من اعداد: ذ. عبد الخالق الحجوجي خريج ماستر المهن القانونية والقضائية.
الإقرار هو اعتراف شخص بحق عليه لأخر قصد ترتيب حق في ذمته وإعفاء الآخر من الإثبات.
فالإقرار إذن نوع من الشهادة لأن الشخص المقر يقر بواقعة منتجة لأثر قانوني على عاتقه، اي انه يشهد على نفسه بأن ما يدعيه صاحب الحق هو صحيح.
ولهذا فإنه يشترط فيه وجود الإرادة وخلوها من كافة عيوبها وكذا محل تنعقد عليه، كما يجب ان تكون ارادة المقر جادة في ما قصدته من ترتيب الآثار القانونية الناتجة عن الواقعة التي اعترف بها، فلو صدرت من الخصم او محاميه عبارات تهكمية في صورة إقرار فلا يمكن الأخذ باقواله التي لم يقصد بها سوى الإنكار ولو انها جاءت في صورة إقرار.
والإقرار إما ان يكون قضائيا أو غير قضائيا.
1)- الإقرار القضائي:
عرف المشرع هذا الاقرار في الفصل 405 من قانون الإلتزامات والعقود المغربي بانه "ذلك الإعتراف الذي يقوم به أمام المحكمة الخصم او نائبه المأذون له في ذلك اذنا خاصا".
يتضح من خلال هذه المقتضيات ان وصف الإقرار بأنه قضائي يستلزم ان يتم امام القضاء، وأن يكون أثناء النظر في الدعوى موضوع الإقرار.
كما ينتج الإقرار الحاصل امام قاض غير مختص او الصادر في دعوى اخرى نفس آثار الإقرار القضائي، ويمكن ايضا ان يتحقق هذا الاقرار عن طريق سكوت الخصم عن الاجابة على الاسئلة التي وجهها اليه القاضي صراحة ودون ان يطلب اجلا للإجابة عنها.
كما يعتبر الاقرار الصادر امام هيئة المحكمين اقرار صادر امام القضاء، لأن المحكم يحل محل القاضي في النظر في القضية، اما الإقرار الذي لا يرد ضمن إجراء من إجراءات الدعوى المنظورة فلا يعتبر صادر امام القضاء.
كما لو ورد هذ الإقرار في رسالة وجهها الخصم الى خصمه اثناء نظر الدعوى، وبناء على ذلك لا يعتبر اقرارا قضائيا الذي يقع امام الجهات الإدارية كالمجالس التأذيبية او امام النيابات العامة او الشرطة.
وكما يقع هذا الاقرار من الخصم نفسه يجوز ان يقع من نائبه الماذون له في ذلك اذن خاصا طبقا لمقتضيات الفصل 405 من ق. ل. ع.
وتجدر الإشارة إلى للإقرار القضائي حجة قاطعة على الفصل على صاحبه وعلى ورثته وخلفائه ولا يكون له اثر في مواجهه الغير إلا في الأحوال التي يصرح بها القانون طبقا لمقتضيات الفصل 410 من ق. ل. ع.
ومعنى هذا انه متى توافرت في الإقرار الشروط اللازمة، اصبح إقرارا قضائيا وكان حجة قاطعة على صاحبه فتصبح الواقعة التي اقر بها الخصم في غير حاجة للإثبات، وليس ذلك بالنسبة له فقط ولكن يسري مفعوله على ورثته، فلا يجوز الرجوع فيه حتى ولو ولم يكن الخصم الآخر عالما به. وهذا ما تضمنته الفقرة الأخيرة من الفصل 414 من ق. ل. ع التي جاء فيها "لا يسوغ الرجوع في الإقرار ولو كان الخصم الآخر لم يعلم به".
ولكن هذا لا يمنع من ان يطعن فيه بأنه صوري او انه مشوب بإحدى عيوب الإرادة او بعدم توفر الأهلية، بالتالي فإذا امكن اثبات ذلك قانونا بطل الإقرار ولا يعتبر عندها رجوعا فيه، ولكن الغاء لإقرار باطل.
وتجدر الإشارة الى انه لا يمكن تجزئة الإقرار ضد صاحبه طبقا لمقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 414 من ق. ل ع التي جاء فيها " لا يجوز تجزئة الإقرار ضد صاحبه اذا كان هذا الإقرار هو الحجه الوحيدة عليه".
بمعنى انه لا يجوز ان يؤخذ من كلام المقر ما يضره ويترك مايضره، وهذا ما يعني ان كل اجزاء الإقرار القضائي لها قوة متساوية في الإثبات.
الا ان هذه القاعدة لا يؤخذ بها اذا انصب هذا الإقرار على وقائع منفصلة بعضها عن البعض الآخر او اذا ثبت كذب جزء من الاقرار، او كانت الوقائع ثابتة بحجة اخرى غير الإقرار طبقا لمقتضيات الفصل 414 من ق. ل.ع.
2)- الإقرار غير القضائي:
عرفت الفقرة الأولى من الفصل 407 من ق. ل.ع الإقرار غير القضائي بانه ذلك الاقرار الذي لا يقوم به الخصم أمام القاضي ويمكن ان ينتج من كل فعل يحصل منه وهو منافي لما يدعيه "
فالإقرار غير القضائي اذا هو الذي يحصل بعيد عن مجلس القضاء مهما كانت الظروف التي يحصل فيها، وهو إما ان يكون شفويا او كتابيا، فإذا كان شفويا وانكر من نسب اليه وجب على من يحتج به ان يثبت أولا صدوره من خصمه.
ويخضع في ذلك للقواعد العامة في الاثبات إلا أن ظهير الإلتزامات والعقود إستثنى من ذلك صورة واحدة لا يجوز اثباتها بشهادة الشهود، وذلك اذا تعلق الإقرار بإلتزام يتطلب القانون فيه الكتابة، وهذا ما نص عليه الفصل 413 من ق. ل.ع الذي جاء فيه "لا يجوز إثبات الاقرار غير القضائي بشهادة الشهود اذا تعلق بالتزام يوجب القانون إثباته بالكتابة".
أما إذا كان الإقرار غير القضائي مكتوبا فتكون له قوة الحجة الكتابية بحسب ما إذا كان واردا في ورقة رسمية أو عرفية.