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية تتداخل فيها عدة أسباب منها ما هو قانوني والذي يتجسد في الفراغ التشريعي، وأسباب بشرية تتمثل في العقليات السائدة سواء في أوساط رجال الإدارة أو المواطنين، كل هذه الأسباب وغيرها ساهمت في تعقيد وضعية عدم التنفيذ ببلادنا.

   الفقرة الثانية : العراقيل اللوجستيكية

 

تتخذ العراقيل اللوجستيكية عدة أبعاد خصوصا فيما يتعلق بمنازعات الصفقات العمومية مما يستوجب تدخل المشرع عاجلا "أولا" لمعالجة المشاكل القانونية و "ثانيا" للعمل على تجاوز المعيقات البشرية والمالية.

   أولا : العراقيل القانونية

إلى جانب إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية فإن ثمة عدة مشاكل قانونية تواجه المتقاضي في مجال منازعات الصفقات العمومية وكذا في مختلف المنازعات الإدارية، غير أن حدة هذه الصعوبات وانعكاساتها تكون لها تأثيرات متفاوتة الخطورة حسب نوع المنازعة وأطرافها.

وبما أن مجال الصفقات العمومية مجال جد حساس تتداخل فيه المصلحة العامة بالمصلحة الخاصة، بل إنهما يشكلان مصلحة مشتركة، فإن أي نزاع ينبغي أن يجد طريقه إلى الحل السليم بعيدا عن التعقيدات لأنه في نزاع الصفقات العمومية لا ينبغي أن يقتصر النظر على زاوية دون أخرى بل ينبغي أن ينظر إلى النزاع في نطاقه الشمولي وذلك حتى يسهم القضاء في ممارسة رقابة بناءة تساعد على خلق شفافية هذا المجال الذي تعتريه العديد من السلوكيات والممارسات المنافية للحق والقانون، والذي يحتاج إلى التخليق، بما يتماشى ومبادئ ميثاق حسن التدبير.

إن من أهم المشاكل المطروحة بالنسبة لممارسة رقابة القضاء الإداري على الصفقات العمومية نجد مشكل طول الآجال إضافة إلى مشاكل أخرى تشترك فيها منازعات الصفقات العمومية مع باقي المنازعات الإدارية.

    - من حيث طول الآجال

تتعدد الآجال المطبقة في مجال دعاوى الصفقات العمومية، وتنطلق من آجال التقدم فالتظلم التمهيدي وحتى الطعن أمام المجلس الأعلى. فبخصوص الطعن التمهيدي فإنه يعاب على المشرع منحه آجالا طويلة للسلطات الإدارية، مقابل إعطاء المتعاقد أجلا قصيرة[62].

وذلك يتجلى مثلا في منح الإدارة شهرين من أجل الرد على التظلم المرفوع إلى صاحب المشروع في حين لا يتمتع المقاول إلا بأجل خمسة أيام، كما أن مدة الطعن يمكن أن تزداد إذا ما قرر المقاول تظلما رئاسيا إلى الوزير المعني بالصفقة حيث يتمتع الأول بأجل ثلاثة أشهر ليرفع تظلمه ويتمتع الثاني بأجل ثلاثة أشهر أخرى ليقدم جوابه، فإن كان بالرفض الصريح أو الضمني، الكلي أو الجزئي، جاز للمتظلم أن يرفع طعنا داخل أجل 60 يوما، يمكن أن يتساهل بشأنها فيتم تمديدها كما هو الشأن بالنسبة لحالة الاستحالة الجسدية أو طلب المساعدة القضائية وجعل عبء إثبات تاريخ تبليغ القرار المطعون فيه- باعتباره نقطة بدء حساب الأجل- يقع على عاتق الإدارة، أما في حالة التشدد في حساب الآجل فمثلا لا يعتد بالطعن المرفوع إلى محكمة غير مختصة ولا يعتبر طلب المساعدة القضائية موقفا لسريان أجل تقديم التظلم الإداري.

