أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

بطلان الإلتزامات وإبطالها

من إعداد : عبد الخالق الحجوجي خريج ماستر المهن القانونية والقضائية.




 لكي يكون العقد صحيحا لابد من توافر اركانه الاساسية التي هي الرضاء والمحل والسبب والشكل في العقود الشكلية والتسليم في العقود العينية. 

واذا تخلف ركن من هذه الاركان او انعدم شرط من شروطه فإن الجزاء الذي يقرره المشرع في هذه الحاله هو  بطلان العقد. 

واذا كان احد المتعاقدين ناقص الاهلية او كانت إرادته مشوبة بعيب من عيوب الارادة التي هي الغلط والتدليس والاكراه والغبن أو إذا  كان في حالة من الحالات التي ينص عليها  الفصل 54 من ق.ل.ع اي حالة المرض والحالات المشابهة، فإن العقد هنا يكون باطلابل قابلا للإبطال. 

ويختلف البطلان والإبطال عن الفسخ في كون ان الاول والثاني سببهما خلل في تكوين العقد او شروط صحته، اما الفسخ فهو جزاء يلحق العقد  الملزم للجانبين بعد قيامه وتوفر جميع أركانه وشروطه، وذلك بسبب عدم قيام احد الطرفين بتنفيذ التزاماته. 

1) حالات البطلان :

بالرجوع الى مقتضيات الفصل 306 من ق. ل. ع نجدها تنص على مايلي :

" ويكون الإلتزام باطلا بقوة القانون :

- اذا كان ينقصه احد الأركان اللازمة لقيامه

-  اذا قرر القانون في حالة خاصة بطلانه "


* الحالة الأولى : تخلف ركن من اركان العقد

يكون العقد باطلا اذا تخلف ركن من اركانه  كان يصدر الرضاء من شخص فاقد للتميز كالصغير غير المميز أو أن يكون محل الإلتزام غير موجود ومثال ذلك ان يتم بيع شيئ يكون قد هلك قبل حصول التعاقد بشأنه.

او ان لا يوجد للإلتزام سبب كأن يتعهد احد الورثة للموصى له يتنفيذ الوصية ثم يتبين فيما بعد بأن الموصي قد تراجع عنها، او ان يتخلف ركن السكل في العقود الشكلية، كأن يتم بيع عقار دون تحرير هذا البيع في محرر رسمي او عرفي طبقا لمقتضيات الفصل 489 من ق. ل. ع و المادة 4 من مدونة الحقوق العينية. 

او اذا تخلف ركن الشكل في العقود العينية التي يشترط فيها المشرع ذلك، كأن يتم ابرام رهن حيازي دون تسليم الشيئ المرهون الى الدائن طبقا للفصل 1188 من ق. ل. ع. 

كما يقع العقد باطلا اذا تخلفت احد شروط المحل او السبب. 

*  الحالة الثانية: البطلان بنص القانون

قد يتوفر العقد على كافة اركانه وشروط صحته ومع ذلك يقرر القانون بطلانه لأسباب خاصة، ومن الامثلة على ذلك ما ورد في  الفقرة الثانية من الفصل 61 من. ق. ل.ع بخصوص بطلان التصرفات الواردة على تركة إنسان ما لا يزال على قيد الحياة حيث وعتبر كل تصرف مما سبق باطلا بطلانا مطلقا وعديم الأثر. 

وكذلك ما جاء في الفصل 870 من ق. ل.ع بخصوص بطلان اشتراط الفائدة بين المسلمين سواء جاء ذلك بشكل صريح او اتخذ شكل هدية او هبة او اي منفعة للمقرض او اي شخص اخر اتخذه وسيطا له. 

كما يبطل ايضا كل اتفاق يلتزم بمقتضاه شخص بتقديم خدماته طوال حياته او لمدة قد تبلغ من الطول حدا بحيث يظل ملتزما حتى وفاته طبقا  لمقتضيات الفصل 728 من ق. ل.ع.

