أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

الإشكالات التي تواجه طالبي التحفيظ ودور المحافظ في هذه العملية.

 من إعداد: ذ. بلال سطاح خريج ماستر المهن القانونية والقضائية. 




عرف الدكتور مأمون الكزبري نظام التحفيظ العقاري على أنه مجموعة من القواعد القانونية التي تهدف إلى تنظيم هوية كل عقار، بحيث توضح على وجه الدقة معالمه و أوصافه و مساحته و حدوده، و يعرف مالكه و طريقة انتقال العقار إليه، و يعين ما على العقار من حقوق عينية كإرتفاق أو انتفاع أو رهن، أو من حقوق شخصية خاضعة للشهر كالحقوق المستمدة من عقد إيجار لمدة تفوق حدا عينه القانون، كل ذلك مع ذكر اسم المالك و أسماء أصحاب الحقوق المترتبة عن العقار. 

و المغرب كغيره من الدول عمل على تنظيم هذا المجال حيث  نجد ظهير 12 غشت 1913 المغير والمتمم بمقتضى القانون رقم 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري، والذي جاء بمجموعة من المستجدات التي من شأنها أن تيسر الإجراءات المعقدة التي اتسم بها الظهير القديم، والذي هدف المشرع من خلاله إلى تشجيع العموم على التحفيظ، والسعي إلى تعميم نظام التحفيظ العقاري من أجل استقرار المعاملات وتقليص حجم النزاعات في الميدان العقاري .

وقد اهتم ايضا المشرع المغربي بمسطرة التحفيظ العقاري بحيث أدخل عليها مجموعة من التعديلات لحل مجموعة من إشكالاتها وهو ما سيتمحور موضوعنا حوله في الشق المتعلق بتقديم الطلب التحفيظ .

بحيث تعتبر مسطرة التحفيظ العقاري مجموع الإجراءات القانونية الرامية إلى تحديد هوية العقار المراد تحفيظه وإشهاره للعموم قصد تطهيره من الحقوق والتحملات غير الثابتة وتأسيس رسم عقاري له يكون نهائيا وغير قابل للطعن، 

لذلك فتقديم مطلب التحفيظ للمحافظة العقارية هو الذي يمنح ويعطي لها إشارة البدء في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإدخال العقار ضمن نظام خاص وإعطائه رسما عقاريا والذي يعتبر عنوانا لحقيقته ، فعلى الراغب في تحفيظ  العقار أن يتقدم بطلب للمحافظ لتحفيظه، مع أداء رسوم المحافظة العقارية حسب التعريفة المقررة لذلك ،ويعتبر هذا الطلب بمثابة تصريح يعبر فيه عن النية في إتباع و مباشرة إجراءات التحفيظ المقررة ، حيث يقصد بمطلب التحفيظ هو الطلب الذي يتقدم به أحد الأشخاص الذين عينهم القانون حصرا لمباشرة حقهم في إخضاع أملاكهم أو حقوق ترتبت لهم بنظام القانون 14,07

بهذا يمكن طرح الإشكالية التالية : ما هو الإطار القانوني للمخول لهم تقديم الطلب و دور المحافظ العقاري ؟

و إلي أي حد استطاع المشرع المغربي تدارك الإشكالات لحماية الحقوق ؟

وللإحاطة بهذا الجانب من الإجراء يستدعي الحديث عن من له الحق في تقديم المطلب والجهة المختصة لتسلمه  (المطلب الأول) أضف إلى ذلك الأعمال المنوطة للمحافظ العقاري في هذا الصدد (المطلب الثاني).

المطلب الأول : أطراف تقديم المطلب وجهة تسلمه. 