وفي هذا الصدد يمكن القول أن طول الآجال يؤدي حتما إلى طول الدعوى وبالتالي يضيع وقتا ثمينا سواء بالنسبة للطاعن أو بالنسبة للصفقة، ومن هذا المنطلق اقتضت الضرورة التفكير في أسلوب يضمن حقوق المتعاقد مع الإدارة وتجنبه جملة من الشكليات لما ينتج عن ذلك من تضيع للفرص إلى جانب تحمله أعباء أخرى.

- من حيث المسطرة المتبعة أمام المحاكم الإدارية

يلاحظ أن القانون المحدث للمحاكم الإدارية قد أحال على قانون المسطرة المدنية في جانب إجراءات الدعوى الإدارية، غير أن الممارسة العملية أبانت عن وجود بعض الاختلاف بين الدعوى الإدارية وباقي الدعاوى المدنية. مما خلف عدة مشاكل ينبغي تجاوزها حتى يتمكن القضاء الإداري من الإضطلاع بالمهام الموكولة له من حماية الحقوق والحريات، خاصة وان الدعوى الإدارية لها عدة خصوصيات تميزها عن  الدعوى العادية، سواء من حيث الأطراف، الموضوع أو القانون المطبق على المنازعات المعروضة عليها[63].

ذلك أنها لا معنى للتشدد حاليا في الإبقاء على وحدة القضاء على حساب حقوق المتقاضين وبلادنا تعيش ثورة قانونية متمثلة في محاولة عصرنة النظام القانوني والقضائي للمملكة وذلك من خلال إحداث محاكم تجارية إلى جانب المحاكم الإدارية التي أحدثت لها استئنافيتان هما محكمة استئناف إدارية بالرباط واستئنافية مراكش[64]، إلى جانب إحداث مدونة الأسرة وكل ما رافقها من اجتهاد في الجانب الشرعي وغيرها من النماذج، إلا أن إرادة المشرع ما تزال جامدة فيما يخص وحدة القضاء بالرغم من محاولته خلق ازدواجية في القانون.

وأمام هذا الوضع فإن التطورات العالمية وما تفرزه من تحديات ومستجدات تواجه الإدارة

المغربية، والقضاء المغربي، يقتضي من المشرع التدخل من أجل تسليحهما بكل الوسائل القانونية والعملية الكفيلة بمواجهة هذه التحديات ومواكبة المستجدات المطروحة في هذا المجال.

إذا وأمام كل الإشكالات العملية التي سجلتها الممارسة الميدانية داخل المحاكم الإدارية فيما يخص الجانب المسطري. سواء ما تعلق برفع الدعوى أو بطلب المساعدة القضائية، أو الإجراءات التي تهم القاضي المقرر، أو ما تعلق أيضا بممارسة الطعن ضد الأحكام الإدارية، أو ما يهم الدفع بعدم الإختصاص النوعي دون إغفال جانب تنفيذ الأحكام القضائية[65].

فإنه وبالنظر إلى كل ذلك يستحسن إفراد المحاكم الإدارية بمسطرة مغايرة للمسطرة المدنية ومستقلة عنها، أو على الأقل وكما ذهب إلى القول بعض الفقه : "تخصيص باب مستقل للمسطرة الإدارية دورا إيجابيا أكثر بتدخله في توجيه إجراءات الدعوى نظرا لكونه يفصل بين طرفين غير متساويين...".

ولا يفوتنا أن نذكر بأن تعقد الجانب المسطري خاصة في منازعات الصفقات العمومية يولد نفورا لدى المتعاقدين مع الإدارة من اللجوء إلى القضاء لعلمهم بإغراقه في الشكليات، وأن إهمال أية شكلية يترتب عليه عدم ربح الدعوى، مما يحدو بهم إلى سلوك طرق غير مشروعة خاصة أن القانون يضيق الخناق على الحلول البديلة في مجال الصفقات العمومية، ذلك أنه إذا ما استثنينا التظلم الإداري فإن القانون كان يمنع اللجوء إلى –التحكيم الذي يعتبر وسيلة تقع بين القضاء وبين بدائله- بالنسبة للأموال العمومية،غير أننا نلاحظ ازدواجية في التعامل مع التحكيم سابقا، حيث يباح في بعض الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بعد الحصول على إذن الوزير الأول، بينما يمنع منعا تاما بالنسبة للصفقات الداخلية قبل أن يتدخل المشرع لإصلاح الأمر عبر التعديل الذي نص عليه قانون المسطرة المدنية المتعلق بالتحكيم والوساطة الإتفاقية وذلك ما فصلناه سابقا[66].