2) حالات الإبطال :

تنص الفقرة الأولى من الفصل 311 من ق. ل. ع على أنه " يكون لدعوى الابطال محل في الحالات المنصوص عليها في الفصول 4 و 39 و 55 و 56 من ق.ل.ع والحالات الأخرى التي يحددها القانون"

من خلال هذه المقتضيات يمكن تحديد حالات الإبطال كما يلي:

* الحالة الأولىالإبطال بسبب نقصان الأهلية

نصت على هذه  الحالة في الفقرة الأولى من الفصل الرابع من ق. ل.ع، والتي جاء فيها" اذا تعاقد القاصر وناقص الأهلية بغير موافقة الاب او الوصي او المقدم فإنهما لا يلزمان بالتعهدات التي يبرمانها ولهما ان يطلبا إبطالها وفقا للشروط المقررة بمقتضى هذا الظهير".

*  الحالة الثانية : الإبطال بسبب تعيب إرادة المتعاقد. 

وقد ورد التنصيص على هذه الحالة في الفصول 39 و 55 و 56  من ق. ل.ع، وانطلاقا من هذه الفصول فإن العقد يكون قابلا للإبطال إذا شاب إرادة احد المتعاقدين عيب من عيوب الإرادة التي هي الغلط والاكراه والتدليس والغبن المقرون بالتدليس او الغبن المجرد عنه اذا كان ضحيته قاصر او ناقص الأهلية.

* الحالة الثالثة : الإبطال بنص القانون. 

ورد في القانون مجموعة من النصوص التي تمنح حق طلب الإبطال في حالات معينة لأحد الطرفين أو للغير، وسنذكر على سبيل المثال الى ما ورد في الفصل 485 من ق. ل.ع المتعلق ببيع ملك الغير، حيث منح للمشتري حق ابطال العقد اذا رفض المالك اقرار هذا البيع.

وكذلك ما جاء في الفصل 1085 من ق. ل. ع الذي اعطى لدائني الشركة ولدانئي كل دن المتقاسمين لن كان معسرا الحق في ان يطلبوا ابطال الثسمة اذا تمت رغم تعرضهم على اجرائها.

3) آثار البطلان و الإبطال :

3.1- بالنسبة للمتعاقدين:

يسري البطلان  والابطال بأثر رجعي بالنسبة للمتعاقدين فإذا كان العقد الباطل او الذي تقرر ابطاله لم ينفذ بعد، فلا يحق لاحد من طرفيه ان يطالب بتنفيذه، اما اذا نفذ هذا العقد فينبغي التمييز بين حالتين؛ الحالة التي يكون فيها ارجاع المتعاقدين الى مكانا عليه قبل التعاقد والحالة التي يصبح فيها ذلك مستحيلا. 

ففي الحالة الاولى اذا تقرر بطلان العقد او ابطاله (مثال عقد البيع) فان البائع يلزم برد الثمن الى المشتري ويلزم هذا الاخير برد المبيع الى البائع، اما في الحالة التي يصبح فيها ارجاع الوضع الى ما كان عليه مستحيل بسبب هلاك الشيئ في يد المشتري مثلا، فإن هذا الأخير يلزم بدفع تعويض عادل للبائع يتم تحديده من طرف القاضي طبقا لقواعد المسؤولية. 

وتجدر الاشارة الى ان المشرع المغربي قد اورد استثناءا بخصوص مبدأ اعادة المتعاقدين الى الحالة التي كان عليها قبل التعاقد طبقا لما تم التنصيص عليه في الفصل السادس من ق. ل. ع، " يجوز الطعن في الإلتزام من الوصي او من القاصر بعد بلوغه رشده، ولو كان هذا الأخير قد استعمل طرقا احتياليا من شأنها ان تحمل المتعاقد الآخر على الإعتقاد برشده او بموافقه وصيه او بكونه تاجر. 

ويبقى القاصر مع ذلك ملتزما في حدود النفع الذي استخلصه من الإلتزام وذلك بمقتضى الشروط المقرره في هذا الظهير "

3.2- اثار البطلان والإبطال بالنسبة للغير :

لا يقتصر اثر البطلان والإبطال على المتعاقدين فقط بل يمتد ذلك الى الغير كذلك، وهكذا فلو اشترى شخص شيئا ثم باعه ثم تقرر بطلان او ابطال البيع الأول، فإن ذلك يؤدي الى بطلان البيع الثاني، حسب القاعدة التي تنص على انه لايمكن للشخص ان ينقل اكثر مما يملك.