سنعالج في هذا المطلب ،الأشخاص الذين يحق لهم تقديم مطلب التحفيظ (الفقرة الأولى) والجهة المختصة أي الجهة المخول لها تسلم المطلب (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : الأطراف و صفتهم


إن أولى الإجراءات لفتح المجال لانطلاق مسطرة التحفيظ العقاري بطلب من المعنيين بالأمر واختيارهم هو وضع مطلب التحفيظ لدى المحافظة العقارية التي يقع في دائرة نفوذها العقار المراد تحفيظه ، ،ويمنع على طالب التحفيظ أن يستجاب لطلب سحبه لمطلب التحفيظ بعد ذلك  

لذلك فالقول باختيارية التحفيظ لا يفتح المجال لأي شخص كان أن يتقدم بمطلب التحفيظ , لذلك نجد أنه لا يجوز تقديمه إلا من لدن الأشخاص الذين تم تحديدهم في الفصول 10 و 11 و12 من ظهير التحفيظ العقاري كما وقع تعديله وتتميمه بالقانون رقم 14,07  وأوردهم على سبيل الحصر وهم :

1- المالك بصفته منفردة أو على الشياع:

بعدما كان المالك يهم الأشخاص الذاتية دون الأشخاص المعنوية في ظل ظ.ت.ع 1913 فإنه في إطار قانون 14،07 ، صار يشمل الأشخاص المعنوية .

" فالمالك هو صاحب الحق الأصلي الذي يرجع له الأمر في طلب تحفيظ العقار "   لذلك فقد ترجع هذه الملكية للشخص الطبيعي والمعنوي ،وبالرجوع إلى الفصل 13 من قانون 14،07 نجد أنه للشخص الطبيعي أو وكيله والشخص المعنوي في شخصية ممثله القانوني تقديم مطلب التحفيظ.

" فإذا كان من غير المتصور ايداع مطالب التحفيظ من طرف الأشخاص المعنوية إلا من طرف ممثلها القانوني ، فإن الأمر على خلاف ذلك بالنسبة للأشخاص الذاتية ،فقد يتقدم به الشخص اصالة عن نفسه أو نيابة عن غيره ،وهو ما اغفله المشرع في نص الفصل 10 من ظهير التحفيظ العقاري الذي وقع تغييره وتتميمه ، إذا نص على المالك ولم ينص على نائبه مع العلم أنه نص عليه صراحة في الفقرة الأولى من الفصل 13 من القانون 14-07 والتي نصت علي ما يلي : " يقدم طالب التحفيظ للمحافظ على الأملاك العقارية مقابل وصل يسلم له فورا مطلب موقعا من طرفه أو ممن ينوب عنه بوكالة صحيحة ،يتضمن لزوما ما يلي..."  

- أما من حيث الشريك في الملك فيحق لمن يملك حصة مشاعة في العقار أن يتقدم بمطلب لتحفيظه في اسمه واسم باقي الشركاء الآخرين شريطة أن يعين أسماء الشركاء و نصيب كل واحد منهم ، إلا أنه باعطاء هذا الحق لاحد الشركاء على الشياع يتطلب وجوبا موافقة باقي الشركاء ،فإذا رفض أحدهم تحفيظ حصته فمن حق الراغب في التحفيظ المطالبة بانهاء الشياع سواء بإخراجه من الشياع أو طلب قسمة العقار وتحفيظ حصته   لذلك فيمكن القول أنه لا يوجد ما يجبر باقي الشركاء على التحفيظ ما دام المشرع منحهم حق الشفعة ،كما أنه على المستوى العملي لا تسجل مثل هذه الحالات التي يتقدم فيها الشريك بصفة منفردة في تقديم مطلب التحفيظ ،بل الشائع هو تقديم المطلب أصالة عن نفسه ونيابة عن باقي الشركاء على الشياع مهما كان نصيب كل واحد منهم ،ويبقى على المحافظ في هذه الحالة التثبت من وجود وكالة صريحة ومفوضة تسمح للشريك بايداع مطلب التحفيظ ومتابعة الإجراءات المسطرية فيما بعد نيابة عن كافة الملاكين على الشياع ، وإلا فان الكافة يكونون ملزمين بحضور كل العمليات المرتبطة بالتحفيظ وهو أمر صعب على المستوى العملي . 

