اشار المشرع في الفصل 2 من قانون الالتزامات والعقود الى اركان العقد وحددها كالآتي:
- الأهلية للإلتزام.
- تعبير صحيح عن الإرادة يقع على العناصر الأساسية للالتزام
- شيء محقق يصلح لأن يكون محلا للالتزام.
- سبب مشروع للالتزام.
والملاحظ هنا ان المشرع المغربي جعل الأهلية ركنا من اركان العقد، والصحيح حسب ما اجمع عليه الفقه هي انها شرط لصحة الرضاء.
بالاضافة الى الأركان التي اشار اليها الفصل المذكور هناك ركنان اخران وهما ركن الشكل في العقود الشكلية والتسليم في العقود العينية.
المبحث الاول: الرضاء
الرضاء هو اتفاق ارادة او اكثر على احداث اثر قانوني ولكي نعتد بهذا الرضاء لابد ان يستجمع شروط صحته التي هي الاهلية وسلامة إرادة المتعاقدين من العيوب.
- المطلب الاول: وجود الرضاء
اذا كان الرضاء هو توافق ارادتين او اكثر على احداث اثر قانوني معين فان ذلك يحصل عن طريق صدور ايجاب يتضمن عرضا موجها الى شخص معين وصدور قبول من هذا الاخير مطابقا للعرض الذي صدر عن الموجب واقتران القبول بالإيجاب.
وقد يحصل احيانا ان يتم التعاقد لا بواسطة المتعاقد نفسه بل قد ينيب عنه شخص اخر للقيام بذلك
كما كما قد يسبق عمليه ابرام العقد النهائي مرحله تمهيد له كما في الوعد بالتعاقد.
- الفقرة الاولى: التعبير عن الارادة
لم يشترط المشرع المغربي شكلا خاصا للتعبير عن الإرادة، فقد يكون صريحا او ضمنيا كما قد يستخلص احيانا من مجرد السكوت.
- أولا: التعبير الصريح والضمني
1- التعبير الصريح:
قد يكون هذا التعبير باللفظ او بالكتابة او بالاشارة المتداوة عرفا وهكذا فهز الراس عموديا يفيد الموافقة وافقيا يفيد الرفض، أو بإتخاذ موقف لا يدع مجالا للشك على نية المتعاقد، كوقوف سيارة الاجرة في المكان المخصص لها دليل على رغبة صاحبها في التعاقد.
2- التعبير الضمني:
هو الذي يدل عن الإرادة بطريقة غير مباشرة، لكن الظروف التي تتم فيها تفسيره على انه تعبير عن الارادة، ومثال ذلك ان يبيع شخص شيئا عرض عليه ليشتريه فيستدل من ذلك قبوله لشراء هذا الشيئ.
أو اذا بقي المستأجر المستأجر في العين المؤجرة بعد انتهاء عقد الإيجار حيث يعتبر ذلك قبول ضمني منه بتجديد الإيجار.
- ثانيا: هل يعتبر السكوت تعبيرا عن الارادة؟
يعتبر السكوت موقفا سلبيا ولهذا فلا يمكن له ان يكون تعبيرا عن الايجاب، لأن هذا الاخير هو عرض صادر من الموجب لشخص اخر، والسكوت لا يمكن ان يستخلص منه هذا العرض، لهذا فلا مجال للبحث فيما اذا كان السكوت يصلح تعبيرا ضمنيا عن الايجاب.
ولهذا فالتساؤل الذي يطرح، هل يمكن اعتبار الشخص الذي وجه اليه الإيجاب وسكت تعبيرا ضمنيا عن القبول؟
القاعدة في هذا الصدد هو ان السكوت لا يصلح تعبيرا عن الإرادة وذلك طبقا للقاعدة الفقهية "" لا ينسب لساكت قول"" وهذه القاعدة يفرضها المنطق السليم، لأن القول بغير ذلك سيجعلنا نفرض على الشخص ان يرفض كل ما عرض عليه وإلا اعتبر قابلا وهذا فيه عنث و احراج له ومساس بحرية الاشخاص.