ومن هنا يظهر بجلاء أن تعقد الجانب القانوني لا يساهم في فرض رقابة فعالة على

الإدارة خاصة في مجال الصفقات العمومية، كما يترتب عن تعقد الإجراءات المسطرية تكوين قناعة لدى المتعاقد مع الإدارة بعدم جدوى الدعوى القضائية وإحساسه باستنزاف وقته وماله دون أن يضمن استيفاء حقوقه، علاوة على انعدم الثقة الذي يخالجه في مدى نزاهة القضاء.

   ثانيا- العراقيل البشرية والمالية

إن عمل المحاكم الإدارية يعرف شيئا من التعثر خصوصا أمام الكم الهائل منا لقضايا

المعروضة عليها، الذي يقابله قلة القضاة وضعف التجهيزات مما يؤثر سلبا على منازعات الصفقات العمومية المعروضة أمام القضاء الإداري، وفي هذا الصدد فإن منازعات الصفقات العمومية يجب أن تنفرد بعناية خاصة نظرا لمميزاتها، فمنازعات الصفقات العمومية تقتضي السرعة في البت بالإضافة إلى حاجتها لقضاة متخصصين في مجال الصفقات نظرا لطابعها التقني والدقيق بل والمعقد أحيانا أخرى.

بالإضافة إلى ما سلف الذكر فإن الضرورة تقتضي تمتيع قضاة المحكمة الإدارية بالمزيد من الاستقلالية باعتبار أن أحكامهم تصدر ضد الإدارة وبالتالي حمايتهم من أي ضغوطات أو تهديدات تحول دون أدائهم للمهام المنوطة بهم.

وإلى جانب تأهيل قضاة المحاكم الإدارية، فإنه ينبغي تأهيل العنصر البشري الذي يزاول مهامه بهذه المحاكم، ولاسيما كتابة الضبط لاتصالها المباشر بالمتقاضين مما يستلزم إمدادها بتقنيات التواصل وحسن الاستقلال مع تحسين وضعية الموظفين العاملين بها قصد تشجيعهم على تقديم عطاء ومردودية أكبر.

علاوة على ذلك ينبغي توفير التجهيزات الحديثة وتعميمها على جل المحاكم الإدارية حتى تساهم في عصرنتها.

كما يجب تأهيل الموظفين المسؤولين عن الصفقات العمومية داخل مختلف الإدارات المغربية خاصة في الجانب القانوني.

عموما فإن كل هذه الإجراءات تبقى دون جدوى ما لم تتغير من جهة، نظرة رجل الإدارة إلى السلطة الموكولة له خاصة في ظل المفهوم الجديد للسلطة، ومن جهة أخرى نظرة المواطن بصفة عامة والمتعاقد مع الإدارة خصوصا إلى القضاء وذلك بتجديد ثقته في جهاز القضاء كبوابة أساسية من أجل القضاء على المعتقدات والمسلمات السائدة في المخيل الشعبي والتي تستبعد فكرة مقاضاة الإدارة، وتعتبره ضربا من ضروب الخيال.

كما ينبغي التنصيص على تطوير جوانب التواصل وذلك في محاولة لتحديث وعصرنة وسائل التبليغ والمراسلات، إذ لا ينبغي الإكتفاء بالوسائل التقليدية وإنما يجب الإنفتاح على وسائل الإتصال الحديثة كالشبكة العنكبوتية ربحا للوقت وتوخيا للسرعة في الإنجاز، تماشيا مع روح المقاولات اليوم، والتي تعتبر سرعة التواصل بالمعلومات في عالم متسارع من ضمن أولوياتها.