وحقيقة الأمر أنه ما يعاب على الفصل 10 من القانون 07،14 هو عدم اشتراطه ضرورة الحصول على موافقة باقي الشركاء على التحفيظ ،في الحالة التي يتم فيها تقديم مطلب التحفيظ  من طرف احد المالكين على الشياع باسم جميع الشركاء ،إذ يتعين أن يمارسوا بدورهم مبدأ الإختيار في التحفيظ إذا ليس من المنطق أن يجبر  شريكا واحدا باقي الشركاء على التحفيظ وإلا كان أمام خرق مبدأ يقوم عليه اللتحفيظ وهو الإختيارية في التحفيظ .

بالإضافة إلى فكرة جوهرية في هذا الصدد هو أنه " لا وجود لما يمنع لاحد طلاب التحفيظ في حالة تعددهم أن يتعرض على نفس المطلب في الحصة التي يدعي أنها تلقاها من طالب التحفيظ معه تفويتا ".

2- صاحب أحد الحقوق العينية الواردة حصرا:

يتمثل في كل من يملك في العقار حق من حقوق العينية التالية : 

حق الإرتفاق ،حق السطحية ،حق الكراء الطويل الأمد ،حق الزينة،حق الهواء،والتعلية،حق الحبس . 

فبهذا يمكن لاصحاب الحقوق العينية تقديم طلب التحفيظ حسب ما هو مبين ،إلا ان ما يمكن إثارته في هذا الشأن هو أن التحفيظ أو التقييد لهذه الحقوق بشكل مستقل عن حق الرقبة أمر غير مستساغ وغير منطقي حسب بعض الفقه ،إذ كان من الأولي أن يتم تعديل هذه الفقرة بشكل تجعل طلب التحفيظ يقدم من طرف المالك الأصلي مع أصحاب الحقوق العينية أو بموافقة مالك الرقبة ،كما هو الشأن بالنسبة للمتمتعين بالإرتفاقات العقارية ،إذ اقرها المشرع لكن مع ضرورة موافقة مالك العقار،وسواء نشأت هذه الإرتفاقات بالوضعية الطبيعية للأماكن أو بحكم القانون أو باتفاق المالكين. 

إلا أنه يجب الإشارة إلى الإشكال المتعلقة بالصعوبة التي يلاقيها صاحب الارتفاقات حينما يرفض صاحب الملك الموافقة على عملية التحفيظ .

3- الدائن :

نص المشرع المغربي بمقتضى قانون 14.07 المغير والمتمم لظهير التحفيظ العقاري على أنه يجوز للدائن الذي لم يقبض دينه عند حلول أجله ،طلب التحفيظ بناءا علي قرار قضائي صادر لفائدته بالحجز العقاري ضد مدينه . 

وهكذا ،فقد أعطى المشرع المغربي الحق في تقديم مطلب التحفيظ للدائن الذي لم يقبض دينه عند حلول أجله ،إلا انه وإن كان هذا المقتضى قليل الأهمية من الناحية العملية لان ما يهم الدائن بالدرجة الأولى هو حصوله على دينه في أقرب الأجال ،وبالتالي سيفضل بيع عقار مدينه قضائيا و استخلاص دينه ،بدل اللجوء إلى طلب تحفيظ العقار وانتظار انتهاء مسطرة تحفيظه مع ما قد تظهره هذه المسطرة ،من تعرضات ونزاعات حول الملك .

4- النائب الشرعي :

يعتبر النائب الشرعي من بين الأشخاص الذين يحق لهم تقديم  مطلب التحفيظ في اسم القاصر أو المحجور حين تكون لهؤلاء حقوق تسمح لهم بتقديم الطلب لو لم يكونوا محجورين أو قاصرين ،فبعدما كان ظهير التحفيظ العقاري 1913 ينص على الحاجر ، فإنه وملائمة مع مقتضيات المدة 230 من مدونة الاسرة   فإنه تم تجاوز مصطلح الحاجز ليحل محله النائب الشرعي .