وإذا كان الفقهاء قد وضعوا هذه القاعدة الأصولية، فإنهم وضعوا لها استثناء بقولهم "" السكوت في معرض الحاحة الى بيان بيان"" اي عتبروا السكوت قبولا عندما تكون هناك ظروف يستخلص منها هذه الدلالة، وهذا ما يطلق عليه بالسكوت الملابس.
ومن تطبيقات هذا الاستثناء ما تم التنصيصعليه في الفصل 25 من ق. ل.ع.
الفقرة الثانية: توافق الارادتين
لصحة التراضي لا بد من توافق الارادتين معا، ويتم ذلك عن طريق صدور ايجاب من احد الأشخاص، يوجه الى شخص اخر يعرض عليه رغبته في التعاقد، وان يصدر عن هذا الأخير قبول مطابقا تماما لما جاء في الإيجاب.
اولا: الإيجاب
الإيجاب هو ذلك العرض الحازم الذي يتقدم به شخص معين الى اخر يتضمن رغبته في ابرام عقد معين وفق شروط معينة.
فقد يوجه الاجابه الى شخص معين بالذات كما لو عرض بلال على عصام بيع عقار له وقد يوجه الايجاب الى اي شخص كما في حاله التاجر الذي يعرض بضاعته للبيع وقد كتب عليها ثمنها.
ويجب ان يتضمن الايجاب طبيعه العقد المراد ابرامه كما يجب ان يتضمن العناصر الأساسية للعقد.
فاذا لم يتضمن هذا الاجاب لجميع العناصر الاساسيه للعقد فاننا لا نكون بصدد ايجاب بل امام دعوة الى التعاقد، كما لو عبر شخص عن رغبته في بيع عقار له ولكن دون ان يحدد ثمن البيع.
اما عن القوة الملزمة للايجاب فإن الاصل ان للموجب الحق في الرجوع عن ايجابه في اي وقت طالما لم يقترن به القبول، او ما دام الطرف الاخر الذي وجه اليه الإيجاب لم يشرع في تنفيذ العقد حسب ما ينص عليه الفصل 26 من ق. ل. ع
غير انه استثناءا من الاصل يكون الايجاب ملزما لصاحبه في الحالتين التاليتين:
* الحالة الاولى:
عندما يكون الايجاب مقترنا باجل للقبول يجب على الموجب هنا الابقاء على ايجابه الى ان ينصرم هذا الاجل حسب الفصل 29 من ق. ل. ع الذي جاء فيه "" من تقدم بإيجاب مع تحديد اجل للقبول بقي ملتزما تجاه الطرف الآخر الى انصرام هذا الاجل ويتحلل من ايجابه اذا لم يصله رد بالقبول خلال الاجل المحدد""
* الحالة الثانية :
عندما يكون الإيجاب قد تم عن طريق المراسلة دون تحديد اجل فهنا يكون الموجب ملزما بالابقاء على ايجابه طيله المدة اللازمة لوصول قبول يكون قد صدر في وقت مناسب وفي ظروف عادية ما لم يكن الموجب قد ابلغ الموجه اليه الايجاب بان يكون رده على الهاتف مثلا، وانه لن ينتظر الوقت الذي تستغرقه المراسله العادية حسب ما ينص عليه الفصل 30 من ق.ل.ع.
- ثانيا: القبول
القبول هو التعبير عن الارادة من جانب من موجه اليه الايجاب يتضمن الموافقة على شروط الموجب، وبعد صدور هذا القبول مطابقا تماما لما جاء في الإيجاب ينعقد العقد، وبخلاف للقاعدة الفقهية التي تقضي بانه ""لا ينسب لساكت قول"" فإنه يمكن التعبير عن القبول بالسكوت كما نصالمشرع المغربي على ذلك في الفصل 25 من ق. ل. ع، بشأن الايجاب المتعلق بمعاملة سابقة بدات فعلا من الطرفين كما قد يقوم الشروع احيانا في تنفيذ العقد مقام القبول وذلك عندما تكون طبيعة المعاملة او العرف لا يتطلبان هذ ا الرد ومن الامثلة على ذلك "" ان يدخل شخص ابنه المريض الى المستشفى ويكلف طيبا لإجراء عملية جراحية له، فهنا مجرد شروع الطبيب في التحضير لهذه العملية يعتبر قبولا منه"".