وبالإضافة إلى كل هذا ينصح بإحداث مؤسسة قاضي التنفيذ، والسهر على تمتيع أعوان التنفيذ وكل العاملين بهذا القسم بامتيازات تحفيزية ...كما لا يفوتنا التنصيص على أهمية تبني نظام للمحكمين الإداريين يكونون تابعين للمحاكم الإدارية، حيث يعملون تحتها ويسند إليها العمل على تذييل أحكامهم بالصيغة التنفيذية على اعتبار أن هذه المحاكم هي صاحبة الاختصاص الأصيل في مادة العقود الإدارية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


 

خاتمة :

وعموما فإن القضاء الإداري له دور مهم في مجال الصفقات العمومية كما رأينا إلا أن الإشكال الذي يعاني منه القضاء بصفة عامة والقضاء الإداري بصفة خاصة يجعل من عجلة القضاء تسير ببطء ولا تساير التطور الذي يعرفه مجال الصفقات العمومية،فأمام طول المسطرة من حيث الآجال ومدد الطعون ووسائل الإتباث وكذا غلبة الجانب الشكلي المسطري وأيضا كثرة القضايا المعروضة على القضاء وتضخمها والصعوبة التي يجدها القاضي للإحاطة الدقيقة سواء تعلق الأمر بالقوانين أو الاجتهادات القضائية ،فإنه يجب إعمال مجموعة من الآليات للحيلولة دون الوقوع في الإشكالات السالفة ومن جملتها مثلا إعمال آلية التحكيم ،فبصدور القانون رقم08.05 الصادر سنة 2007 عرف التحكيم تطورا مهما في المادة الإدارية ,إذ أنه قبل هذا القانون كان الفصل 306 من قانون المسطرة المدنية يمنع إعمال آلية التحكيم في المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها .لذلك بعد صدور هذا القانون أصبح بالإمكان اللجوء إلى هذه الآلية المهمة لفض النزاعات حتى وإن كانت الدولة طرفا في النزاع وذلك بصريح الفصل 310 من ق.م.م والذي يقضي في فقرته الثالثة على أنه يمكن اللجوء إلى التحكيم الداخلي طبعا في العقود الإدارية التي تكون الدولة والجماعات المحلية طرفا فيها فأجاز بذلك لجوء هاته الأشخاص إلى اتفاق التحكيم أي إمكانية لجوء الدولة والجماعات المحلية إلى إبرام عقد التحكيم ,وكذلك إمكانية تضمين العقود الصادرة عنها لشرط التحكيم ,غير أن المشرع المغربي لم يضع أي قيد أو شرط معين بهذا الخصوص إلا قيد وشرط ضرورة التقيد بالمقتضيات الخاصة بالمراقبة أو الوصاية المنصوص عليهما في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري  بها العمل.[67] ومن هنا يمكننا القول على أنه ما دام القانون يخول  إمكانية اللجوء إلى التحكيم في المنازعات الإدارية فإن الأطراف المتعاقدة يمكن لهم تضمين هذا المعطى في العقد المبرم بينهم في مجال الصفقات العمومية

لائحة المراجع

 

*     مليكة الصروخ،الصفقات العمومية بالمغرب (الأشغال،التوريدات،الخدمات)الطبعة الأولى النجاح الجديد 2009،مطبعة

*     توفيق السعيد،الصفقات العمومية المبرمة من قبل الجماعات المحلية،الطبعة الأولى 2003،مطبعة طوب بريس الرباط

*     ثوريا لعيوني،القضاء الإداري ورقابته على أعمال الإدارة،مطبعة دار النشر الجسور،وجدة سنة 2005

*     كريم لحرش،القضاء الإداري المغربي،مطبعة طوب بريس ،الرباط،الطبعة الأولى،سنة 2012،عدد مزدوج 16ـ17

*     محمد كرم،الوجيز في التنظيم القضائي المغربي،المطبعة والوراقة الوطنية،مراكش،الطبعة الأولى،سنة 2010

*     عبد الله حداد،تطبيقات الدعوى الإدارية في القانون المغربي ،مطبعة منشورات عكاظ ،الرباط،الطبعة التانية،سنة 2002

*     مصطفى مبروكي،الرقابة الإدارية على إبرام الصفقات العمومية ،رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ،جامعة محمد خيفر بسكرة،دون سنة

*     مليكة الصروخ،القانون الإداري،دراسة مقارنة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة السابعة،2010

*     هناء العلمي العروسي الإدريسي الحسني، كوثر أمين: منازعات الصفقات العمومية على ضوء النص القانوني ووقائع الاجتهاد القضائي المغربي، مطبعة طوب بريس، الرباط، الطبعة الأولى 2010

 

*     -عبد الله حداد،صفقات الأشغال العمومية و دورها في التنمية ،الطبعة الثانية ،منشورات عكاظ،شتنبر2002 .