وتجدر الإشارة إلى أن الإشكال الذي يمكن أن يطرح في هذا الصدد هو في حالة النيابة الشرعية بالتقديم ،والمقدم له صلاحية تمثيل القاصر أمام القضاء للمطالبة بحقوقه ،لذلك يرى بعض الفقه أنه عند تقديم طلب التحفيظ لعقار باسم قاصر من الضروري موافقة القاضي على ذلك ،باعتبار أن المسطرة الإدارية للتحفيظ قد تكون مهددة بالإنتقال إلى المرحلة القضائية التي يكون فيها القاصر مدعي أو مدعي عليه فإن مهمة المقدم قد تنتهي إما بعزله أو انتقاله أو بزوال أهليته دون اتمام إجراءات التحفيظ ودون علم القاضي بذلك ،مما سيثير صعوبات في اتباع المسطرة وقد يؤدي الأمر إلى توقفها . 

وتجد الإشارة في الأخير كذلك أن هذه الحالات الأخيرة ممن أوكل لهم المشرع المغربي حق تقديم طلب تحفيظ العقار تكاد تنعدم على المستوى العملي ،ذلك جل الطلبات تقدم إما عن طريق المالك الأصلي للعقار أو الشريك في الملك الذي يرخص له الشركاء بتقديم مطلب نيابة عنهم ،بموجب وكالة مفوضة (عرفية او رسمية).

الفقرة الثانية : جهة تسلم مطلب التحفيط.

" إن مباشرة الإجراءات المسطرية للتحفيظ العقاري تعتبر من صميم عمل المحافظ العقاري الذي يعد بحق الساهر الأول على سلامتها وصحتها "  فبالرجوع إلى الفصل 9 من ظهير 12 غشت 1913 ،يتبين ويتضح أن المحافظة العقارية هي الجهة الوحيدة المؤهلة والموكول لها تلقي طلبات التحفيظ ،حيث يقام في كل دائرة محكمة ابتدائية محافظة عقارية 

وقد تم تعديل هذا الفصل بمقتضى القانون 14.07 حيث توخي منه المشرع المغربي التشجيع على التحفيظ وتقريبه من المواطنين ،وهذا ما أكده حينما نص على أنه :" يعين في دائرة نفوذ كل عمالة أو اقليم محافظة أو أكثر على الأملاك العقارية .."  

مما يؤكد أن اختصاصات المحافظات العقارية أصبح بدوره خاضعا للتقسيم الإدراي للعملات والأقاليم شأنها في ذلك شأن المحاكم الإبتدائية ،وبذلك فإنه في ظل قانون 14.07 أصبح بالإمكان إقامة محافظة أو أكثر في نفس العمالة أو الإقليم .

وهذه النقطة ممكن أن تطرح إشكال يتعلق بالإختصاص المكاني للمحافظات العقارية ،وذلك عندما يتعلق الأمر بعقار يمتد ليشمل محافظتين متجاورتين ،هنا ما هي المحافظة المختصة في تلقي طلبات التحفيظ ؟وهل يجب تقديم مطلبين للتحفيظ يتعلق بكل جزء من العقار تبعا لحدود كل محافظة ؟

وفي هذا الإطار يرى جانب من الفقه  ،أن تقديم طلب التحفيظ إلى المحافظة العقارية التي يقع في دائرتها أكبر جزء سيكون أقرب إلى الصواب بالنسبة لطالب التحفيظ ،غير أنه في هذه الحالة سيكون المحافظ ملزما بالحصول على موافقة المحافظ العام قصد القيام باجراءات التحديد في الجزء الذي لا يخضع لنطاق محافظته ،وهذا الحل سيمكن من اتباع المسطرة لدى جهة واحدة .

المطلب الثاني : الأعمال المنوطة بالمحافظة العقاري.