ولكي يكون القبول صحيحا وينعقد به العقد لابد من توفره على شرطين أساسيين :
* الشرط الأول : ان يكون مطابقا للايجاب
يجب ان يكون القبول مطابقا تماما لما جاء في الايجاب فإذا تضمن هذا القبول زيادة او نقصان او تعديل في محتوى الإيجاب او اذا علق الموجه اليه الايجاب قبوله على شرط، فإن ما صدر عنه لا يعتبر قبولا، بل رفضا للايجاب القائم وايجابا جديدا موجها الى الموجب الاول ومثال ذلك" فلو ان شخصا عرض على شخص اخر بيع سيارته بثمن معين وقبل هذا الاخير شرائها بثمن اقل من الثمن المحدد فهنا لا نكون امام قبول وانما امام ايجاب جديد موجه الى الموجب الاول".
* الشرط الثاني : ان يتم قبل سقوط الايجاب
يجب ان يصدر هذا القبول في وقت يكون فيه الايجاب ما زال قائما فلو ان شخص حدد لإيجابه مدة معينة فان القبول ينبغي ان يتم داخل هذه المدة.
واذا كان الشخص الذي وجه الايجاب حاضرا ولم يحدد مدة معينه لإيجابه فينبغي هنا ان يصدر القبول فورا اي قبل ان ينفض مجلس العقد.
واذا تم الايجاب بواسطة الهاتف وجب ان يصدر القبول قبل انتهاء المكالمة الهاتفية طبقا للفصل 23 من ق. ل. ع.
الفقرة الثالثة: اقتران الإيجاب بالقبول
لكي ينعقد العقد لا يكفي صدور ايجاب وقبول، بل ينبغي ان يقترن هذا الأخير بالإيجاب وبما ان هناك طرقا متعددة للتعاقد، فإن صور هذا الاقتران تختلف باختلاف هذه الطرق، اي حسب ما اذا كان هذا التعاقد قد تم بين حاضرين في مجلس العقد، او عن طريق المراسلة او بواسطة رسول او وسيط وا عن طريق الهاتف.
- أولا : التعاقد بين حاضرين
اذا حصلت التعاقد بين حاضرين، يجب ان يصدر القبول فورا صدور الإيجاب وقبل انفضاض مجلس العقد، وينفض هذا الأخير اذا انصرف الطرفان او احدهما من هذا المجلس، او اذا صرف احدهما او كليهما بشاغل آخر ولو ان مجلس العقظ مازال يجمعهما.
- ثانيا : التعاقد بين غائبين
قد يحصل احيانا ان يتم التعاقد بين غائبين لا يجمعهما مجلس واحد.
وكمثال على ذلك "" ان يرسل تاجر يسكن في مدينة وزان رسالة الى تاجر يسكن في مدينة اكادير يعرض عليه فيها بيع سلعة ما بشروط معينة، فيجيبه هذا الأخير بواسطة رسالة يضمنها قبوله شراء هذه السلعة بالسروط المحددة"
ففي هذه الحالة يطرح التساؤل حول زمان ومكان انعقاد العقد، هل تم في زمان صدور القبول ام في الوقت الذي وصل فيه القبول الى علم الموجب؟
وكذلك الشأن بخصوص مكان انعقاده، هل تم في مدينة وزان حيث صدر القبول ام مدينة اكادير حيث صدر القبول.
وقد برز بهذا الخصوص عدة نظريات وهي: نظرية اعلان القبول ونظرية تصدير القبول ونظرية تسليم القبول ونظرية العلم بالقبول.
