أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

القرائن كوسيلة من وسائل الإثبات المدنية

من إعداد : ذ. عبد الخالق الحجوجي خريج ماستر المهن القانونية والقضائية. 




عرف المشرع في الفصل 449 من قانون الالتزامات والعقود المغربي القرائن بأنها "دلائل يستخلص منها القانون او القاضي وجود وقائع مجهولة".

 فالقرائن إذن أدلة غير مباشرة إذ لا يقع الإثبات فيها على الواقعة ذاتها مصدر الحق بل على واقعة اخرى، إذا ثبتت امكن ان يستخلص منها الواقعة المراد اثباتها. 

والقرائن نوعان:

 نوع يستنبطه قاضي الموضوع من وقائع الدعوى المعروضة عليه ويعتبر استنتاجات فردية في حالات خاصة، ونوع يستنبطه المشرع نفسه مما يغلب وقوعه فيتبنى عليه قاعدة عامة ينص عليها في صيغة مجردة.


1)- القرائن القانونية:

نص المشرع في الفصل 450 من ق. ل. ع على ان القرينة القانونية هي تلك التي يربطها القانون بأفعال او وقائع معينة كما يلي:

1- التصرفات التي يقضي القانون ببطلانها بالنظر الى مجرد صفاتها لإفتراض وقوعها مخالفة لأحكامه. 

2- الحالات التي ينص فيها القانون على ان الإلتزام او التحلل منه ينتج من ظروف معينة كالتقادم. 

3- الحجية التي يمنحها القانون للشيئ المقضي به.

 يتضح من خلال هذا النص ان القرينة القانونية هي ما يستنبطها المشرع من واقعة معلومة يحددها للدلالة على امر مجهول ينص عليه، فهي كالقرينة القضائية تقوم على فكرة الإحتمال والترجيح، بل غالبا ما تكون في الأصل قرينة قضائية ثم ينص عليها المشرع. 

غير ان القرينة القانونية تنطوي على خطورة لا توجد بالنسبة للأخرى، ذلك ان المشرع هو الذي يقوم بإستنباط الأولى فينص عليها في صيغة عامة ومجردة، فتصبح قاعدة تنطبق على جميع الحالات المماثلة حتى ولو بدت مغايرتها لحقيقة الواقع في بعض الحالات. 


1.1- حجية القرينة القانونية: 

ان القرينة القانونية تعفي من تقوم لصالحه من اي حجة فهي كالإقرار واليمين، كما انها لا يمكن ان تُعارض او تقبل اي دليل آخر لإعدامها، وهذا ما يقضي به الفصل 453 من ق. ل.ع الذي جاء فيه بأن " القرينة القانونية تُعفي من تقررت لمصلحته من كل إثبات ولا يُقبل اي اثبات يخالف القرينة القانونية". 

2)- القرائن القضائية:

يقصد بالقرائن القضائية تلك القرائن التي لم يقررها القانون القانون،  والذي اناط المشرع للقاضي سلطة تقديرها، وفقا لما نصت عليه الفقرة الأولى من الفصل 454 من ق. ل.ع التي جاء فيها " القرائن التي لم يقررها  القانون موكولة لحكمة القاضي". 


كما نص في الفصل  455 من ق. ل.ع على أنه " لاتقبل القرائن ولو كانت قوية وخالية من اللبس ومتوافقة، إلا إذا تأيدت باليمين ممن يتمسك بها متى رأى القاضي وجوب ادائها ". 

يتضح من خلال هاذين النصين أن القرينة القضائية هي تلك التي تُترك لسلطة القاضي التقديرية والذي يستخلصها من خلال ظروف القضية وملابساتها. 

فالقاضي يستنبط القرينة القضائية من واقعة معلومة في الدعوى ويستدل بها على الأمر المجهول المراد إثباته، فهي تبدو كعلاقة بين واقعتين احدهما ثابتة والأخرى مجهولة، كأن يستخلص القاضي من القرابة بين الأب وابنه صورية التصرف. فالقرابة هنا هي الواقع المعلومة التي على مدعي الصورية إثباتها والصورية هي الأمر المجهول المتنازع فيه، والقاضي يستطيع عن طريق الإستنباط العقلي ان يستخلص من واقعة القرابة قرينة يستدل بها على الصورية.


2.1- حجية القرينة القضائية:

بما ان هذه القرائن متروك لسلطة القاضي والى ذكائه وفطنته فإنه لا يجوز الإثبات بالبينة فهي متساوية معها في المرتبة، كما يجب ان تكون قوية وصريحة، واخيرا فإن القرينة القضائية غير ملزمة وغير قاطعة للإثبات العكس بأي دليل آخر من دلائل الإثبات ، وهذا ما يقضي به الفصل 454 من ق. ل. ع في فقرته الثانية التي جاء فيها " وليس للقاضي ان يقبل إلا القرائن القوية الخالية من اللبس أو القرائن المتعددة التي حصل التوافق بينها، وإثبات العكس سائغ ويمكن حصوله بكافة الطرق".

من خلال هذه المقتضيات يتبين ان للقاضي سلطة واسعة في تقدير القرائن القضائية، إذ يمكنه ان يبني قناعته على وقائع او أقوال ابداها الخصم امام الخبير، او من شهود سمعهم الخبير بإذن من المحكمة، وله ان يستنبط القرائن أيضا من قرار قضائي صدر في دعوى اخرى، بل له ان يتخذ القرينة التي إعتمد عليها من اي تحقيق قضائي او إداري.

والقاضي في عمله له كل الحرية في طريقة تحصيله للقرائن وفهمه لها، ولا يقيده في هذا إلا أن يكون إستنباطه سائغا.

المدونة القانونية الشاملة
المدونة القانونية الشاملة