لقد عهد المشرع المغربي للمحافظ العقاري بعدة مهام من أهمها النظر في طلبات التحفيظ والقيام بجميع الأعمال المؤدية إلى تحفيظ العقار في اسم صاحبه . 

ومن بين اهم القرارات التي تصدر عن المحافظ على الأملاك العقارية والتي تؤثر بشكل على طلب التحفيظ تلك .......في رفض وإلغاء مطلب التحفيظ ،ولما لهذه القرارات من أهمية ،نجد أن المشرع المغربي قد طوق عنق المحافظ على الملكية العقارية بمسؤولية مشددة حرصا على حقوق الأفراد التي ترتبط بقرارات المحافظ ارتباطا وثيقا وتفاديا للأضرار التي قد تنجم عن ذلك والتي قد تصل إلى حد ضياع حق الملكية أو الحقوق المرتبطة بها.

وتجدر الإشارة إلى أن غالبا ما يتم  الخلط بين الإلغاء والرفض ،إلا انه قد انتبه المحافظ العام إلى وجود اختلاف بين المحافظتين حول الموضوع فأصدر الدورية عدد 383 بتاريخ 16/12/2010.

قصد توضيح النصوص القانونية وتوحيد العمل الإداري ،وذلك بضرورة " التمييز بين قرار إلغاء مطلب التحفيظ الذي نص عليه الفصلين 23 و 50 من ظهير التحفيظ العقاري ،وقرار رفض التحفيظ الذي تم التنصيص عليه في الفصلين 37 و 96 من نفس الظهير    لذلك سنتطرق إلى مسالة الرفض والإلغاء (الفقرة الأولى) والقبول من طرف المحافظ العقاري (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : الرفض والإلغاء .

إن إيداع مطلب التحفيظ بمصلحة المحافظة العقارية يعد نقطة البداية لسريان المسطرة ،وأن اتخاد قرار التحفيظ وتأسيس الرسم العقاري رهين بسلامة الإجراءات وكفاية الحجج , مما يعني أن الحصول على رسم عقاري ليس بالأمر اليقين بقدر ما هو أمر احتمالي  ,لذلك فطلب رفض ادراج المطلب يتم بداية وبمناسبة تقديمه ولاول مرة عند عدم توفره على الشروط المطلوبة (أولا) أما الإلغاء فيأتي بعد ايداع مطلب التحفيظ أي بعد قبوله وبعد أن تتخد المسطرة مجراها الطبيعي (ثانيا). 

أولا : رفض مطلب التحفيظ.

إن اتخاذ المحافظ العقاري لقرار الرفض يجب أن يستند عل اسباب مشروعة ،وإلا كان قراراه تعسفيا وقابلا للطعن ,وكلما تبين للمحافظ أن طلب التحفيظ المقدم في شكل مطبوع خاص يعتريه نقص أو لاحظ أنه لا يستوفي الشروط الواجبة قانونا ،فإنه يرفض إيداع وإدراج مطلب التحفيظ ،وذلك إلى حيث تدارك النقص الحاصل في البيانات ، مما يجب استكمال النقص الموجود في الملف من طرف طالب التحفيظ ،وبعد ذلك يقدم طلبه للإيداع بالمحافظة العقارية . 

فبالرجوع إلى مقتضيات القانون 14.07 المغير والمتمم لظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري نجد أنه ينص على ما يلي: يجب على المحافظ الأملاك العقارية في جميع الحالات التي يرفض فيها طلبا للتحفيظ أن يعلل قراره ويبلغه لطالب التحفيظ  .

فالملاحظ أن لهذا الفصل ميزة تكمل في الزام المحافظ بشكلية تعليل قرار الرفض وتبليغه لطالب التحفيظ حتى يتسنى له ممارسة حقه في الطعن ،وذلك أمام المحكمة الابتدائية التي تبث فيه مع الحق في الاستئناف والنقض .