وبالرجوع الى مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 25 من ق. ل. ع، نلاحظ ان المشرع المغربي اخذ بنظرية اعلان القبول مع تعليقه شرط واقف وهو وصول الرد بالقبول الى الموجب قبل انصرام الوقت الذي حدد الموجب في ايجابه، او قبل انصرام الوقت المناسب الذي يكفي عادة لوصوله اليه.
- ثالثا : التعاقد بين غائبين بواسطة رسول او وسيط
تنص الفقرة الثانية من الفصل 24 من ق. ل. ع، على مايلي :
"" والعقد الحاصل بواسطة رسول او وسيط يتم في الوقت والمكان اللذين يقع فيهما رد من تلقى الايجاب للوسيط بأنه يقبله""
يتبين من خلال هذه المقتضيات ان التعاقد بين غائبين بواسطة رسول او وسيط يشبه التعاقد بين غائبين بالمراسلة، مما يجعل الأحكام المطبقة بشانهما واحدة.
- رابعا : التعاقد بواسطة الهاتف
يعتبر التعاقد بواسطة الهاتف كالتعاقد بين حاضرين من حيث زمان انعقاد العقد، لأن الحوار يتم بينهما بصورة مباشرة مما يجعل العقد يتم لحظة المكالمة الهاتفية، وفي هذا الصدد يتص الفصل 23 من ق. ل. ع، على ان "" الإيجاب الموجه لشخص حاضر من غير تحديد ميعاد يعتبر كأن لم يكن إذا لم يقبل على الفور من الطرف الآخر.
ويسري هذا الحكم على الإيجاب المقدم من سخص لآخر بطريق التيليفون".
اما بخصوص تحديد مكان انعقاد العقد الذي تم بالهاتف فلم يتطرق اليه المشرع المغربي، ونعتقد بانه كان ينبغي ان يطبق على التعاقد بين غائبين بواسطة الهاتف نفس الأحكام المتعلقة بالتعاقد بين غائبين لا يجمعهما مجلس واحد، والقول بأن العقد عن طريق الهاتف يتم في المكان الذي اعلن فيه من وجه اليه الايجاب قبوله.
- المطلب الثاني : صحة التراضي
لكي يكون الرضاء صحيحا وينعقد العقد يجب ان يكون صادرا من شخص ذي اهلية، وان يكون هذا الرضاء سليما وخاليا من العيوب التي تعيب الإرادة وهي الغلط والتدليس والاكراه والغبن.
* الفقرة الاولى : الأهلية
تنقسم الأهلية الى نوعين؛
- أولا: أهلية وجوب
وتعني صلاحية الشخص لإكتساب الحقوق وتحمل الواجبات التي يحددها القانون، وهي ملازمة له طول حياته ولا يمكن حرمانه منها طبقا للمادة 207 من مدونة الأسرة.
- ثانيا : أهلية الأداء
وتعني صلاحية الشخص لمارسة حقوقه الشخصية والمالية ونفاذ تصرفاته، ويحدد القانون شروط اكتسابها واسباب نقصانها او انعدامها.
والاصل في الشخص انه كامل الاهلية، فلا يعد فاقدا الاهلية إلا بنص قانوني. وهذا ما تم النص عليه في الفقرة الثانية من الفصل 3 من ق ل. ع، ""... وكل شخص اهل للإلزام والإلتزام ما لم يصرح قانون احواله الشخصية بغير ذلك"".
فاذا ادعى المتعاقد انعدام الاهلية او نقصانها وجب عليه ان يثبت ذلك، واذا تمكن من اقامة الدليل على انه عديم الاهلية جاز له المطالبه بالبطلان العقد. واذا اثبت انه كان ناقص الاهلية حق له المطالبة بإبطال العقد.
وفي هذه الحالة لا يحق للمتعاقد الآخر ان يحتج بانه كان يعتقد بأن الطرف الذي تعاقد معه كان كامل اهلية لأنه يجب عليه ان يتحرى عن ذلك حتى يتأكد من صحه التعاقد، وإلا عليه ان يتحمل تبعت تقصيره كما ذهب الى ذلك القضاء المصري.