إلا ان تطبيع هذه القاعدة بصورة مطبقة من شأنه ان يلحق الضرر بحقوق الأشخاص حسني النية والى عدم استقرار المعاملات، وهذا ما جعل هذه القاعدة تعرف مجموعة من  الاستثناءات نذكر اهمها عبى سبيل المثال:

* أولا : حالة عقد الزواج الباطل

رتب المشرع المغربي عن الزواج الباطل اذا حصل الصداق والاستبراء، واذا تبث لدى الطرفين حسن النية ترتب عنه لحوق النسب وحرمة المصاهرة، حسب مقتضيات المادة 58 من م. أ.22

2 *ثانيا : حالة انتقاص العقد

ينص الفصل 308 من ق. ل.ع "

بطلان جزء من الالتزام يبطل الالتزام في مجموعه، إلا إذا أمكن لهذا الالتزام أن يبقى قائما بدون الجزء الذي لحقه البطلان، وفي هذه الحالة الأخيرة يبقى الالتزام قائما باعتباره عقدا متميزا عن العقد الأصلي"

انطلاقا من هذا الفصل يتبين ان المشرع المغربي اخذ بنظرية انتقاص العقد فإذا كان العقد باطلا في جزء منه فقط بطل هذا الجزء وحده، ما لم يتضح ان هذا العقد ما كان ليتم بدون هذا الجزء، حيث هنا يبطل العقد بكامله. 

وكمثال على ذلك أن يشتري احد الأشخاص مجموعة من الأشياء بثمن اجمالي ويكون قد وقع ضحيه غلط جوهري بالنسبة لبعضها فقط حيث يكون عقد البيع باطلال في الجزء الذي لحقه الغلط ويبقى الجزء الاخر صحيحا.

 * ثالثا : حالة تحول العقد

تعتبر نظرية تحول العقد نظرية ألمانية صاغها الفقهاء الألمان في  القرن 19 ونص عليها المشرع في الفصل 140 من قانونه المدني. 

وقد نص عليها المشرع المغربي في الفصل 309 من ق. ل.ع الذي جاء فيه " اذا بطل الإلتزام باعتبار ذاته وكان به من الشروط ما يصح به التزام آخر جرت عليه القواعد المقرره لهذا الإلتزام الأخير". 

ومثال ذلك عقد البيع الذي يكون فيه الثمن تافها حيث يكون هذا البيع باطلا ولكن يمكن ان يتحول الى هبة. 

وكذلك ما جاء في الفصل  1035 من ق. ل. ع حيث اعتبر ان عقد الشركة الذي يمنح احد الشرك كل الربح باطلا ولكن يمكن ان يتحول الى عقد تبرع الى تنازل الاخر عن نصيب.


* رابعا : حالة اكتساب الحائز حسن النية حقا عينا على منقول او عقار محفظ.

ينص الفصل 456 من ق. ل.ع على مايلي :

"يفترض في الحائز بحسن نية شيئا منقولا أو مجموعة من المنقولات أنه قد كسب هذا الشيء بطريق قانوني وعلى وجه صحيح، وعلى من يدعي العكس أن يقيم الدليل عليه.

ولا يفترض حسن النية فيمن كان يعلم أو كان يجب عليه أن يعلم عند تلقيه الشيء أن من تلقاه منه لم يكن له حق التصرف فيه ".

انطلاقا مظ هذه المقتضيات نجد ان المشرع خصص حماية للحائز حسن النية، وذلك من خلال جعله الخيلزة سندا للملكية.

اما بالنسبة لاكتساب حقا عينيا على عقار محفظ، فقد نص المشرع في الفصل 66 من ظهير  التحفيظ العقاري على مايلي :

" كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتقييده، وابتداء من يوم التقييد في الرسم العقاري من طرف المحافظ على الأملاك العقارية.

لا يمكن في أي حال التمسك بإبطال هذا التقييد في مواجهة الغير ذي النية الحسنة".

يتضحمن خلال هذا النص ان الذي يكتسب حقا عينيا على عقار محفظ بالإستناد على ماهو مقيد بالسجل العقاري، لايؤثر بطلان هذا التقييد في حقه اذا كان حسن النية.

المدونة القانونية الشاملة
المدونة القانونية الشاملة