ومن بين التساؤلات التي ممكن أن تطرح وتناقش هو سبب تراجع المشرع عن تحديد الحالات المشمولة بقرار الرفض في النسخة الجديدة ،والحال أنه في النسخة القديمة كان يذكر هذه الحالات والمتمثل في :

- حالة عدم كفاية الحجج 

- حالة عدم صحة الطلب 

- حالة صدور أحكام قضائية عن قضاء التحفيظ في شأن التعرض الوارد على المطلب .

إلا أنه يتبين  أن المشرع في النص الجديد فتح مجال واسع أمام المحافظ العقاري قصد اعمال السلطة التقديرية بشان الحالات المستوحية لقرار الرفض دون تقييده ،وباعتبار أن رفض التحفيظ إنما جاء بعد تعذر اتخاد هذا القرار من لدن المحافظ ،استنادا إلى وقوفه على وجود عيب في بعض الإجراءات المقررة بمقتضى   القانون أو عدم شرعية الطلب أو عدم كفاية الحجج المدلى بها ،وذلك عملا بمفهوم المخالفة لمقتضيات الفصل 30   من القانون 14.07.

ثانيا : إلغاء مطلب التحفيظ.

إن المشرع المغربي حدد لنا حالات على سبيل المثال المذكورة في الفصل 23 وفتح المجال أمام المحافظ على الأملاك اتلعقارية في الفصل 50 لتكييف الحالات التي تستوجب إلغاء المطلب لعدم تتبع الإجراءات المسطرية على مطلب التحفيظ خلال الثلاثة اشهر الموالية لتسلم رسالة من طرف المحافظ .

وتجدر الإشارة أنه يجب التمييز بين قرار إلغاء المطلب وبين مقرر إلغاء عملية التحديد الذي يلغي عملية التحديد دون أن يشمل كافة الطلب , فبالرجوع إلى الفصل 23 من القانون 14.07 نجده يذكر الحالات المشمولة بقرار الإلغاء وهي :

 عدم حضور طالب التحفيظ أو من ينوب عن اشغال التحديد ،وعدم قيام طالب التحفيظ بما يلزم لاجراء عملية التحديد كمثل عدم إدلاء النائب بالوكالة تثبت توكيله ،والحالة الأخيرة هي تعذر انجاز عملية التحديد من طرف المحافظ أو نائبه مرتين متتاليتين بسبب نزاع حول الملك .

لكن بالرجوع إلى الواقع العملي نجد أنه لا يتم العمل بما هو وارد في الفصل 23 ،حيث نجد الممارسة الميدانية درجت على حفظ مطلب التحفيظ كلما نص المحضر علي عدم اجراء عملية التحديد بسبب غياب طالب التحفيظ  ،ويؤدي إلى توقف تلقائي لمسطرة التحفيظ ،إذ لا يتم استئنافها من جديد إلا بعد أداء طالب التحفيظ لرسوم التحديد مرة ثانية أو ثالثة حسب التوالي .

وفي هذا الصدد أصبحت المحافظات العقارية تعيش حالات يكون فيها المحافظ العقاري مجبرا على اتخاذ قرار إلغاء مطلب التحفيظ ،وهي حالات التحديدات السلبية المتكررة دون عذر ،ذلك ما يعبر عن عدم الجدية في متابعة المسطرة ،ومثل هذا السلوك يقوم سندا قويا لإلغاء المطلب طبقا للفصل 50  وعلي طالب التحفيظ يقع وزر تماطله وحده  .

وما يلاحظ في الفصل 50 في مسألة التبليغ هو التجاوب الضعيف للمصالح الخارجية مع تعليمات الإدارة بهذا الخصوص ،ذلك جل المراسلات تقوم على يد السلطة وذلك لعدم كلفته المادية كما هو الحال عن طريق البريد أو بالنسبة لعون المحافظة .

الفقرة الثانية : القبول. 