وتعتبر القواعد المنظمة للأهلية من النظام العام فلا يجوز الاتفاق على منح شخص اهلية لت يمنحها له القانون، او حرمانه من أهلية له الحق فيها.
وهكذا فإذا باع قاصر عقاره والتزم للمشتري بعدم الطعن في البيع عند بلوغه سن الرشد، فإن مثل هذا التعهد يكون باطلا وعديم الأثر.
- الفقرة الثانية : عوارض الأهلية
- اولا : السفه
يقصد بالسفيه حسب مقتضيات المادة 215 من مدونة الاسرة المبذر الذي صرف ماله فيما لا فائدة فيه وفيما يعده العقلاء عبثا بشكل يضر به او بأسرته.
والسفه جعله المشرع عارضا من عوارض الأهلية ويتعين الحجر عليه وتعيين نائب شرعي له، وهذه النيابة الشرعية تكون محصورة على امواله وفق للمادة 233 من المدونة ويتم الحجر عليه بحكم قضائي.
- ثانيا : العته
يقصد بالعته حسب مقتضيلت المادة 216 م. أ، الشخص المصاب باعاقة ذهنية لا يستطيع معها التحكم في تفكيره وتصرفاته، وهذا العارض يكون هو الآخر سببا للحجر على صاحبه، حيث يتولى نائبه الشرعي تسيير شؤونه، وتكون محصورة على امواله فقط بواسطة حكم قضائي.
- ثالثا : الجنون وفقدان العقل
هو اضطراب يصيب القوة العقلية للشخص، ويجعله فتقدا للتمييز، فهو اذن عديم الاهليةحسب ما تنص عليه المادة 217 من المدونة.
وعموما فإن تصرفات ناقصي الاهلية تخضع لاحكام المادتين 225 و 228 من المدونة حيث تكون نافذة اذا كانت نافعة له نفعا محظا وتكون باطلة اذا كانت ضارة له ضررا محضا، اما اذا كانت دائرة بين النفع والضرر فإن نفاذها يتوقف على اجازتها من النائب الشرعي حسب المصلحة الراجحة للمحجور، في الحدود المسموح بها طبقا لاختصاصات كل نائب شرعي.
اما اذا كان المتعاقد عديم الأهلية فإن جميع تصرفاته تكون باطلة بطلانا مطلقا.
المبحث الثاني: المحل والسبب
- المطلب الاول: المحل
يقصد بمحل الإلتزام ما يلتزم به المدين، والذي قد يكون إعطاء شيء(نقل حق عيني) او القيام بعمل او الامتناع عن عمل.
وينبغي توافره على تلاث شروط؛
- الفقرة الاولى: ان يكون المحل مشروعا
ينصل الفصل 57 من ق. ل.ع، على ما يلي:
" الأشياء والافعال والحقوق المعنوية الداخلة في دائرة التعامل تصلح وحدها لأن تكون محلا للإلتزام، ويدخل في دائرة التعامل جميع الاشياء التي لا يحرم القانون صراحة التعامل بشأنها "".
يتضح من خلال مقتضيات هذا الفصل ان المحل يجب ان يكون مشروعا كما يجب ان يكون مما يجوز التعامل فيه، اي ان الاشياء الخارجة عن التعامل لا يجوز ان تكون محلا للالتزام وهذه الاشياء اما ان تكون خارجة عن دائرة التعامل بحكم طبيعتها كأشعة الشمس، واما ان تكون كذلك بحكم القانون الاملاك العامة والمخدرات مثلا.
كما يجب ان لا يكون المحل مخالفا للنظام العام والآداب العامة.