*     -توفيق السعيد،الصفقات العمومية بالمغرب ( مساطر الإبرام -التنفيذ -الرقابة ) ،مطبعة الخليج العربي تطوان ،الطبعة الثانية 2015 .

*     -محمد باهي،دليل الصفقات العمومية ،مطبعة النجاح الجديدة ،طبعة 2002 .

*     مجلة المالية لوزارة الاقتصاد و المالية ، العدد 33 أبريل 2014 .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


الــفهـرس

 

مـــقدمــــة: 1

المبحث الأول : الإطار النظري للصفقات العمومية. 2

المطلب الأول : ماهية الصفقات العمومية . 2

الفقرة الأولى : مفهوم الصفقة العمومية  وما يميزها عن باقي العقود الإدارية. 3

الفقرة الثانية : أنواع الصفقات العمومية : 7

المطلب  الثاني : كيفية إبرام الصفقات العمومية . 12

الفقرة الأولى : المساطر العادية لإبرام الصفقات العمومية. 13

الفقرة الثانية:المساطر الاستثنائية لإبرام الصفقات العمومية. 19

المطلب الثالث: السلطات المخولة للإدارة وحقوق صاحب الصفقة. 24

الفقرة الأولى : السلطات المخولة للإدارة 24

الفقرة الثانية : حقوق المتعاقد مع الإدارة : 29

المبحث الثاني: دور القضاء الإداري والمعيقات التي تواجهه في مجال الصفقات العمومية. 32

المطلب  الأول : رقابة القضاء الإداري على الصفقات العمومية . 32

الفقرة الأولى: رقابة المحاكم الإدارية على الصفقات العمومية . 33

الفقرة الثانية: دور واختصاصات محاكم الاستئناف الإدارية ومحكمة النقض في الصفقات العمومية. 45

المطلب الثاني : معيقات القضاء الإداري في مجال الصفقات العمومية. 53

الفقرة الأولى: إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية. 54

الفقرة الثانية : العراقيل اللوجستيكية. 58

خاتمة : 64

لائحة المراجع. 65

الــفهـرس.. 67

 



[1]  مليكة الصروخ ,الصفقات العمومية بالمغرب (الأشغال ,التوريدات,الخدمات),الطبعة الأولى 2009 مطبعة النجاح الجديدة ص 29 .

[2]  د,توفيق السعيد ,الصفقات العمومية المبرمة من قبل الجماعات المحلية ,طبعة أولى سنة 2003 ,مطبعة طوب بريس الرباط , ص 7 .

[3]  د.توفيق السعيد , مرجع سابق , ص 8 .

[4]  د.توفيق السعيد , مرجع سابق , ص 8 .

[5]  ولتفعيل هذا التعريف ذهبت محكمة القضاء الإداري في مصر في حكم لها بتاريخ 02-12-1952 إلى القول"إن العقود الإدارية تختلف عن العقود المدنية في أنها تكون بين شخص معنوي من أشخاص القانون العام وبين شخص أو شركاء أو جماعة أنها تستهدف مصلحة عامة لسير العمل في مرفق عام وأن كفتي المتعاقدين فيها غير متكافئة إذ يجب أن يراعي فيها دائما تغليب الصالح العام على مصلحة الأشخاص."

[6]  مصطفى مبروكي ,الرقابة الإدارية على إبرام الصفقات العمومية .رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ,جامعة محمد خيضر بسكرة بدون سنة , ص 21 .

[7]  مليكة الصروخ ,مرجع سابق ص 49 .