إن قبول مطلب التحفيظ من أهم القرارت الإيجابية التي يتخذها المحافظ العقاري لصالح طالب التحفيظ ، فبمجرد اتخاد قرار القبول واداء واجبات مطلب التحفيظ يصبح العقار في وضعية متميزة عن الوضعية القديمة فيصير عقارا في طور التحفيظ ،لتبدأ بذلك مسطرة التحفيظ بشأنه قيم بمجموعة من الإجراءات، وكذلك علي طالب التحفيظ أن يرفق طلبه بجميع رسوم التملك ومختلف الوثائق التي من شأنها أن تعرف بالحقوق العينية المترتبة على العقار ،

ويعد التحقق من مستندات المطلب من الاختصاصات الأهلية الموكولة للمحافظ على الأملاك العقارية ،وهو اختصاص يدخل في اطار اجراءات المسطرة الإدارية للتحفيظ التي يشرف عليها المحافظ سواء انتقلت إلى المسطرة القضائية في حالة قيام النزاع حول التحفيظ أو انتهت إداريا بتأسيس الرسم العقاري ،

والإجتهاد القضائي المغربي لم يظهر موقفا واضحا بصدد تحقق المحافظ العقاري من مستندات مطلب التحفيظ إلا بعد انتشار ظاهرة مطالب التحفيظ التعسفية أو الكيدية ،ومن ثم ذهبت محكمة الإستئناف بالرباط في قرارها إلى ضرورة ارفاق مطلب التحفيظ بالمستندات المؤيدة وتمديد رقابة المحافظة لتشمل حتى هذه الوثائق .

وفي نفس السياق أصدر المحافظ العام مذكرة موجهة للسادة المحافظين يحثهم على ضرورة إجراء رقابة دقيقة على كل الوثائق والمستندات تطبيقا لقواعد الرقابة الواردة في قانون التحفيظ العقاري وهو ما يعني إثارة مسؤولية المحافظ بخصوص اغفال أو عدم مراقبة مؤيدات مطلب التحفيظ وذلك على غرار مسؤوليته المنصوص عليها في الفصل 72 من قاون التحفيظ العقاري كما عدل وتمم بقانون 14.07. 

لذلك فالمحافظ على الملكية العقارية الذي يجب عليه بمقتضى القانون بان يتحقق من هوية وأهلية صاحب مطلب التحفيظ ,لما يحرص المحافظ العقاري على تسلمه البيانات الدقيقة والمعلومات المتعلقة بالحالة المدنية لطالب التحفيظ.

إلا أنه لا يجوز الإدعاء بان مراقبة هذا الموظف الإداري يجب أن تمتد إلى تحقيق جميع الظروف الخارجية التي لم يبينها طالب التحفيظ نفسه والتي من شأنها أن تغير أهليته ،(كحالة الإفلاس مثلا) وعليه فبمجرد ايداع مطلب التحفيظ يتعين عليه المحافظ داخل أجل عشرة أيام أن يحرر ملخصا يتضمن مشتملات المطلب  .

ويخضع لعملية .....واسعة ،كالنشر بالجريدة الرسمية إذا تتجلى أهمية الإشهار في تمكين الجمهور وكل من له مصلحة من ابداء ملاحظاته وتقديم تعرضاته ،وقد صدرت مذكرة إدارية رقم 559 بتاريخ 3 فبراير 2006 موجهة للسادة المحافظين تفيد بضرورة توجيه خلاصة مطلب التحفيظ للنشر بالجريدة الرسمية خلال خمسة ايام من تاريخ ادراجه تجنبا لحلول تاريخ التحديد قبل نشرها .

وقد حدد القانون 14.07 أجلا يتعين تبليغ فيه رئيس المحكمة الإبتدائية وممثل السلطة المحلية ورئيس المجلس الجماعي الذي يقع العقار في دائرة نفوذه وهو عشرون يوما قبل التاريخ المعين للتحديد ،مقابل إشعار بالتوصل.  

وفي الأخير نقول أنه يتعين على المحافظ العقاري أن يحرص على أن تتضمن مطالب التحفيظ البيانات الواردة في الفصل 13 من القانون 14.07 بكل دقة وتفصيل وأن يولى كفاية العقود و المستندات المدعمة للمطالب المذكورة أهمية قصوى لا تقل في شيئ عن الأهمية التي يوليها لنفس هذه العقود وهو بصدد إصدار قرار التحفيظ .