- الفقرة الثانية : ان يكون المحل ممكنا
ينص الفصل 59 من ق. ل. ع على مايلي:
"" يبطل الالتزام الذي يكون محله شيئا او عملا مستحيلا اما بحسب طبيعته او بحكم القانون""، يتضح من خلال هذا الفصل ان المحل يجب ان يكون ممكنا سواء كان يتعلق بالقيام بعمل او بالامتناع عن العمل او القيام بشيء، فإذا كان غير ممكن فلا قيام لهذا الالتزام لأن المستحيل لا يلزم احد.
والاستحال المقصود هنا في هذا الفصل هي الاستحالة المطلقة اي تلك التي لا تقوم بالنظر الى شخص المدين فقط بل بالنسبة للكافه، اما الاستحالة النسبية فهي التي تقوم بنسبه المتعاقد الملتزم فقط ولا تؤثر في قيام الالتزام، وذلك كمن يتعهد ببناء منزل بنفسه والحال انه يجهل اصول البناء او ان يتعهد شخص برسم لوحه معينه والحال انه لا علم له باصول الفن
ففي هاتين الحالتين اذا تعذر على المدين الملتزم تنفيذ ما التزم به كان للدائن الحق في اللجوء الى المحكمة ومطالبة المدين بالتعويض الناتج عن اخلاله بالتزامه، لان هذا النوع من الاستحالة لا يؤثر في صحة العقد.
والاستحالة المطلقة التي تؤدي الى بطلان العقد قد تكون استحالة طبيعية، كمن يلتزم باحياء شخص فارق الحياة، او تكون استحالة قانونية كالتزام محامي باستئناف حكم بعد فوات الاستئناف.
والاستحالة المطلقة التي تؤدي الى بطلان الالتزام هي تلك التي تكون سابقا على ابرام العقل، اما تلك التي تاتي لاحقه له فلا تؤدي الى بطلانه، بل تشكل سببا لانقضائه دون التزام المدين بالتعويض، اذا كان سبب الانقضاء خارج عن ارادة المدين كما لو تعهد فنان برسم لوحه ثم تعرض لاصابة جعلته عاجزا عن الرسم بصفه دائمة.
- الفقرة الثالثة: ان يكون المحل معينا او قابلا للتعيين
ينص الفصل 58 من ق. ل.ع عبى مايلي:
"" الشيء الذي هو محل الالتزام يجب ان يكون معينا على الاقل بالنسبه الى نوعه ويسوغ ان يكون مقدار الشيء غير محدد اذا كان قابل للتحديد فيما بعد ""
فإذا كان محل الالتزام هو اعطاء شيء معين بالذات ففي هذه الحاله ينبغي ان يكون هذا التعيين كافيا كما هو الحال في بيع عقار محفظ حيث حيث ينبغي الاشارة الى رقم رسمه العقاري و عنوان تواجده بالتدقيق و محتوياته، اما اذا كان الشيء غير معين بالذات وهو ما يسمى بالشيء المثلي. فهنا يجب تعيينه بجنسه ونوعه ومقداره ومثال ذلك 10 قناطر من القمح الجيد، ولا يشترط ان يكون المقدر معين بل يكفي ان يكون قابلا للتعيين، كأن يلتزم مورد بتوريد الغذاء الكافي لمدرسة او مستشفى، حيث يتحدد هنا انطلاقا من عدد تلاميذ هذه المدرسة او اسرة هذا المستشفى، اما اذا كان محل الالتزام هو القيام بعمل او الإمتناع عن عمل، فلا بد ان يكون هذا المحل معينا او قابله للتعيين.
فإذا تعهد احد المقاولين ببناء مدرسة وجب ان يتم تعيين هذا البناء او ان يكون على الاقل قابلا للتعيين.
واذا التزم المدين بعدم المنافسة فيجب ان يعين موضوع هذا الالتزام وان يكون الامتناع محددا في الزمان والمكان فإذا لم يكن محل التزام معينا ولم يتم تعيينه انطلاقا من ظروف التعاقد فان التزام المدين يكون باطلا.