[8]  المادة 8 من مرسوم 20 مارس 2013 .

[9]  مليكة الصروخ ,مرجع سابق ص 56.

[10]  مليكة الصروخ مرجع سابق ص59.

[11]  المرسوم رقم 349-12-2 الصادر في 20 مارس 2013 الخاص بالصفقات العمومية.

[12]  نفس المرسوم أعلاه.

[13]  مليكة الصروخ ,مرجع سابق الصفحة 61.

[14]  كريم الحرش."مستجدات المرسوم الجديد للصفقات العمومية, منشورات سلسلة اللامركزية والإدارة الترابية ص 66 ).

 

[15]  مليكة الصروخ القانون الإداري دراسة مقارنة مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء الطبعة السابعة 2010 ,ص 456 .

  [16]  المادة 20 من المرسوم الجديد.

[17] - مجلة المالية لوزارة الاقتصاد و المالية .مرجع

[18]  القانون الإداري ,بدون مطبعة وطبعة 2000 (حالة محمد كرامي ص259).س

 

[19]   المادة 86 من مرسوم 20 مارس 2013.

[20]  قرار عدد 62 الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 21- 09 -2005).

 

[21]  عبد الله حداد ,مرجع سابق ص 104

[22]  عبد لله حداد . مرجع سابق ص 112

[23]  مليكة الصروخ مرجع سابق ص 456

[24]  ملف رقم 04-83-04 قسم القضاء الشامل –بين شركة مكاتب القنيطرة وبين المجموعة الحضرية بالقنيطرة حكم غير منشور أشارت إليه الأستاذة  مليكة  الصروخ المرجع السابق ص 461.

[25]  ملف رقم 221-2006 بين امحمد الصالحي وبين المدير العام CNSS حكم غير منشور –أشارت إليه الأستاذة مليكة الصروخ .المرجع السابق ص 466.

[26]   عبد الله حداد :مرجع سابق ص 149.

[27]      مليكة الصروخ مرجع سابق ص 405 .

[28] مليكة الصروخ مرجع سابق ص 409.

[29]  مليكة الصروخ مرجع سابق ص 410.

[30]  مليكة الصروخ,مرجع سابق ص411.

[31]  مليكة الصروح ,مرجع سابق ص 412-413.

[32]  الآية 43 من سورة النحل.

[33]  مليكة الصروخ مرجع سابق ص414.

[34]  مليكة الصروخ مرجع سابق ص415.

[35]  مليكة الصروخ مرجع سابق ص418.

[36]  محمد كرام ,الوجيز في التنظيم القضائي المغربي ,المطبعة والوراقة الوطنية مراكش ,الطبعة الأولى 2010 ص90.

[37]  حكم منشورفي المجلة المغربة للإدارة المحلية والتنمية ,سلسلة "دلائل التسيير"عدد 16 لسنة 2014 ,ص368.

[38]  مليكة الصروخ مرجع سابق ص 420

[39]  عبد الله حداد ,تطبيقات الدعوة الإدارية في القانون المغربي ,مطابع منشورات عكاظ ,الرباط ,الطبعة الثانية 2002 ص 51.

[40]  مليكة الصروخ مرجع سابق ص 53.

[41]  عبد الله حداد ,مرجع سابق ص53.

[42]  كريم لحرش ,القضاء الإداري المغربي ,مطبعة طوب بريس الرباط الطبعة الأولى سنة 2012 عدد مزدوج 16-17.ص60.

[43]  محمد كرام مرجع سابق ص95.

[44]  مليكة الصروخ مرجع سابق ص 425.

[45]  كريم لحرش ,مرجع سابق ص166.

[46]  حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 7-02-2005,في ملف عدد 133 أشار إليه كريم لحرش ,مرجع سابق ص 200.

[47]  حكم المحكمة الإدارية بوجدة عدد 24 صدر بتاريخ 10-02-1999 أورده خالد انطيطح ,رقابة القضاء الإداري على الصفقات العمومية ,رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ,جامعة مولاي إسماعيل بمكناس 2010-2011.