                        من خلال دراستنا لهذا الموضوع تم التطرق إلي مجموعة من النقط التي تدخل في مسطرة التحفيظ العقاري طبقا لقانون 14/07 المعدل للظهير الشريف ل 12 غشت 1913 , انطلاقا من الأطراف التي خول لها المشرع المغربي حق تقديم طلب التحفيظ إلي الوكالة الوطنية  للتحفيظ العقاري و المسح العقاري و الخرائطية  في شخص المحافظ العقاري الذي له دور مهم في مسطرة التحفيظ العقاري , حيث تم الوقوف علي مجموعة من الإشكالات سواء القانونية أو العملية و محاولة معالجتها عن طريق استعمال المنهج التحليلي. 


- المراجع :


المراجع  المعتمدة :


   - قانون رقم 14,07 


  - امال جداوي ،المؤسسات المتداخلة في مسطرة التحفيظ العقاري , اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ...وجدة ،2012/ , 2013


- مجلة القبس المغربية للدراسات و القانونية و  القضائية , مجلة علمية محكمة نصف سنوية ,تعني بنشر الابحاث و الدراسات القانونية و  القضائية و كذا الفقهية ذات الصلة , قراءة في النظام العقاري الجديد , ع :  الثالث , يوليوز 2012, ص : 221  _ إبراهيم يحضيه: "الإشكالات العملية في مسطرة التحفيظ الإداري"، – رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية والاقتصادية والإجتماعية – مراكش –، 2014/2015   - قانون رقم 14,07 

   - حياة تدارت ،مستجدات المسطرة الإدارية للتحفيظ العقاري في ضوء القانون 07، 14 ,  ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص , جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية , مراكش , 2011/2012, ،


   - عمر أزوكار،التحفيظ العقاري في ضوء التشريع العقاري وقضاء محكمة النقض ،الطبعة الأولى , 2014 

   - مدونة الحقوق العينية .

   - ادريس الفاخوري ،نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون14.07 مطبعة المعارض الجديدة ctp الرباط ،طبعة 2013 ، 

   -  بصري هشام ،مسطرة التحفيظ وإشكالاتها العملية ،الطبعة الأولى ،2013 , 

   - محمد خيري " قضايا التحفيظ في التشريع المغربي المساطر الإدارية والقضائية " دار نشر المعرفة – الرباط – الطبعة :  5 ،2009،ص : 152  

   - بونبات محمد بن احمد  ، نظام التحفيظ العقاري في ضوء القانون رقم 07/14                                                المطبعة و الوراقة الوطنية ,الطبعة الثالثة ,2012 

  - بصري هشام ،مسطرة التحفيظ وإشكالاتها العملية ،الطبعة الأولى ،2013

   - ابراهيم يحصيه ، الإشكاليات في مسطرة التحفيظ الإدارية , – رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية والاقتصادية والإجتماعية – مراكش –، 2014/2015 

 -  عبد الرحيم ديكار ،الطعن في قرارات المحافظ ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ـ،جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والإجتماعية ،مراكش السنة الجامعية 2008-2009 , ص:  14 

   - بصري هشام ، مسطرة الاتحفيظ وإشكالاتها العملية ،م.س., ص:  94

   -  عبد العزيز أزيزا ،إلغاء مطالب التحفيظ ورفضها بين النظرية و التطبيق ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،جامعة محمد الأول ، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية  ،وجدة ،2007/2008,  ص : 22-23 


- موقع الكتروني : 

  القانون العقاري: مطلب التحفيظ العقاري - الناجمويب

 , تم الاطلاع عليه بتاريخ : 23/05/ 2017 , علي الساعة : 15:35

المدونة القانونية الشاملة
المدونة القانونية الشاملة