- المطلب الثاني: السبب
يقصد به الغرض الذي يريد المدين الوصول اليه من وراء التزامه، ويشترط لصحته توافر شروطه التالية:
* الفقرة الاولى: ان يكون السبب موجودا
تنص الفقرة الاولى من الفصل 62 من ق. ل.ع على ان :
"" الإلتزام الذي لا سبب له او المبني على سبب غير مشروع يعد كأن لم يكن.. ""
فشرط وجود السبب ينبغي ان يكون موجودا اثناء ابرام العقد وان يستمر الى وقت تنفيذه.
ويجب التمييز هنا بين حالة فقدان السبب وحالة عدم ذكره في الحالة الاولى نكون التزام ذكر له سبب ولكنه غير موجود ويكون الالتزام بهذه الحالة باطلا، ومثاله ان يتعهد شخص بمقتضى عقد قرض بأن يرد المبلغ المقترض والحل انه لم يتلقى هذا المبلغ قد وكل ما في الامر انه اكره على هذا التعهد.
اما في الحاله الثانية فاننا نكون امام التزام لم يذكر له سبب حيث يعتبر صحيحا طبقا للفصل 63 من ق. ل. ع الذي ينص على ما يلي: "" يفترض في كل التزام ان له سببا حقيقيا ومشروعا ولو لم يذكر"". وكمثال على ذلك ان يلتزم شخص لاخر بان يدفع له مبلغ من النقود دون ان يشار في العقد الى سبب هذا الالتزام، وهذا الافتراض الذي نص عليه المشرع في الفصل السابق يقوم على اساس قرينة بسيطة يمكن اثبات عكسها، وهكذا فعلى الطرف الذي يدعي عدم وجود السبب او عدم مشروعيته عليه ان يقيم الدليل على ذلك والا بقي مرتبط بالالتزام.
- الفقرة الثانية :أن يكون السبب مشروعا
تنص الفقرة الثانية من الفصل 62 من ق. ل.ع على انه :
"" يكون السبب غير مشروع اذا كان مخالفا للأخلاق الحميدة او النظام العام او القانون""
ومثال ذلك ان يتعهد شهص بدفع مبلغ من المال لشخص آخر مقابل تنازل هذا الاخير له عن دار الدعارة حيث يكون سبب دفع هذا المبلغ غير مشروع.
والملاحظ ان مشروعية السبب تختلف عن مشروعية المحل، فقد يحصل احيانا ان يكون المحل مشروعا والسبب غير مشروع، ومثاله ان يتعهد شخص لآخر بمبلغ من النقود في مقابل تعهد الآخر بارتكاب جريمة معينة، فهنا المحل الإلتزام مشروعا لكن سببه غير مشروع، مما يجعل الالتزام باطلا لا لعدم مشروعية المحل وانما لعدم مشروعية السبب.
- الفقرة الثالثة : أن يكون السبب حقيقيا
يشترط ايضا ان يكون السبب حقيقيا، اي ان لا يكون كاذبا، وقد يعرض المشرع المغربي الى ذلك في الفصول من 63 الى 65 من ق. ل.ع.
ويكون السبب كاذب اذا كان صوريا ومثاله ان يلتزم احد الاشخاص بدفع دين في ذمته على اساس انه قرض والحقيقة انه دين ترتب بسبب القمار.
والعبرة بالسبب الظاهر المشروع الذي ينبغي اعتباره بمثابة السبب الحقيقي الى ان يثبت العكس، وذلك حسب ما ينص عليه الفصل 64 من ق. ل.ع الذي جاء فيه: " يفترض ان السبب المذكور هو السبب الحقيقي حتى يثبت العكس".
واذا تمكن المدين من اثبات ان السبب المذكور في العقد هو سبب غير حقيقي وادعى الدائن ان للعقد سببا اخر مشروع عليه ان يقيم الدليل على ذلك وفقا لمقتضيات الفصل 65 من ق. ل. ع الذي ينص على انه: "" اذا ثبث ان السبب المذكور غير حقيقي او غير مشروع كأن على من يدعي ان للإلتزام سبب اخر مشروعا ان يقيم الدليل عليه ".