[48]  حكم المحكة الإدارية بأكادير عدد 10 الصادر بتاريخ 23 فبراير 1995 منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ,سلسلة دراسات وأبحاث جامعية العدد 19 سنة 1997 ص122.

[49]  مليكة الصروح مرجع سابق ص 498.

[50]  ملف إداري عدد 1-6- 7مقتطف من كتاب مليكة الصروخ ص499.

[51]  ملف عدد 3-7-5 مقتطف من كتاب مليكة الصروخ ص500.

[52]  ملف عدد 33-7-7 مقتطف من كتاب مليكة الصروخ ص501.

[53]  مليكة الصروخ مرجع سابق ص 505.

[54] مليكة الصروخ مرجع سابق ص 511.

[55]  مليكة الصروح مرجع سابق ص 523.

[56]  ثورية لعيوني ,القضاء الإداري رقابته على أعمال الإدارة مطبعة دار النشر الجسور وجدة سنة 2005 ص 177.

[57]  مليكة الصروخ مرجع سابق ص 530.

[58]  د.ثورية لعيوني مرجع سابق ص178.

[59]  عدد 105 بتاريخ 25 يناير 2001 في الملف 309/4/1/99.

[60]  حكم المحكمة الابتدائية بالرباط عدد 134 بتاريخ 1997/03/06.

 

[61] الملف الاستعجالي رقم 85/83

[62] هذه الآجال تختلف باختلاف طبيعة وموضوع النزاع فهي تتجاوز 15 يوما في حالة ظن المقاول أن هناك تجاوزات للالتزامات ومن تاريخ تبليغ الأمر بالخدمة المادة 70 من دفتر الشروط الإدارية العامة،

أو أجل 7 أيام في حالة القوة القاهرة، المادة 43 د.ش.ا.ع.

- و30 يوما بشأن التحفيظ وتغيير الأثمنة المادة 51 د.ش.ا.ع

- أو أجل 15 يوما بشأن تبليغ المهندس الرئيسي طلب مكتوب لفسخ الصفقة أو رفع نقص الخدمة المادة 51 الفقرة الثالثة د.ش.إ.ع

- أو كذلك أجل 40 يوما بشأن طلبات التعويض عن تغيير طارئ ولإنهاء الصفقة المادة 45 د.ش.إ.ع

-أو بسبب تأخير الأشغال أكثر من سنة ،المادة 44.

-أو 40 يوما بخصوص رفض قبول الكشف الحسابي وبعث أسباب التحفظ، المادة 62 في فقرتها السابعة د.ش.إ.ع

-أو 5 أيام بشأن الطعن الرئاسي، المادة 71.

-أو ستة أشهر لرفع الطعن أمام المحاكم الإدارية المادة 72 الفقرة3 د.ش.إ.ع

أخذا عن مولاي إدريس الحلابي الكتاني، العقود الإدارية، مكتبة دار السلام الرباط، الطبعة الأولى، أكتوبر 2000، ص 79، هامش2.

 

[63] - هناء العلمي العروسي الإدريسي الحسني، كوثر أمين: منازعات الصفقات العمومية على ضوء النص القانوني ووقائع الاجتهاد القضائي المغربي، مطبعة طوب بريس، الرباط، الطبعة الأولى 2010، ص 118.

[64] - ظهير شريف رقم07.06.1 الصادر في 14 فبراير 2006 بتنفيذ القانون رقم 80.03 المحدثة بموجبه محاكم استئناف إدارية، جريدة رسمية عدد 5398 بتاريخ 23 فبراير 2006، ص490.

[65] هناء العلمي العروسي الإدريسي الحسني، كوثر أمين، مرجع سابق، ص 119.                                                                                                 

 

[66] -هناء العلمي العروسي الإدريسي الحسني، كوثر أمين، مرجع سابق، ص 119.

 

[67]  مصطفى بونجة ونهال اللواح .نطاق التحكيم في المنازعات الإدارية وفقا لقانون المسطرة المدنية المغربي عدد111 منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية (REMALD)   طبعة 2013 مطبعة المعارف الجديدة الرباط ص 92.


المدونة القانونية الشاملة
المدونة القانونية الشاملة